عهد الركود
خلال القرن الثالث عشر اجتاح الشرق العربي المغول بقيادة هولاكو خان، فأمعنوا في معالم الثقافة والحضارة تدميرًا وتخريبًا، الأمر الذي ترك المسلمين في حال تصفها المستشرقة كارين آرمسترونغ باليتم، ففقهاء وعلماء العصر المملوكي لم يكونوا مهتمين بتطوير الفتاوي والاجتهادات الفقهية والعلوم المختلفة بقدر ما كانوا مهتمين بإعادة تجميع ما قد ضاع وفقد منها، لكن على الرغم من ذلك فإن اللغة العربية استمرت لغة مهمة في البلدان الإسلامية، إلا أنها أخذت بالانحسار في شبه الجزيرة الأيبيرية مع قيام القشتاليين بإسقاط المدن الأندلسية شيئاً فشيئًا وقتل أو نفي أهلها المسلمين، كذلك فقد أخذت أهميتها العلمية تتراجع بعد ركود الاكتشافات العلمية العربية، وبدء انتقال شعلة الحضارة إلى أوروبا.
بالمقابل أخذت اللغة العربية تجد موطئ قدم لها، كلغة دين بشكل أساسي، في الأناضول وبلاد البلقان بفضل الفتوحات العثمانية في تلك النواحي، واعتناق عدد من السكان للإسلام، ومن أبرز الأدلّة على انتشار اللغة العربية في تلك الأصقاع الحجة المؤسسة لمدينة سراييفو في سنة 1462، والتي كُتبت باللغة العربية بعد أن خضعت للحكم العثماني. أصبحت اللغة العربية اللغة الرسمية الثانية في الدولة الإسلامية عند انتقال الخلافة إلى بني عثمان، وبحلول القرن السادس عشر كانت اللغة العربية قد استحالت لغة الدين الإسلامي فقط، وقلّت أهميتها بالنسبة للعلوم والآداب، إذ أن العهد العثماني لا يتسم بمنجزات علمية أو ثقافية ذات شأن، كما كان الحال في العهد العبّاسي، وخلال هذا العهد أخذت مسافة الخلاف تتسع بين اللهجات العربية حتى أصبح بعضها غريبًا عن بعض في النطق والتعبير.