والعلة التي تدعو السلطة التشريعية في مصر التي تتبنى وضع تعريف للإرهاب من شأنه أن يكفل تمييز الأفعال التي تعتبر من جرائم الإرهاب عن غيرها من أفعال مجرمة. وتفسير ذلك أن الكثير من الأفعال التي تعتبر من جرائم الإرهاب هي أفعال مجرمة طبقاً للنصوص العامة في قانون العقوبات ، مثل القتل والجرح وأخذ الرهائن وغيرها ، فإذا أعاد الشارع النص على تجريم هذه الأفعال مرة أخرى بوصفها جرائم إرهاب ، فإنه يجب في هذه الحالة تحديد الضابط الذى يميز هذه الأفعال بهذه الصفة. ولم يكن هناك مفر في هذه الحالة من قيام الشارع بوضع مدلول للإرهاب ، بحيث أنه إذا توافر في الفعل المرتكب ، اعتبرت في هذه الحالة من جرائم الإرهاب.
يهدف مشروع القانون إلى تعديل المادة 36 بحظر تصوير أو تسجيل أو بث أو عرض أية وقائع من جلسات المحاكمة في الجرائم الإرهابية إلا بإذن من رئيس المحكمة المختصة ويعاقب بغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه كل من خالف هذا الخطر ويحكم بمصادرة المضبوطات. أن الإرهاب بجميع صوره وأشكاله يعد خطرا داهما يواجه الدول في السنوات الأخيرة بأنشطة تهدف إلى هدم حقوق الإنسان والحريات الأساسية والديمقراطية، مهددا السلامة الإقليمية للدول وأمنها واستقرارها وخاصة أنه يدار على مستويات تنظيمية إقليمية ودولية من قبل جماعات خارجة على قوانين الدين والأخلاق، ما استدعى ضرورة التصدي له ومكافحته واجتزاز جذوره
أن مشروع القانون يتفق مع أحكام الدستور في مواده 59 و86 و237، ويحقق الحماية للوطن من كافة التهديدات ويضمن الحياة الآمنة والطمأنينة للمواطنين ولكل مقيم على أراضي الدولة. أن الدستور في مادته (237) ألزم الدولة بمواجهة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله باعتباره تهديدا للوطن والمواطنين، وقد صدر قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 بهدف تقرير أحكام موضوعية وإجرائية على النحو الذى يسهم في الحد من مخاطرة.
كما تضمن تعديل المادة (53) من القانون بإضافة النص على السلطة المختصة بإصدار القرارات المنفذة للتدابير إلى القرار الجمهوري الذى يصدر بفرض تدابير لمواجهة الإرهاب في بعض المناطق التي يحددها القرار المشار إليه بالمادة (53)، وذلك كله بهدف مواجهة الأخطار والجرائم الإرهابية من خلال تحقيق المرونة اللازمة في إصدار القرارات المنفذة لهذه التدابير.
ميز الشارع جرائم الإرهاب بوجوب توافر قصد جنائي خاص فيها هو أن يستهدف الجاني بفعله غاية معينة هي “الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر” ، فليس مجرد استعمال القوة أو التهديد يكفى لاعتبارها جريمة إرهاب ، وإنما يجب أن يبتغى الجاني بفعله القصد الخاص على النحو السابق. وهذه الغاية التي نص عليها الشارع تبرز المصلحة التي أراد الشارع حمايتها بالنصوص التي تجرم الإرهاب. وأيا” كانت محاولات هذا الاتجاه في تطوير مذهبة فقد ظل بعيدا “عن المحتوى الأساسي للإرهاب والذي يتجلى في الطابع السياسي للجريمة الإرهابية لذلك أن مشروع القانون يستهدف مواجهة أخطار الجرائم الإرهابية، وبما يكفل استيعاب النماذج المستحدثة في هذا المجال، مستهديا بما أفرزته التجارب الدولية والإقليمية والمحلية من صور النشاط الإرهابي كما أنه يهدف إلى حماية الوطن والمواطنين وكافة المقيمين على أراضي الدولة، وذلك من خلال تحقيق المرونة اللازمة في إصدار القرارات المنفذة للتدابير الواردة بالفقرة الأولى من المادة (52) ومتابعتها والتأكد من الالتزام بها،
بما يضمن فاعلية النصوص القانونية على النحو الذى يحقق الغاية منها إن «مواجهة الإرهاب على كافة المستويات ضرورة وطنية تحتم استخدم كافة الإجراءات المناسبة للمواجهة ولإيقاع الهزيمة به في أسرع وقت وأقل تكلفة، لكن لا يكفي التعويل على الجانب الأمني والقانوني فقط رغم أهميتهما القصوى والبالغة، وفي نفس الوقت ونحن نتحدث عن تعديلات قانون مكافحة الإرهاب فالشارع نص في تعريفه للإرهاب على مجموعة من التعبيرات التي يصعب الوقوف على محتواها أو تحديد مضمونها. كما أن الشارع نص على عدة جرائم جديدة اعتبرها من جرائم الإرهاب
يقوم الأساس المادي في تعريف الإرهاب على السلوك المكون للجريمة أو الأفعال المكونة لها وطبقا” لذلك يعرف الإرهاب بأنه عمل أو مجموعة من الأفعال المعينة التي تهدف إلى تحقيق هدف معين وقد قاد هذا لمفهوم إلى تعريف الإرهاب بالاستناد إلى تعداد الجرائم التي تعد إرهابية دون البحث في الغرض أو الهدف من العمل الإرهابي ونصت المادة الأولى من مشروع القانون على أن يستبدل المادتين 36والفقرة الأولى من المادة (۵۳) من قانون مكافحة الإرهاب الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 2010 بالنصين التاليين:
مادة 36
يحظر تصوير أو تسجيل أو بث أو عرض أية وقائع من جلسات المحاكمة في الجرائم الإرهابية إلا بإذن من رئيس المحكمة المختصة ويعاقب بغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه كل من خالف هذا الخطر ويحكم بمصادرة المضبوطات.
