إذا وسع المواطن العربى نظرته وعمقها ليستقرىء الحقيقة ويستشفها من مواقف الدول العربية المختلفة ، يتضح له أن الازمات والاخطار التى أصبحت تهدد أمته بسوء المصير ، ما هى الا خلافات سياسية غير مستعصية الحل وان تسويتها بنجاح تتطلب الاتحاد فى المواقف التى تستند الى وحدة الصف ، والرأى ، والكلمة ، والى وحدة العمل ، والتخطيط . وتجتاز الامة العربية مرحلة دقيقة وعصيبة من تاريخها المعاصر ، لم تشهد من قبلها من ظواهر التفكك ، وارهاصات التمزق ، ما تشهده فى هذه الآونة ، اذ تتجاذبها أزمات شديدة ، ومحن عنيفة ، وتتنازعها سياسات مرتبكة المناهج ، الشىء الذى يعكس تدهور السياسة العربية ككل ، ويبين بوضوح علامات تأرجح الانسان العربى بين الشك واليقين ، كل ذلك وسط ضباب كثيف من الابهام والغموض ، ولكنه لا يمنع الانسان الواعى المفكر من رؤية جوانب مشرقة مضيئة ، فى سماء السياسة العربية ، لابد من احترامها ، وتأييدها ، وهى تتمثل فى مبادرات(العرب) الشجاعة ومواقفها الصلبة الحكيمة .. ولكن بعض الساسة العرب قد غضوا النظر عن رؤية هذه الحقيقة ، وعجزوا عن فهم هذه العناصر الهامة ، فجروا شعوبهم الى ساحات الخلاف والنزاع ، والتخبط والضياع . ومن يمعن النظر فى حوادث وأحداث هذه المرحلة المحزنة ، ويتأملها بعين مجردة من التحيز ، والعناد والمكابرة . ولفهم حقائق الامور ، ومعرفة دخائلها .