يتملل الكثيرون من الجلوس في البيت كإجراء احتزازي لمواجهة وباء كورونا. وتنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي الكثير من الصور والتعليقات التي تصور الجلوس في البيت وكأنه سجن مما يزيد صعوية الأيام وثقلها .ولكن وسط هذه النظرة التشاؤمية الضيقة توجد توجهات جادة لإستثمار هذه الفترة فيما يعود بالنفع على الفرد والأسرة والمجتمع .
وأكثر توجه إرتاحت له نفسي هو نية “عبادة إنتظار الفرج ” التي نشرها موقع “الكومنت المفيد” ضمن مجموعة من النوايا الطيبة الاخرى بلغ عددها 11 نية منها :عبادة عدم ايذاء الناس ، عبادة حفظ أرواح البشر ، عبادة طاعة الله بالأخذ بالاسباب ، عبادة حسن الظن بالله .
ولكي أكون صادقا مع النفس كنت أول مرة أسمع عن عبادة انتظار الفرج من الله. ومع القراءة المتعمقة أعجبني مفهوم معظم العلماء لهذه العبادة الذي يقول :” رُبما يتصور العبد أن انتظار الفرجِ يعني أن يقعد الإنسانَ منتظِرا شيئا يأتِيه من وراءِ الغيب دون بذلِ جهد منه، وهذا خطأ محض، فانتظار الفرج الذي هو عِبادة ليس قعودا ولا استسلاما للواقعِ والظّلمِ، وإنما هو عمل قلبي روحي، وعمل عقلي فكري، وعمل ماديّ حسي، فهو اكتسابٌ للأسبابِ كلِّها في الحقيقةِ. ويرون ان انتظار الفرجِ من الله تعالى ينعِش العبد المؤمن، ويدفعه بقوة إلى إكتساب الأسباب المعينة على تجاوزِ المحنةِ قدر المستطاع.
وهزني جدا رؤية بعض العلماء بأن انتظار الفرجِ يصحبه حسنِ الظن في اللهِ، وصدقِ الرجاءِ وقوةِ الأملِ في الخروج من الأزمات . ويقول أحد الصالحين : استعمِل في كل بلِية حُسن الظن بالله عز وجل في كشفها، فإِن ذلك أَقرب بك إلى الفرج ، وأنشد يقول :
وَإِنِّي لَأَرْجُو اللَّهَ حَتَّى كَأَنَّمَا أَرَى بِجَمِيلِ الظَّنِّ مَا اللَّهُ صَانِعُ
ويجدر بنا ونحن نتحدث عن هذه العبادة ان ننوه إلى توضيح الأزهر الشريف بشأن ما يُتم تداوله على صفحات التواصل الاجتماعي عن حديث منسوب لإبن مسعود يقول :” أفضل العبادة انتظار الفرج من الله عز وجل” بأنه غير صحيح، مؤكدا بأنها رواية وليست حديثًا صحيحًا ثابتًا عن النبي صلى الله عليه وسلم. واضاف الأزهر في صفحته الالكترونية أن من العلماء الذين قالوا بعدم صحة هذا الحديث أبو الفرج بن الجوزي وأبو علي محمد بن أحمد بن الجنيد.
أما عن تجربتي الشخصية فقد استثمرت وقت الجلوس في البيت في القراءة والكتابة . ولمن لم يعتاد القراءة أرى أن يختار أكثر من كتاب ويفضل أن يكون 3 كتب متنوعة الموضوعات ( ديني ، أدبي ، اجتماعي ، علمي ) ويحدد فترة زمنية للإلتزام بإنهاء قراءتها ،مع تحديد وقت للقراءة اليومية لا تقل عن ساعتين.أما علة إختيار أكثر من كتاب حتى اذا مل من القراءة في كتاب يقرأ في الكتاب الآخر. ويفضل أن يكون بجوار القارئ ورقة وقلما كي يسجل تاريخا هاما ، أو إحصائية موثقة ،أو عبارة أعجبته. وسيجد في نهاية قراءة الكتاب رصيدا ثمينا من المعلومات. ويفضل ان يستثمر فترة تجمع الاسرة على الطعام ويسرد لها بعضا من فوائد ما قرأ.
أما الذين لم يعتادون الكتابة فإني احيلهم إلى توصية علماء النفس بالتعبير عن النفس بالكتابة في أوقات الأزمات. ويرون أنه يسهم في التخفيف من القلق والتوتر الذي قد يعاني منه المجبرون على التزام منازلهم وسط أخبار تثير الخوف .
وترى هند البنا استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية أن نستثمر وقتنا في عمل كل الأشياء المؤجلة داخل الأسرة، والتي من الممكن أن تشغل كل أفراد الأسرة مع الوضغ في الاعتبار”أن إحنا مش محبوسين ونأخذ فترة راحة من ضغوط الحياة”.
أما اخصائية علم النفس الاردنية بسمة الكيلاني فترى من الضروري عدم المتابعة المستمرة لأخبار أزمة كورونا وتنصح بالاكتفاء بالساعة واحدة يوميا موزعة على فترات . وتدعو الجالسين في المنازل الى لتركيز على الامتنان، بمعنى الشعور بالرضا والشكر لوجود الكثير من النعم في حياتنا، لأن التركيز على الإيجابيات يساعد على نقل عملية التفكير لدينا من السلبية إلى الإيجابية.
Aboalaa_n@yahoo.com