الروس أصحاب خبرة طويلة في تحضير اللقاحات ومنذ زمن طويل، والرئيس الروسي بوتين نفسه قد أمر بأعطاء أبنته جرعة من اللقاح الجديد دلالة الثقة بالأنتاج المحلي.وهو لقاح خاص ضد فايروس الكورونا قائم على مبدأ تحفيز النظام المناعي في جسم الأنسان، فأذا بزوبعة من الأجسام المضادة (مواد بروتينية) تثار في الدم. كما سيثير اللقاح عددا من خلايا المناعة فيكتسب الأنسان مقاومة يقول الروس عنها أنها قد تمتد لسنتين بعد التلقيح. ثم أن اللقاح والذي يمكن أن يعطى على جرعتين بفارق 21 يوما بين الجرعة الأولى والثانية، قائم على تقنية أستخدام فايروس الأدينو (الغدي) حيث تستبدل شفرات الوراثة فيستغفل نظام المناعة فيظن أن القادم الغازي من مادة التلقيح هو فايروس الكورونا (الكوفيد-19) فيبدأ بالفعل المقاوم وهو نفس المبدأ (استخدام النواقل الفايروسية من نوع الأدينو ) الذي تعمل عليه مختبرات جامعة أكسفورد العريقة في بريطانيا وصولا للقاح المأمول.أذا فلماذا يشكك البعض باللقاح الروسي هذا رغم أن هناك دولا قد تقدمت بطلبات لشرائه وأستعماله؟
لابد من أن نقول أولا أن هناك ما يزيد على 120 مادة لقاح ضد الكورونا اليوم في العالم ولكن ستا منها فقط قد تم تسجيلها بطريقة شفافة وواضحة في السجل العالمي (منظمة الصحة العالمية) لأجراء التجارب التلقيحية ضد الكورونا وهذا اللقاح الروسي ليس من ضمن هذه التجارب الست. ثم أنه وبأعتراف الخبير الروسي نفسه لم تتم تجربة اللقاح في مرحلة ثالثة مطلوبة من أختبارات اللقاحات عشوائيا حيث يشمل الأمر أعطاء اللقاح لعدة آلاف من البشر للتأكد من فعاليته وسلامته وهي هذه السلامة التي نبحث عنها في اللقاحات ماضيا وحاضرا.
تصنيع اللقاحات ليس سباقاً تجارياً أو سياسياً ولكنه إنقاذ للبشرية من مرض فتاك لأهداف إنسانية بطريقة علمية وحتي نكون حيادين نتكلم عن لقاح شركة Gamaleya الروسية. فمن المهم عدم التسرع في الحكم على الامور، ونقدها بموضوعية، ومنح فرصة لفهمها بشكل اكبر من مصادر علمية لا إعلامية. ليكن التركيز والبحث عن (جودة) النتائج البحثية وليس (جنسية) النتائج البحثية، خصوصاً في ظل وجود مؤثرات سياسية من هنا وهناك.
اللقاح الروسي يستخدم قالب من فيروس adenovirus وهو نفس النموذج التصنيعي الذي تستخدمه اوكسفورد البريطانية وجونسون الأمريكية وكانسينو الصينية (خويتنا). يميز اللقاح الروسي انه امتداد لعمل قديم لتصنيع لقاح ضد فيروس الايبولا، اسم اللقاح GamEvac ونشرت نتائجه الأولية عام 2017 ويتوقع أنه يحصل على الموافقة النهائية كأول لقاح لفيروس ايبولا هذه السنة. هذا يعني ان العمل الروسي ليس وليد اللحظة فقد تم تسجيله في ١٨ يونيو الماضي في المكتبة الطبية الأمريكية. تم تسجيله أيضاً واعتماده من وزارة الصحة الروسية (مبكراً لظروف الجائحة) لتطعيم الشعب الروسي، وبدأت المرحلة السريرية الثالثة يوم ١٢ اغسطس على 2000 روسي، وسيبدأ تصنيع ملايين الجرعات في سبتمبر. المقلق أنه تم دمج المرحلتين الاولي والثانية بتجربة اللقاح على ٣٨ شخص فقط ولم تنشر نتائجها. وهناك قلق حول السلامة والفعالية والحيادية في تطبيق المرحلة الثالثة على آلاف البشر.
عند اختراع اي لقاح يجب التحقق من
١- السلامة
٢-الفعالية
٣-الحيادية
السلامة والفعالية معروفة ولكن كيف نضبط الحيادية.
ما معنى:
Randomized double blind placebo control studies
الدراسات العشوائية، مزدوجة التعمية، المضبوطة بمجموعة وهمية عشوائية Randomized بوجود مجموعتين: مجموعة تجريبية تاخذ اللقاح نفسه، ومجموعة ضابطة تاخذ لقاح وهمي placebo control مزدوجة التعمية double blind بمعنى ان المتطوع لا يعرف من اي مجموعة ولا حتى الممارس الصحي الذي يحقنه باللقاح.
أخيراً: اللقاح ليس كالدواء، اللقاح يعطى لملايين البشر الأصحاء فلو تخيلنا وجود خلل في اللقاح ولو بسيط ثم يُحقن في ملايين البشر ستحصل كارثة عظمى أكبر من الفيروس المراد مقاومته. لذا فإن التروي مطلوب ولابد من مشاركة نتائج كل المراحل السريرية ونشرها في مجلات علمية محكمة.
اتذكر قصة عن لقاح شلل الأطفال انه اثناء تصنيع كمية ضخمة منه عام 1955 حصل تلوث عن طريق الخطأ بفيروس البوليوما SV40 وهو من الفيروسات المسببة للسرطان.