صباح….
لامرأة كانت ترسم الحلم عصافيرا على شباك غرفتها
تطلقها تغرد نهار اشتياق وحفيف ظمأ
تغدو خماصا
وتعود نشوى برحيق المسافة
بين نبضها…
…وأمنيات تسطرها في آخر الليل
حين ميلاد فجرها البكر
امرأة كدست الحب في جِرار شهدها المعتق مذ دهرٍ من الجوى
وواعدت رجلها الغائب أن تفيض فيه نهرا
وفي عينيها خبأت الوجد طوفانا
وعلى أسلاك انتظار شائك
طوت أعوام اخضرار تشتهي ربيع لم يحن موعده
صباح…
لامرأة خاضت دروب التأمل دون كلل
بعثرت خطوها في أزقة الترقب
وغلّقت أبوابها أمام كل غازٍ توهم أنها لؤلؤته
راوغت كل قناص وردت عليه سهمه
مبتسمه لذاك البعيد
ومثقلة بحقائب الصبر ونيران الأسئلة
جثت على تلة الصمت تحصي هزائم لم تنل منها
وتنبىء القادم أنها بكارة الحلم على وهج البياض
أنها نرجسة الهوى خبأتها مواقيت العناق
ورجفة التوق حين دوار
صباح…
لرجل تعثرت به
زجه القدر حين انسياب الموج على شواطىء الضياء
أمسك بيدها واعدا نبضها سحر الأمنيات
رفت….حلقت فيه حيث فضاءات لا مرئية
جالت…. شهقت من فرط اللهفة
منحت …. ضحت
غرست …هطلت
وهبت كل حقول الضوء
وروّت كل مواسم جدبه
جلست تنتظر حصاد الروح المنسكبة حدّ اللاحدّ
والريح تزمجر في عينه
تنبىء عن شىء مرعب
هذا الرجل الرابطها بخيط النار
ليس ال كانت تنتظره
ليس ال يمحو عنها عناء الصبر
ليس يهدهد فيها عصف الآه ورجف التيه
هذا رجل منزوع الرفق
في قلبه تمدد صريم القحط
وبروحه سياط تزداد رعونة
يتلذذ حين يكبلها الحزن
ويمتن لدمع تغرق فيه بليل بارد
هذا الرجل…
ليس تحركه نداءات تتسلسل فيها وتخترق الحد المسموح تجاوزه فتشنقها
رجل لا منفذ له ولا أبواب
مساء..
لامرأة أيقنت ضياع العمر في قبضة نار
وتحلت بالصبر الواهن وهى الاعصار
لامرأة تنضح وهجا رغم رماد الأيام
وملامح طفلة لم تمحها مواجع
ولم يهزمها جفاف مواسمها
مساء..
لرجل اعتاد الصمت وآثر الوجوم
ونادم الصقيع في وسائد تخبىء الأسرار
وعلى طاولة الليل صب التجافي
في كؤوس محفوفة بالتشظي
ثم نام قريرا يعانق الأحلام
لا صباح ولا مساء
لاثنين تعاهدا النفور دون مواثيق تؤكده
لامرأة تحتسي المتاهة كلما جلدها بلمسة
ورجل لا يتقن كيف يحاصرها حين فرار
كيف يحتوي صراخ غير معلن
ويطفىء اشتعال الغضب في غابات الصبار
أين عصافير الحلم ال كانت تغدو خماصا وتعود نشوى بالرحيق
الآن فرت للبعيد
لا صباح ولا مساء
لاثنين لا تشابه بينهما
لكنه القيد الرحيم
أم تراه القتل الرحيم !!