مشروع الخط الملاحي والطريق النهري الاسكندرية – فيكتوريا..واحد من اهم المشرروعات الكبرى بالغة الاهمية ليس لمصر الجديدة فقط ولكن للعديد من الدول الافريقية وخاصة دول حوض النيل.. وهومشروع يحظى بدعم ورعاية خاصة من القيادة السياسية الرئيس السيسي خاصة وانه ناقش اهمية العمل والبدء فيه مع الرئيس الاوغندي يوري موسيفينى منذ سنوات ويحظى بترحيب تسع من الدول الافريقية على حوض نهر النيل.
المشروع استكمال لحلم المصري القديم منذ ايام الفراعنة ومع مرور سنوات التاريخ وتعاقب الحكام في البحث عن وسيلة للربط والانتقال سواء للاشخاص او حركة التجارة بين مصر والدول الافريقية عامة..
قديما كانت الامور غاية في الصعوبة والرحلات النهرية محفوفة بالمخاطر وتستغرق اسابيع وشهورا كثيرة وكانت المستنقعات الهائلة والحيوانات المفترسة والضارية عقبات كؤود ولم يكن لدى احد القدرة على ترويض النهر المتدفق من الجنوب نحو الشمال بقوة كبيرة خاصة ايام الفيضان.
الا ان كل ذلك لم يقف حائلا ومسألة الارتباط المصري باعالى النيل..ليس كمسالة اقتصادية او تجارية ولكن كقضية امن قومي من الدرجة الاولى.. ولم يكن غريبا في العصور القديمة ان يكون مجرى النهر احد اهم ركائز الفكر المصري القديم ومنذ ايام الفراعنة فقد كان السعي الى الاستقرار والتنمية وثيق الصلة بالنهر وتوطيد اركان العلاقات على جوانبه والمناطق المحيطة به.
لذلك دعمت انظمة الحكم في مصر على مر العصور عمليات الاكتشافت الجغرافية لمنابع النيل وكانت واحدة من مهام العسكرية المصرية والجيش القيام بمهام الاستكشاف وفرض الامن وتحقيق الاستقرار في المناطق الجديدة وكان الوجود المصري له تأثيره القوى وكان مرحبا به من كل القوى الافريقية حينئذ بعد ان نجح في اقناع كل الاطراف بانه صمام الامان والقادرعلى مقاومة الظلم ومنع العدوان على القبائل الافريقية والتى كانت تسارع باعلان ولائها وانضمامها تحت الراية المصرية.
المراجع التاريخية المعتبرة تؤكد انه منذ ايام محمد على وحتى الخديوي اسماعيل كان من ضمن مهام الجيش المصري في تلك الفترة الكشف الجغرافي عن مناطق أعالي النيل ومنابعه في وسط أفريقيا لتوسعة نفوذ مصر والسيطرة علي منابع النيل الاستوائية وقام ضباط الجيش المصري بالفعل في الفترة بين عامي1871-1878 باكتشاف مساحات شاسعة من المناطق الأفريقية.
ونجح المصريون في الوصول الى اعالي النيل وبسطوا سيطرتهم الكاملة وكان الخديوي هو الذي يعين الحكام على تلك الولايات الاستوائية وحدثت ازمة كبيرة اثناء الاحتلال البريطاني واضطرت الملكة شخصيا ان تتدخل لدى الخديوي في نعيين حاكم على المنطقة الجنوبية وفى عام ١٨٧٤ تم تعيين جوردون باشا حكمدارا لمديرية خط الاستواء وخان الحاكم الانجليزى العهد وتسبب في ازمات مع الافارقة.
ولم تكن بريطانيا تريد ان يمتد النفوذ المصري ويترسخ بعد ان وصل الى بحيرة فيكتوريا لانها كانت تقرأ حقيقة التوجه المصري وايمانه بان الامن القومي لمصر يبدأ من منابع النيل فحالت دون ذلك بكل السبل وانتهجت سياسة تقطيع الاوصال للملكة المصرية حتى نجحت في نزع المحافظات الاستوائية من النفوذ المصري بل وعملت على انفصال السودان وتقسيم وادي النيل حتة حتة..
الطريق الجديد سيفتح افاقا رحبة للتنمية المستدامة للعديد من الدول الافريقية وسيمنحها منفذا صريحا على البحر المتوسط خاصة اذا عرفنا ان معظم الدول حبيسة وحدودها مغلقة لا تتصل مباشرة بالبحر اوالمحيط ..
