إن ما يدور من أحداث فى جميع أنحاء العالم ، ونتابعه فى ترقب جميعا ، ونحن نراجع أنفسنا ونحاسبها ونبحث عن أى خطاء أو جرم قد اقترفنا حتى نصل إلى أن يشتد علينا غضب السماء ، ويرسل الله علينا هذا الوباء، الذى يعجز حتى الأن عن مواجتهة العلم والعلماء ، فكورونا العملاق هو من أوقف هذه الحياة المزيفة التى كنا نعيشها ،المليئة بالمؤامرات والدسائس والنزاعات وعدم وجود حرمة للدماء ،وبالفعل كورونا اوعظ الغرب واوقف الصراعات الطائفية ،ولكنه لم يعظ هذا القرصان أردوغان ، الذى لايزال مصرا على أن يحظى بتصنيف مختلف بين البشر ، فلا واعظ له ، ولا مستثير لأخلاقيات يمكن أن يستدعيها باعتباره على الأقل ينتمي لبني البشر ، ولا حكمة تفرض عليه أن يستجيب لضرورات القدر ، فالكارثة العالمية التي مثلتها جائحة كورونا ، فالعالم كله في واد ، وأغبوغان وجنونه في واد أخر ، فتصرفات هذا الأهوج الذي من المفترض أنه رئيس لدولة كبيرة وشعب يتجاوز عدده ال 80 مليون ، لا تبدو بعيدة عن شخصيته السادية الملوثة بخزعبلات وأوهام لا علاقة لها بالواقع ، فتركيا التي كانت في ذيل قائمة الدول التي أعلنت عن وجود إصابات بكورونا ليست بعيدة أو محمية كما كان يروج إخوان الشيطان زبانية أردوغان من أن يطالها فيروس كورونا ، فبعد الإعلان عن إكتشاف أول حالة إيجابية مصابة بفيروس كورونا فى 11 مارس ، انتشر الفيروس التاجي المستجد بصورة مرعبة ، حيث وصل عدد الإصابات إلى ما يقرب من 30000 ألف مع وفاة أكثر من 600 حالة ، لتتزامن مع توقعات الأطباء بأن يكون السيناريو في تركيا أسوأ مما حدث في إيطاليا التي تشهد فاجعة أخرى بالإنتشار السريع والكبير للفيروس ، مما أسفر عن وفاة الآلاف من المواطنين وسط تحذيرات من حدوث مجاعة في تركيا بسبب عدم إستعداد حكومة أردوغان هذا المهوس بحلم السلطان العثمانلي للفيروس .
ورغم أن العالم أجمع منشغل الأن في كيفية التصدي لجائحة كورونا التي باتت تهدد بقاء البشرية ، ويعمل كل الزعماء على التواصل فيما بينهم برغم الصراعات التاريخية وتضارب المصالح ، ولكن الجميع بدأ ينحى كل ذلك جانبا وأخذ يبحث عن التوحد لمواجهة الوباء ويركنون خلافاتهم ويعلقونها ، حتى يتم التخفيف من أعراض وتداعيات جائحة كورونا ، إلا أن المدعو أردوغان أعجوبة هذا العصر والزمان الذي دائما ما يصر على أن ينحرف خارج القضبان يبدو حالة متفردة في التعامل ، سواء مع الأزمة داخليا أو مع إدارة ملف علاقاته وصراعاته الإقليمية والدولية متمسكا بأفكار التنظيم الدولى للإخوان الإرهابية التى دمرت وافسدت حياة العرب والمسلمين فى كل مكان ، ومازال جنونه يدفعه ويحركه بشكل بات للمراقبين أن كورونا كرست صفة الجنون فيه وفضحته بشكل لم يسبق له مثيل ، فأمريكا والصين وروسيا وغيرها من الدول التي لها صراعات وتنافس تاريخي فيما بينها من أجل النفوذ العالمي أو الاستحواذ على أسواق لتصريف سلعهم ، باتوا يعملون بالتوازي من أجل الحدّ من إنتشار الوباء أكثر فأكثر ، رغم إتهام كل طرف من هذه الأطراف لبعضها البعض أنها السبب في إنتشار الفيروس أو هي من صنَّعته ، حيث يُمكن النظر إلى هذه التقاربات بين هذه الدول على أنها مواقف مسؤولة وتعتبر ما تقوم به من أهم الواجبات الملقاة على عاتقها، وإن كان شكليًا .
فيما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية ” البنتاغون ” ، 28 مارس الماضي ، عن تجميدها لتنقلات العسكريين الأمريكيين كافة حول العالم ولمدة شهرين ، وإلغاء المناورات العسكرية المقررة مع دول حلف الناتو ، في إطار المساعي والتدابير للحد من إنتشار وباء كورونا ، كما وُضعت القوات العسكرية الأمريكية المنتشرة حول العالم في حالة تأهب قصوى في معظم الدول التي انتشر فيها فايروس كورونا ، واتخذت إجراءات عاجلة وتفعيل تدابير الطواريء لديها ، وما ترتب على ذلك من إعادة التأكيد على جاهزيتها للقيام بدورها أو لمساندة السلطات والأجهزة ” المدنية ” في مكافحة الوباء وحفظ السلم والمؤسسات العامة.
إلا أن مشرقنا العزيز الذي ابتلاه الله بنظام إستبدادي إجرامى ظالم لا يهمه مصير الإنسان ولا حتى القضاء على مجتمعات بأكملها ، إن كان بسبب طاعونٍ ما أو جائحة عامة ، أو حتى ضرب هذه المدينة أو تلك المنطقة زلزال ودمرها ، لا يهمه من أمر هذه المدن والناس التي يعيشون فيها ، بأي شيء سوى مصالحه ومدى إستثمار هذا الداء أو المرض أو الجائحة أو حتى هذا الزلزال ، المهم عند هذه الشخصية الاستبدادية المريضة أن يبقى في السلطة ولتذهب المجتمعات للجحيم .
هذا ما نراه عند أردوغان الذي أدرك معظمنا جوهر شخصيته ونفعيته وأنانيته وفردانيته ، حتى بتنا نعلم أنه ليس سوى أداة بيد القوى المهيمنة الدولية ، وسينتهي دوره حينما يتم الإنتهاء من المهام الموكل بها ، ونعلم أيضًا أنه ليس أسوء من أردوغان إلا تلك الجهات الدولية التي تستخدم أردوغان لفرض الفوضى في المنطقة من أجل مصالحها وأطماعها ، ولكنه عالمٌ لا رحمة فيه ولا إنسانية مهما مات من الناس سواء في الحروب والمجاعات أو كما نعيش الأن من الأمراض وخاصة كورونا .
لا فرق البتة بين كورونا وأردوغان وحتى كل من يساند أو يدعم المستبدين من أجل مصالحهم وسلطتهم ، لأن الكل هدفه القضاء على الإنسان أينما كان ، إن كان في أوروبا كما نرى ، أو في أي منطقة من تلك التي تحولت إلى مقبرة جماعية لشعبها ، إن كان بفعل تدخلات أردوغان أو إيران أو كذلك أمريكا ، الكل يقتل ويُهجر ويدمر ويسرق ويهدد وينشر كورونا لترهيب النظم والمجتمعات ليقبلوا الخنوع والاستسلام ، وكل ذلك من أجل الانتقال لنظام عالمي واقتصادي جديد يُشبع نَهم وجشع القوى الإحتكارية العالمية بمختلف مسمياتها الرأسمالية أو ما بعد الحداثوية .
ربما يكون الهدف من كورونا وأردوغان هو تفتيت ما تبقى من قيَّم ثقافية مجتمعية وروابط عائلية في المنطقة ، وجعل الشعوب تتقبل الهجرة والدمار والخراب وحتى الإنتظار من سيجعل من نفسه “المخلص” ، كي يهب لنا الدواء الشافي ، وحينها فقط نكون قد أكلنا الطُعم وأصبحنا فريسة سهلة المضغ بين أنياب الشركات العابرة للحدود والقوميات ، وربما ندخل في مرحلة جديدة من تفتت بعض النُظم والدول في العالم كما نرى الأن في أوروبا التي يتجه نجمها نحو الأفول، وبكل تأكيد لن ينجو المشرق من هذه التحولات والتغييرات والتي ستطرأ عليه ، نتيجة ابتعادنا عن قيمنا المجتمعية والتي كانت السبب عبر التاريخ لتواجدنا وكانت هويتنا التي نفخر بها في كل مكان ، وهذا ما يعمل عليه أردوغان من خلال نشر الخراب والتهجير والقتل بحق الجميع عربا وأكراد وأتراك وغيرهم من الجنسيات الذين قبلوا العمل كمرتزقة تحت عناوين ومسميات مختلفة ” داعش ” وأخواتها ، في الشمال السوري أو في العراق ، أو ليبيا ، أو في الداخل التركي أيضا .
وسوف أستعرض معكم فى الجزء القادم حقيقة الأوضاع الراهنة فى الداخل التركى وسياسات الطاغية أردوغان منذ ظهور العملاق كورونا
فى كل شيء أرى آية تدل على أنه الواحد سبحانه وتعالى الذى أعز من كان له ذاكر وموحد .