مادة 53 فقرة أولى :لرئيس الجمهورية، متى قام خطر من أخطار الجرائم الإرهابية أو ترتب عليها كوارث بيئية، أن يصدر قرارا باتخاذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام، بما في ذلك إخلاء بعض المناطق أو عزلها أو حظر التجول فيها، على أن يتضمن القرار تحديد المنطقة المطبق عليها لمدة لا تجاوز ستة أشهر، وكذا تحديد السلطة المختصة بإصدار القرارات المنفذة لتلك التدابير
ونصت المادة الثانية: يضاف إلى قانون مكافحة الإرهاب المشار إليه، مادة جديدة برقم ( مكرر32 نصها الاتي: مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر، يعاقب كل من خالف أي من التدابير.
الصادرة وفقا لأحكام المادة (۵۳) من هذا القانون والقرارات الصادرة تنفيذا لتلك التدابير بالعقوبات المنصوص عليها في قرار رئيس الجمهورية المشار إليه بشرط ألا تزيد العقوبة المقيدة للحرية على السجن المشدد وألا تزيد الغرامة على مائة ألف جنيه. وإذا لم ينص قرار رئيس الجمهورية المشار إليه على عقوبات حال مخالفة أي من التدابير الواردة به وكذا. القرارات الصادرة تنفيذا لتلك التدابير، فيعاقب على مخالفة أي منها بالسجن وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه”.
وأخيرا نقول
أن الإرهاب ظاهرة خطيرة في حياة المجتمعات الإنسانية وهو أسلوب متدن للوصول إلى الأهداف فالإرهاب ليست له هوية ولا ينتمي إلى بلد وليست له عقيدة إذ انه يوجد عندما توجد أسبابه ومبرراته ودواعيه في كل زمان ومكان وبكل لغة ودين فالشرعية الدستورية بوصفها الأساس في تحديد شكل التوازن المطلوب بين حماية المصلحة العامة وحماية الحقوق والحريات في الظروف الاستثنائية، تحمي مختلف القيم التي نص عليها الدستور سواء تمثلت في الحقوق والحريات، أو في المصلحة العامة
ولا شك أن العنف والعدوان سلوك يظهر في سلوكيات كثير من البشر ، ويرجع إلى عوامل ودوافع تحركه ، وقد عرف السلوك العدواني والعنف في كل العصور ، وكانت أول صور العنف بين ابني آدم – عليه السلام – عندما تقبل الله من أحدهما ولم يتقبل من الآخر فقتل الخاسر أخاه الرابح حسدا وظلما ، والسلوك العدواني هو ما يقوم فيه المعتدي بإيذاء غيره أو نفسه وغيره معا .
ولفترات التنشئة الأولى في الصغر دور كبير في إكساب وتعليم هذا السلوك ، وقد يصبح مميزا لبعضهم في مرحلة الشباب . وقد يبدأ السلوك التخريبي منذ الصغر في صورة إتلاف الممتلكات ، والمقتنيات أو تشويهها تعبيرا عن عدم الاستجابة للمطالب أو الأنانية ، ويصبح أكثر خطورة حينما يأخذ صورة سلوك جماعي أو عصبة لتفريغ الطاقة ، وحينما يصبح سلوكا مرضيا تنعكس آثاره على المحيطين في الأسرة والمجتمع بل في الدول على مستوى عالمي .
دكتور القانون العام والاقتصاد
وخبير امن المعلومات
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان