إن مشروع تنظيم الإخوان الذي ينفق عليه تميم وينفذه أردوغان لن تتوقف محاولات إنجاحه ، فيجب على الجميع عربا ومسلمين الإصطفاف وبقوة فى مواجهة هذا التكتل الإستعمارى ، الذى تكون وتشكل من أجل تحقيق أهداف ومخططات هذه التنظيمات المتطرفة ، التى كانت تستهدف الإستيلاء على ثروات شعوب دول الوطن العربي ، من خلال مخطط ثورات الربيع العربي ، التى افشلها الرئيس عبدالفتاح السيسى ، الأمر الذى جعلهم يتجهوا لتنفيذ الجزء الأخر من المخطط للسيطرة على شمال أفريقيا ونهب غاز المتوسط بدءا من ليبيا ، فالأحداث المتلاحقة الجارية فى ليبيا وتونس تكشف لنا حقيقة تلك المخاطر التى تهدد أمتنا من هذه التنظيمات الإجرامية .
وبرغم تغافل وربما تواطؤ القوى الدولية نثق أن هذا المشروع الإرهابى لن يرى النور ، في ظل تنامي المشاعر الرافضة لهذا المشروع ، الذي يحظى بتمويل سخي من الخزانة القطرية الأميرية ، فالمرحلة الإنتقالية التي أعلنتها القوات المسلحة الليبية منذ قبول المشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية ، ستكون مختلفة كليا على كافة الأصعدة ، خاصة و أن 90% من الليبيين أعلنوا تأييدهم للمشير حفتر ، وأعلنوا تفويضهم للجيش لإدارة شئون البلاد في هذه المرحلة ، وهو ما يؤكد على شرعية هذا الإعلان .
ومن المؤكد أن القائد العام الليبي قام بالتشاور مع عدد من الأطراف الليبية قبل قبول تفويض الشعب ، فالجارة والشقيقة الكبرى مصر بات مشروعها لتأسيس الدولة الوطنية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي ، يحظى بشعبية غير مسبوقة ، تكللها الأمال بإعادة إنتاج التجربة المصرية ليس في ليبيا وحدها ، ولكن في معظم الدول العربية الحالمة بالإستقرار والتنمية ، في ظل قيادة وطنية تعلي مصلحة الوطن العليا فوق كل اعتبار ، الأمر الذي يتناقض ويتضاد مع المشروع الأردوغاني الإرهابي الفاشل .
فالمرحلة الليبية الجديدة سوف تشهد ميلاد كيانات ليبية جديدة ، وستكون وفق إعلان دستوري جديد يحدد ملامح الدولة الليبية ، ويضع حدودا فاصلة لمؤسسات الدولة ، فكما أكد المتحدث العسكري الليبي اللواء أحمد المسماري أن ليبيا تنطلق نحو عصر جديد ، رغم التأكيد على إستجابة المشير حفتر لنصائح الدول الصديقة ووقف إطلاق النار مع الإحتفاظ بحق الرد على أي خرق للمليشيات الإرهابية ، وهو ما يعني تأجيل عملية السيطرة على طرابلس إحتراما لشهر رمضان الفضيل .
ومن المتوقع مشاركة جميع الأطراف الليبية في إدارة البلاد خلال الفترة المقبلة ، وأن يكون هناك ممثلين في الحكم عن كافة المدن الليبية ، وهو ما إقترحه رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح وأيدته موسكو رسميا .
ولاشك أن تأخير إعلان ملامح الإدارة الجديدة ، ربما يتأخر إنتظارا لعملية الحسم في طرابلس ، فالجيش الليبي بات على بعد خطوات من إحكام سيطرته على العاصمة الليبية المختطفة من قبل ميليشيات حكومة فائز السراج ، التي يدعمها أردوغان وتمثل أهم أعمدة مشروعه الذى ينفذه بأيدى المليشيات الإرهابية ، للسيطرة على شمال أفريقيا وغاز المتوسط إنطلاقا من ليبيا .
وقد أعلنت قبائل ليبيا دعمها لموقف حفتر بتفويضه لقيادة البلاد وإسقاط إتفاق الصخيرات ، رغم تضارب المواقف الدولية من إعلان القيادة العامة للجيش الليبي قبولها لتفويض الشعب الليبي ، لأن المجتمع الدولي أشرك أطرافا غير مرغوب فيها في إدارة حكم البلاد ، عندما أقر حكومة فائز السراج دون موافقة الليبيين ، وبالتالي حان الوقت لأن يقرر الشعب الليبيى ما يراه لأنه سيد قراره .
ومن المتوقع أن تحمل الأيام المقبلة تطورا كبير في العملية السياسية والعسكرية في ليبيا على الأرض ، في خطوة ربما تتمكن من خلالها الدولة من القضاء تماما على الإرهاب ، ومن المتوقع أيضا أن تشهد الأيام المقبلة إعتراف بعض الأطراف الدولية بما أعلنه حفتر في ليبيا ، خاصة وأن كل الترتيبات الدولية التي عنيت بالشأن الليبي فشلت ، لأنها كانت بالضد من خيارات الليبيين ، بالإضافة إلى المساومة الواضحة في الموقف الدولي من أردوغان ودعمه المؤكد للإرهاب .
