كما نوهت من قبل في مقال بعنوان “الفن رسالة”.. يعتبر الفن أفضل وسيلة للحوار الحسي بين المجتمعات منذ القدم وحتى يومنا هذا، فمنه نستطيع بث رسائل مفهومة لكل أصناف البشرية، متجاوزة حدود اللغات التي تنطق بها أمم مختلفة الأعراق والجنسيات.
ولعل أكثر صور الفن شيوعاََ هي “الأغاني”.. تلك المقطوعة الموسيقية ذات الأربع أو خمس دقائق، والتي من خلالها يستطيع الكاتب أو المغني توصيل فكرة أو إحساس معين للمستمع.
والمتابع السوشيال ميديا حالياََ يجد حالة من البهجة بين الشباب تزامناََ مع نزول ألبوم “مولود سنة 80” للمطرب “حمزة نمرة”، وكأنه متشوق لسماع كلمات تعبر عنه وعن حاله، حمزة نمرة وقليل من المطربين إختاروا الغناء بلسان حال الشباب، فهو يشرح تفاصيل وأحاسيس لا يستطيعون البوح بها أو التعبير عنها بكلمات جميلة تبث الأمل في قلوبهم وتدفعهم لخوض معركة الحياة بحماس، إختاروا العوم ضد تيار المهرجانات والكلمات الهابطة وأغاني “النحنحة” والتي غالباََ ما تحقق أرباحاََ أكثر بكثير من نظيرتها من الأغاني الأخرى، ناهيك عن الحفلات وكم الحضور الذين يحضرونها، بعكس جمهور الأغاني الحماسية أو الوطنية.
أغاني عديدة ومؤديين أكثر يملؤوا الآذان والنفوس بثقة مفرطة في النفس، فكيف لشخص في سن العشرين أن يكون “سلطان يا زميلي لوحده حملة”، وعلى أي أساس قال أحد المؤديين “هنمشي الكون على مزاجنا”!
وفي عشية وضحاها أصبحت كل الناس “جامدين ومفيش إلا هما جامدين جامدين..”
كلمات تحمل في طياتها كم هائل من النرجسية تخاطب لا وعي الشباب فتكوِّن عقول فارغة ذات ثقة زائفة بالنفس، ولا أستبعد أن تكوِّن مجرم في المستقبل لكي يثبت لنفسه أنه “سلطان يا زميلي لوحده حملة.. ولازم كل الناس تبعد عنه عشان غشيييم”.
وما دمنا نحن كا مستعين من نحدد نجاح نوعية معينة من الغناء ونساعد في إنتشارها بسماعها، فيجب علينا سماع ما يعبر عنا فعلاََ وليس مريض نفسي ينشر نرجسيته في أغاني كلها بالنسبة لي متشابهة تتخلص في” انا جامد انا روش انا مفيش مني اتنين… “
إسمع اللي بيغنيلك مش اللي بيغني عليك… “