العناد معضلة سلوكية أخلاقية ما اتصف بها كائن إلا جلب لنفسه الاستهجان، وتسببت في عدد هائل من المشاكل له ولمن حوله.. فالحيوان عندما يعند يجلب لنفسه الضرب والرفس والجر، والعناد لدى الأطفال – والذي تصيب الوالدين عادة بانهيار عصبي- مرض له أسبابه وأشكاله وآليات علاجه تربويا، وكلاهما يمكن السيطرة عليه والتعامل معه.. أما الزوجة العنيدة فأمرها ليس بهين، إذ تقضي المرأة العنيدة على العلاقة الزوجية وتدمرها ويصل الأمر في كثير من الأحيان إلى تدمير البيت نفسه، ولا أقصد الانفصال المعنوي أو الطلاق إنما أقصد التدمير المعنوي لكل أفراد الأسرة، وربما كان لدى هذه الزوجة عذرها والذي أعتره أقبح من الذنب نفسه
إن انتشار تلك الثقافة التناطحية الغريية التي غزت وتغزو مجتمعاتنا إعلاميا بصورة مباشرة أو غير مباشرة عبر عشرات البرامج والأفلام والمسلسلات التي تظهر السيدة العنيدة كمنتصرة لكرامتها ومعتزة بنفسها، والمحترمة لشخصيتها وإظهارها بمظهر المجاهدة في سبيل الحرية والكرامة وحقوق المرأة، وأسعد حالا من المتعايشات مع ذل الطاعة والراضيات بالفتات والمطيعات لأزواجهن.. إن انتشار تلك الثقافة التناطحية الغريية أصبح نذير شوم على مجتمعاتنا العربية والإسلامية والتي كانت وما زالت آلاف النساء يحببن أزواجهن لاعتبار أن ذلك الحب هو واجب اجتماعي وديني بغض النظر عن كون هذا الزوج يستحق ذلك الحب أو لا، وبغض النظر عن كون هذا الزوج صالح أو طالح، يعطي ما عليه أو يقوم بمسئولياته تجاه بيته أم لا.
إن أي متابع منصف لشأن المجتمعات وتطوراتها منذ عشرات السنين يلاحظ أن أي تركيز على إصلاح أو معالجة لبعض الظواهر الاجتماعية الجديدة الفجة منها في المجتمع بالاعتماد على التجارب الغربية (التقليد الأعمى لبلاد العم سام)، من دون مراعاة لطبيعة المجتمع وعاداته وتقاليده ومبادئه المستمدة في غالبيتها من دياناته ومما تعارف عليه وقبله فئاته المجتمعية إنما عادة ما تبوء بالفشل، وربما ينتج عنها آثارا أسوأ تأثيرا مما إذا ما تركت للمجتمع نفسه وقدرته على الفلترة والتصفية أو رفض أو تهذيب أو وتعديل تلك الظواهر بما يجعلها مقبولة مجتمعيا من الجميع، وهذا لا يكون إلا بعد فترة من انتشار تلك الظواهر ومحاولتها التمكن، وهو ما يستشعره الحس الجمعي للمجتمع فينفر جميعه للتعامل معها بإحدى الطرق سالفة الذكر.