أعلنت أجهزة وزارة الداخلية عن ضبط عصابة متهمة بتسهيل وإجراء عمليات (الإتجار) بالأعضاء البشرية، تتكون من 10 أشخاص من بينهم ثلاثة أطباء.
ثم فوجئنا ببعض المنشورات على مواقع التواصل الإجتماعى تحذر من (خطف) الأطفال لانتزاع أعضاءهم لزراعتها بالمرضى، وأخرى تحذر المواطنين من (سرقة) أعضاءهم داخل بعض المستشفيات.
.
فى البداية علينا أن نعترف بوجود ظاهرة (تجارة) الأعضاء، فالعديد من عمليات زرع الأعضاء التي تتم في بعض المستشفيات الخاصة تكون عبر تجارة الأعضاء من خلال بعض الوسائط والسماسرة الذين يستغلون حاجة بعض المواطنين الفقراء لكى يوافقوا على بيع عضو من جسدهم مقابل المال ويوقعون على إقرار بالتبرع بالمخالفة للحقيقة، وهذا الأمر بالطبع مجرم قانونا وله عقوبات مشددة، ولكن فى الحقيقة إن المواجهة لا يمكن أن تؤتى ثمارها من خلال التصدى الأمنى وتوقيع العقوبات فقط، فعلى الرغم من وجود عقوبات شديدة مقررة بالقانون إلا أن الظاهرة مازالت منتشرة، وذلك بسبب كثرة أعداد المرضى الذين يحتاجون للأعضاء مقابل قلة الأعضاء المتوفرة عن طريق التبرع الحقيقى، مما يفتح الباب لضعاف النفوس لاستغلال حاجة المواطن الفقير.
.
لكن الحديث عن (سرقة) الأعضاء فهو أمر عجيب وصفه عالمنا الكبير ورائد زراعة الكلى بمصر الدكتور محمد غنيم بأنه خيال علمى ومستحيل حدوثه، ببساطة لأن عمليات الزرع تتطلب إجراء تحاليل كثيرة وتوافق أنسجة قبل إجراء العملية ونتائج التحاليل تظهر بعد أيام طويلة، فى حين أن زراعة العضو يجب أن تتم خلال ساعات محدودة ولا يمكن الإحتفاظ بالعضو لعدة أيام لحين ظهور نتائج التحاليل لأنه سيفسد، وهذا الأمر يؤكده عدم وجود بنوك للأعضاء البشرية على مستوى العالم كله (سوي للقرنية فقط لأنها نسيج وليست عضو)، وبالتالى يستحيل علميا سرقة عضو والاحتفاظ به لحين ظهور نتائج التحاليل ثم إعادة زراعه للمريض، ولا أدرى لماذا لم تصدر وزارة الصحة بيانا رسميا يوضح للمواطنين أن هذه محض شائعات مستحيلة علميا؟
.
أما إذا أردنا الحد من ظاهرة (تجارة) الأعضاء فعلينا النظر للحلول العلمية المطبقة بدول العالم والتى طبقتها بعض الدول العربية المجاورة فنحن لن نخترع شيئا جديدا، فالحل هو فى قيام وزارة الصحة بوضع الضوابط المنظمة لعمليات التبرع بالأعضاء من المتوفين حديثا وإطلاق حملة إعلامية لحث المواطنين على الإقبال عليها، واقترح البعض إقرار محفزات لهؤلاء المواطنين الذين سيسجلون أنفسهم بقوائم المتبرعين مثل المحفزات العلاجية أثناء حياتهم مثلا، بحيث يتم عمل لائحة بأسماء الراغبين في التبرع بأعضاءهم بعد الوفاة ويتم إجراء تحاليل التوافق اللازمة لهم أثناء حياتهم، وعمل قوائم بالمرضي ونوع العضو المطلوب لكل منهم، وعند وفاة المتبرع يكون معلوم أي عضو من أعضاءه يناسب أي مريض فيتم استئصال العضو وزرعه للمريض المناسب طبقا للأولوية، وهنا يمكننا الإستفادة بعدة أعضاء من كل متوفى يتم بها إنقاذ حياة العديد من المرضى دون إضطرارهم لدخول متاهة تجارة الأعضاء، فعند توافر الأعضاء بطريقة مشروعة لن يتم اللجوء للتجارة غير المشروعة.
.
فى النهاية أتمنى توعية المجتمع باستحالة (سرقة) الأعضاء، حتى لا يضحك العالم علينا وهو يرانا نحاول تشويه منظومتنا الصحية دون وعى أو حتى فهم للحقيقة.
كما أتمنى إطلاق مبادرة قومية لزراعة الأعضاء من حديثى الوفاة.