طريق فيكتوريا الاسكنرية اورأس البر رشيد اغراء حقيقي لكل المستثمرين من انحاء العالم في مناكق بكر متعطشة لمن ينقب ويستفيد من الخيرات العميمة في مختلف المجالات الاقتصادية
سواء في الزراعة في التعدين والصناعة في التجارة والنقل وتوليد الكهرباء ونقلها السياحة والترفيه وغير ذلك من مجالات مهمة مضمونة العوائد فضلا عن الايدي العاملة الرخيصة والترحيب الافريقي وما يصحب ذلك من تسهيلات وامتيازات مهمة .
في اعتقادي ان اكبر واهم فائدة هي تحويل النهر الى ممر ملاحي نظيف صالح للابحار وهذا يضرب عدة عصافير بحجر واحد لمصلحة جميع الدول وليس دولة واحدة..
فلا يخفى على احد مايحدث على طول مجرى النهر الذي يتجاوز طوله اكثر من 6650 كيلو مترا من اعلى نقطة على بحيرة فيكتوريا في مدينة جنجا باوغندا وحتى يصل الى المصب في البحر المتوسط عند راس البر ورشيد وهناك مسافات كبيرة جدا النهر فيها اشبه بالانسان البدائي يسير بعنفوان شديد ويكتسح امامه قرى وبلدات باكملها وتنقلها تيارات المياة الى اماكن بعيدة في احسن الاحول ان لم تغرقها تماما او تتسب في انسداد المجرى مع الاشجار الضخمة والاحجار من الجبال وغيرها فيرتفع منسوب المياه فتغرق القرى والمدن المجاورة للنهر..
وهنا لابد من الاشارة الى الجهود المصرية الرائعة في هذا الصدد وقد شاهدت بنفسي اعمال عدد من الشركات المصرية العملاقة في اوغندا تحديدا والتى انقذت بالفعل العديد من المدن والقرى التى ضربتها الفيضانات العاتية وتسببت الانسدادات في المجرى العمومي في اوغندا وجنوب السودان في حدوث كوارث انسانية وبيئية .. نجحت الكراكات المصرية والمهندسون المصريون في مواجهة الخطر وفتح منافذ في الانسدادات وسمحت للمياة ان تعبر وتسير في المجرى الطبيعي ..هذا فضلا عما يحدث في مناطق السبخات الشاسعة وما بها من حيوانات قاتلة ومسالك شديدة الوعورة لاتسمح احيانا للاايات بالعمل او المرور..
الجهود المصرية في الانقاذ يمكن ان يكون لها مساهمتها الفاعلة في ترويض النهر وضبط مساراته في مناطق الادغال وهو ما يفتح شرايين حيوية ويضخ المياة المتمردة والزائدة في المجرى الحقيقي بعيدا عن المسطحات الشاسعة التى تهدر فيها المياة بلا فائدة ففضلا عن الاضرار الصحية والاقتصادية يضيع جزء كبير منها في عمليات البخر والتسرب في الغابات والادغال..
زرت منذ عدة سنوات مدينة جنجا حيث توجد نقطة متابعة لمهندسي الري المصريين هناك لمتابعة منسوب السد ونسب التدفقات في المياة من على مقياس اشبه بمقياس النيل الشهير الصورة من هناك اكثر من رائعة من اعلى نقطة على الارض على شاطئ ثاني اكبر مسطح للمياة العذبة في العالم حيث تبدأ رحلة النماء والخير والتى تستغرق 3 اشهر حتى تصل الى المصب.. قيمة اقتصادية هائلة بحريا وزراعيا وصناعيا وسياحيا ثروات موجودة على قارعة الطريق للاسف الشديد يتصارع عليها ويتسارع اليها المستثمرون من الصين والهند والذين اقاموا بالفعل مشروعات كبرى حول البحيرة وغيرها فعلى امتداد البصر تشاهد مزارع الشاي والقصب ومصانع السكر والالكترونيات والحدائق المفتوحة المخصصة لرحلات السفاري الشهيرة..
ورغم ان الوجود المصري هناك هو الاقدم والاسبق والذي يحظى باحترام وحب الا انه للاسف ليس على مستوى الطموحات والامال سواء الافريقية اوالمصرية على السواء.
الخط الملاحي الاسكندرية- فيكتوريا فرصة حقيقية لتصويب اوضاع كثيرة وخطوة مهمة على مسار التنمية الحقيقية للجميع لابناء افريقيا في الداخل والخارج..
والله المستعان..
Megahedkh@hotmail.com