الفاجعة .. هي الوصف الذي أطلقته جريدة النهار اللبنانية علي الكارثة التي وقعت والانفجار الرهيب الذي حدث في الرابع من اغسطس في مرفأ بيروت وقضى علي البشر والحجر والأخضر واليابس وأخذ في طريقه كل ماكان واقفا أمامه .. فما حدث بالفعل بشهادة كل اللبنانيين الذين عاشوا الحدث المدمر يفوق الخيال .. والخسائر أكبر من قدرات الجميع وتعويضها صعب جدا خاصة في ظل الظروف الكارثية التي يعيشها اللبنانيون منذ فترات طويلة ولم يكن ينقصهم من الكوارث نائبة جديدة .. ولكنها إرادة الله وقضاءه وقدره ..
والغريب أن الانفجار الرهيب تلاه العديد من الانفجارات المعنوية التي لايقل صداها عن انفجار نترات الأمونيوم – كما قالوا – في المخزن الذي تسبب في الكارثة بمرفأ بيروت .. منها توقيع مجموعة من اللبنانيين علي طلب بعودة الانتداب الفرنسي بعد زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون الي بيروت وتفقده الأثار التي خلفها الانفجار واستماعه الي شكاوي المواطنين المريرة من سوء الأوضاع علي كافة المستويات اقتصاديا وسياسيا ..
وهذا المطلب يمثل انفجارا من نوع آخر فلا معني علي الإطلاق أن يكون الاحتلال هو الحل .. أو أن يكون التفريط في سيادة الوطن تحت مسمي الانتداب وسيلة للخروج من المأزق الذي تعيشه لبنان أو لحل أزمات مهما كانت صعوبتها وتعقيدها ..
وكأن اللبنانيون لم يتعلموا من دروس التاريخ الذي مرت به المنطقة العربية كلها التي عانت اشد المعاناة تحت براثن الاحتلال حتي تخلصت منه بعد تضحيات كبيرة ..
والانفجار الآخر هو المظاهرات والاحتجاجات التي شهدتها معظم شوارع وميادين بيروت وعددا من المدن الأخري مؤكدة علي ضرورة رحيل كل الوجوه التي تقود القاطرة السياسية .. وتحسين أحوالهم المعيشية وكشف المتورطين في انفجار المرفأ .. وتحولت من سلمية الي دموية وقتل فيها متظاهر وأصيب أكثر من مائة عنصر من رجال الأمن الذين حاولوا فض التظاهرات التي تسببت في إشعال النيران بالقرب من مقر البرلمان كما احتل المتظاهرون الكثير من مقرات الوزارات مما أدى إلى مصادمات دموية مع الشرطة التي تمكنت من طرد الكثيرين من بعض الوزارات التي احتلوها وعبثوا بمحتوياتها .. الي جانب الاستقالات المتتالية لعدد من الوزراء الذين شعروا أن الأمور تسير في عكس الاتجاه الذي كانوا يتوقعونه وفقدوا الأمل في أن تنصلح الأحوال أو ان تتحقق بعض المطالب الشعبية التي كانت سببا مباشرا في خروج الجماهير الي الشوارع والميادين من أجل الحد الأدنى من الحياة الكريمة ..
الأحداث المتلاحقة التي تمر بها لبنان جسيمة ولكن طبيعة وتكوين المواطن اللبناني وثقافته هي الرهان الذي يمكن أن ينقذ هذا الوطن الذي ينزف دما ويتحسر عليه الجميع بعد أن تحول الي أطلال ولم يعد حتي الهواء فيه صالحا لكي يتنفس المواطن اللبناني .. والرغبة في الحياة والنهوض من هذه الكبوة بعقل وسواعد المواطن اللبناني الشريف هو الحل وليس اللجوء الي اي تدخل خارجي سواء من الرئيس الفرنسي ماكرون أو غيره خاصة أن الكشف عن الجناة الحقيقين في انفجار مرفأ بيروت سيستغرق وقتا طويلا لأن الاحتمالات كثيرة ومن بينها ماذكره خبير مفرقعات ايطالي أن الانفجار بسبب صاروخ عسكري محترق !!