توقف صيقي الكاتب الصحفي الكبير والمهموم بشئون الوطن والمواطنين عن الكتابة لظروف شخصية لعدة أسابيع . ويفكر في إستئناف الكتابة ولكنه متردد . وصارحني أن سبب تردده سؤال طرحه على نفسه وهو : أكتب لمين ؟! ، واستطرد قائلا بنبرة حزينة :” غبت عن الكتابة أسابيع ولم يشعر بغيابي أحد ، ولم يسأل قارئ واحد ممن يتابعون ما أكتب عن سبب الغياب . في الوقت الذي يتهافت فيه ملايين الشباب على متابعة أخبار أصغر لاعب كرة قدم أو فنان ينعق يما لا يفهم ”.
وأجبته على الفور بأن ما تقوله عن سبب توقفك هو أدعى أن يدفعك وأمثالك من الكتاب والمفكرين والمثقفين أصحاب الرؤى الإصلاحية على الإستمرار في الكتابة من أجل استعادة الوعي المفقود لدى غالبية شبابنا . لأن غياب الوعي هو الذي يدفعهم للاهتمام بتوافه الأمور، وتهميش القضايا الرئيسية والحيوية .
وليعلم جميع المحبين والمخلصين لمصر وللأمة العربية والإسلامية أنه توجد مؤسسات دولية وإقليمية ومحلية مهمتها تشويس وخلخلة المجتمعات وخاصة الشباب بالسيطرة على وسائل الإعلام والاتصال والتعليم في إطار حروب الجيل الرابع والخامس . وتعمل هذه المؤسسات على توسيع الإهتمام بالغرائز والشهوات على حساب الدين والقيم والأعراف السليمة. والتشجبع على النزعة الإستهلاكية التي تستنزف الطاقات والأموال على حساب التوجه الانتاجي النافع للفرد والمجتمع .
وتؤسس من أجل تنفيذ هذا المخطط التخريبي الذي يستهدف الوعي الفردي والوعي الجمعي للمجتمع مراكز أبحاث ومدارس وجامعات وصحف ومجلات وقنوات فضائية ، ومواقع ومنصات الكترونية .
وعلينا التوقف طويلا أمام ما يحدث الان لنعرف أنه تم الإعداد له مسبقا منذ سنوات من خلال خطط عمل وضعها على مدار سنوات مفكرين وباحثين وخبراء . ويقول المحلل السياسي الأمريكي النمساوي الأصل ستيفن لوكس في كتابه ( القوة):” لقد أصبح للحرب مفهوم آخر وهو مفهوم القوة وهي كيفية ممارسة القوة بالتأثير في الوعي، وليست الحرب بالجيوش “.
وقد شخص بدقة حالة الحرب التي تتعرض لما مصر وكل المجتمعات العربية والاسلامية الدكتور شادي عبد الوهاب منصور في كتابه (حروب الجيل الخامس.. أساليب التفجير من الداخل على الساحة الدولية) ويشرح فيه توجه الأعداء لسياسة التفجير من الداخل، باعتباره الوسيلة الأمثل لهزيمة الخصوم، وهي ليست قاصرة على الدول، بل صارت تمتد إلى المجتمعات، من دون تحمّل تكلفة كبيرة، على نحو يحقق مقولة الجنرال الصيني والخبير العسكري صن تزو في كتابه (فن الحرب) وهي :”أن تخضع العدو دون قتال هو ذروة المهارة
ويتحمل الكتاب والإعلاميين والمفكرين والمثقفين والمعلمين مسئولية كبرى في فضح هذه المؤمرات وكشف خطورتها ومواجهتها بجرعات فكرية وإعلامية وتعليمية مكثفة لايقاظ الوعي وتصحيح الفهم وتوضيح الرؤية.
وللوفاء بتلك المسئولية العظيمة أذكر الجميع بأمانة الكلمة المكتوبة أو المسموعة أو المرئية، حتى نتحرى الصدق والدقة والإخلاص فيما نقول أو نكتب لأننا سنحاسب عليها إن خيرا فخير وإن شرا فشر . ولنضع نصب أعيننا قول الله تعالى في سورة ( ق ) في الآية 18 : (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ).
وفي الختام أذكرصديقي وكل أصحاب الرؤى الوطنية الإصلاحية من الكتاب والمفكرين والإعلاميين، وكل من يمتهن مهنة الكلمة المكتوبة أو المسموعة أو المرئية ،أننا نكتب لنعذر إلى الله سبحانه وتعالى أننا حاولنا قدر جهدنا قول كلمة الحق والتحذير من المخاطر وتنبيه الغافلين. وندعو الله أن يغفر لنا تقصيرنا يوم الحساب الأعظم ، ( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ) صدق الله العظيم .
aboalaa_n@yahoo.com