لطالما انتظرنا وانتظر الناس قدوم هذا الشهر العظيم شهر رمضان المبارك ، مؤملين فيه الرحمة والمغفرة ، مبتهجين بقدومه معبرين عن ابتهاجهم بطرائق مختلفة ، في أجواء ومظاهر بعضها ديني ، وبعضها تراثي ، وبعضها شعبي ، وللناس فيما يعشقون مذاهب ، وقد قالوا ؛ أنت حرٌّ ما لم تضر ، أي أن كل إنسان حرٌّ في تصرفاته ما لم تضر هذه التصرفات بالآخرين . على أن ثمة فرقًا كبيرا و دقيقًا بين حدود الحرية والفوضى ، وبما أن المساحات الرمادية غالبا ما تكون فضفاضة كان لابد من قانون ونظام لضبط حركة الحياة ، حتى لا تتصارع الحريات أو تتجاوز حرية على أخرى بلا حدود ولا ضوابط أو مسارات حاكمة أو فاصلة ، ومن هنا كان رأي أهل العلم بأن رأي الحاكم يرفع الخلاف في المختلف فيه ، وله أن يقيد المباح للمصلحة المعتبرة .
وليسمح لي الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري أن أستعير معنى بعض أبياته في استقبال أحد ضيوف العراق ، حيث يقول :
كنا نريدك لا النفوس مغيمة
فينا ولا خصب النفوس محيلا
لنريك أفراح العراق شماله
وجنوبه وشبيبة وكهولًا
فأنقل المعنى إلى استقبال هذا الشهر العظيم فأقول :
يا شهر رمضان تحية صادق
تتقدم التهليل والتعظيما
كنا نريدك والوباء قد انجلى
لنريك منا أعظم التكريما
وبكل حال قد حللت مُكرَّمًا
ضيفا عزيزا عندنا وكريما
شهر التضرع والتهجد والدُعا
صار الرجاء مُؤمَّلا و عظيما
في الله جل جلاله وكماله
يا رب هَبْنا جنة ونعيما