والمراقب للأحداث في ليبيا يدرك جيدا أن مشروع أردوغان الممول قطريا بات في مرمى النيران تذروه الرياح ، لذلك لجأ الثنائي الإستعماري الجديد الي البحث عن فريسة أخرى ، ربما يعوض بها الخسائر المدوية والفضائح التي لم يعد بالإمكان إخفاؤها ، خاصة وأن هناك أرضية خصبة ، يمهدها وجود ظهير إخواني تائه ، يصارع كل التيارات الوطنية التي تقف لمشروعه بالمرصاد ، ونعني هنا حزب النهضة في تونس الشقيقة .
فما كان من الثنائي الإستعماري الجديد إلا محاولة العبث بمقدرات الشعب التونسي ، من خلال مشروعين لإتفاقيتين تجاريتين “مشبوهتين” مع تونس ، مما دفع البرلمان التونسي إلى تأجيل التصويت عليهما ، وصاحبت ذلك إتهامات من النواب لرئيس البرلمان راشد الغنوشي وهو زعيم حزب النهضة الإخواني بإستغلال سلطته ، لتمكين الدولتين من المزيد من التغلغل وإحكام القبضة على الإقتصاد التونسي ، في إطار أجندة سياسية مرتبطة بالمشروع الإخواني في تونس .
واصفين الإتفاقية المطروحة أمام البرلمان بين الحكومة التونسية وصندوق قطر للتنمية لفتح مكتب له بتونس ، وكذلك إتفاقية التشجيع والحماية المتبادلة للإستثمار بين تونس وتركيا بالمرفوضة شعبيا وبرلمانيا ، وشكّكت عبير موسي رئيس كتلة “الحزب الدستوري الحر” في أهداف هاتين الإتفاقيتين وإعتبرت أنهما “مشبوهتان” وتزجّان بتونس في لعبة المحاور والإصطفاف وراء الحلف الإخواني ، وأكدت على خطورة السماح بفتح صندوق لقطر في تونس يتمتع بسلطة كبيرة بحسب نص مشروع القانون ، وكذلك الموافقة على الإتفاقية مع تركيا ، مشيرة إلى أنها إتفاقيات إستعمارية تخدم المصالح القطرية والتركية أكثر من التونسية ، كما أكدت أن تمريرها في البرلمان “سيخول للحلف التركي القطري مع إخوان تونس الهيمنة على السيادة الوطنية ” ، واتّهمت رئيس البرلمان راشد الغنوشي بإستغلال أزمة فايروس كورونا ” ، وخرق القوانين لتمرير مشاريع خطيرة على البلاد دون حسيب أو رقيب ، من أجل فرض هيمنة الحلف التركي القطري داخل تونس ، مشيرة إلى أن جميع الأحزاب داخل البرلمان واقعة تحت تأثيره وسلطته .
فى الوقت الذى أنضم لها النائب عن حزب “تحيا تونس” مبروك كورشيد ، واصفا “تركيا بأنها صاحبة مشروع توطيني إستعماري وإتفاقيتها مخلة بمبادئ السيادة التونسية ، ودعا كورشيد كافة النواب لرفض هذه الإتفاقية لأنها “مضرة بتونس” ، وتسمح مباشرة للمؤسسات وللأشخاص الأتراك بإمتلاك العقارات والأراضي الزراعية فى تونس ، مضيفا أن هذه الإتفاقية أعلى قيمة من القوانين الداخلية التونسية ، التي تمنع الأجانب من الملكية في تونس ، وتنزع إختصاص القضاء التونسي على المستثمر التركي ، وتنزع حق القضاء من الولاية عليه في أي نقطة من النقاط ، مشدّدا على أنها إتفاقية مخلة بشرف تونس وبحقوق التونسيين ، كما إنتقد النائب في البرلمان ورئيس الكتلة الوطنية حاتم المليكي طريقة تسيير البرلمان من طرف راشد الغنوشي قائلا : أنه بات يتعامل مع الجميع وكأنه رئيس جمهورية ، مؤكدا أن “رئاسة البرلمان أصبحت سلطنة الغنوشي التى تصدر القوانين وتقصي النواب .
إن تحذّير الإتحاد التونسي للشغل ، وهو أكبر منظمة نقابية بالبلاد في بيانها ، من إستغلال الظرف الحالى لتمرير مشاريع وإتفاقيات خارجية معادية لمصالح تونس ، وترهن مستقبل الأجيال لصالح إصطفافات وتحالفات أجنبية ، والذى أكد أنّ أيّ خطوة في هذا الاتجاه ستواجه بالرفض الشعبي والتصدّي المدني وقيام الإتحاد بالدعوة لخوض النضالات الضرورية لإسقاطها .
ويبدو أن حلف أردوغان وتميم ، يصر على التواجد في مناطق شمال أفريقيا التي هي جنوب المتوسط بأي ثمن ، ومحاولة زرع الفتن بين شعوب دول المنطقة ، رغم الفشل المتكرر ، خاصة بعد إنهيار المشروع الإخواني في مصر ، إلا أن كل الشواهد تؤكد أن الصخرة المصرية التي تحطمت عليها أحلام أردوغان ، سوف تمتد إلى أرض كل الأشقاء ليتحطم عليها كامل المشروع الأردوغاني التميمي الإرهابي .