إن الأسرة أول جهة يتعلم منها الطفل فالأسرة وصفتها بحكومة توزع الموارد على أفراد الأسرة وعلى أهمية دور الأسرة في تنمية الطفل والمجتمع،
انه من اهم الدروس التي يجب تعليمها للطفل على سبيل المثال احترام الخدم كأنهم موظفون في المنزل من احترامهم الشخصي لوقت تسلم الراتب وغير ذلك، منوهة إلى أن التنمر مستمر حتى بعد الدوام المدرسي خصوصا مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي.
آفةٌ من آفات المجتمع المعاصر، وهي ظاهرةٌ كثر انتشارها في الآونة الأخيرة، نتيجةً لتراكماتٍ عاشها المجتمع، لابتعاده عن الدّين والأخلاق، وقلّة الوازع الدّيني، وانعدام القيم عند العديد من النّاس. الفساد لغةً: هي إساءة المعاملة، وأيّ شيءٍ ضدّ الصّلاح،
أمّا اصطلاحاً: فهو الاستخدام السّيئ من السّلطة الرّسمية الممنوحة، سواءً في مجال المال العام، أو النّفوذ، أو التّهاون في تطبيق القوانين والأنظمة، أي تعظيم المصلحة الشخصيّة على المصلحة العامّة، والضّرر بالمصلحة العامّة
لعل أخطار الفساد ونتائجه متعددة، وقد لا يكون أخطر نتائج الفساد هدر المال العام والخاص، ولكن الخطر الأكبر هو الخلل الذي يصيب أخلاقيات العمل وقيم المجتمع، ويعَد ذلك خطرًا مباشرًا، حيث تضعف المؤسسات الحكومية والخاصة ويتراجع أداؤها، وقد يكون مفروغًا منه في بعض المؤسسات والمجالات الصحية والتعليمية والخدمات الأخرى ،
حيث تصبح غير قادرة على أداء مهماتها بالشكل الأمثل، وفي النتائج المباشرة فإن الفساد والتهرب الضريبي يزيدان من عجز الموازنة العامة ويضعفان مستوى الإنفاق العام على السلع والخدمات الضرورية، فترتفع تكاليف الخدمات، ومهما يكن تغلغل الفساد وعبقريته،
فإن الاعتقاد بعدم جدوى مكافحته هو ترف يجب تجنبه، فلا يملك المشتغلون بالإصلاح سوى العمل في أي ظرف، وقد تكون أعمال مكافحة الفساد مشروعًا نبيلًا ومرهقًا، ولكنه الخيار الوحيد الذي يبقي جذوة المقاومة والأمل
حتى تكون الأجيال من أبناء الوطن قادرة على اقتناص وتوظيف الفرصة عندما تتهيأ لهزيمة الفساد بعد التمعن في أسباب الفساد ومظاهره في المجتمع والآثار المترتبة على وجوده وانتشاره ، ويوجد ثمة أفكار واقتراحات يمكن العمل عن طريقها لكشف الفساد وتقديره ومعالجته، نؤكد على دور الأسرة المهم في زرع القيم ورفع مستوى المسؤولية في أفرادها لرفض أي نوع من أنواع الفساد على مستوى الفرد والمجتمع.
ان دور الأسرة الأساسي يتمثل فـي ضـمان التربيـة السـليمة للطفـل مـن جميـع النـواحي الجسـمية، الفكريـة، النفسـية، الدينيـة، والسـلوكية، حتـى ينشـأ نشـأة سـوية وإعداده ليكـون عنصـرا فـاعلا فـي مجتمعـه، فالتربيـة التـي يمنحها الوالدان تشكل أول خط دفاعي وأول حصانة ضـد الآفـات الاجتماعيـة التـي سواجها الطفـل فـي حياتـه اليومية خارج البيت. كما أن الأسرة من خـلال حمايـة أفـراد الأسـرة تـدفع عـنهم كـل خطـر يهــدد حيـاتهم، سـواء مـن التصـرفات غير الاجتماعية أو غير ذلك ، وحماية الأفراد من خطر تعـاطي المخـدرات إنمـا يـتم للأسـرة مـن خـلال حـديث الأب مـع أبنائـه وتبصــيرهم بهــذا الخطـر الـداهم، وجـذب انتبـاههم لمواجهـة هـذه المشـكلة المجتمعيـة الخطيــرة بإمـدادهم بـبعض الكتـب والمنشـورات التـي تحـثهم علـى تكـوين اتجاهـات سـالبة نحــو المخـدرات والعقـاقير، وفـي حالـة خطـأ أحـد الأبنـاء وانحرافـه لتعـاطي المخــدرات، علــى الأب أن يصـطحب ابنـه لأقـرب مؤسسـة علاجيـة حينما يشاهد عليه أ يا من السمات التي يمكـن من خلالها الحكم على هذا الابن أنه يتعاطى المخدرات.
ومن خلال وظيفة المراقبة والضبط الاجتماعي.. يمكن للأسرة أن تربي فـي أبنائها مراقبة الله عز وجل ، وأن يتقي الله في أي مكان كان، حيث قال رسول الله ” اتق الله حيثما كنت ” وحينما تكون المراقبة الذاتية هي عنوان الفرد في كـل مكـان وفي سائر سلوكه وتصرفاته، سيتم تنمية الصلة بالله تعالى، والأسرة حينما تحـرص على ذلك فهي تقوي الصلة بين العبد وربه ،
ويكـون بـذلك لـدى الفـرد ســياج منيــع وحصـن شـامخ عـن تعـاطي المخدرات ومن خلال التربية داخل الأسرة عن طريق التعليم غير المقصود يمكن تربية الطفـل علـى الأخـلاق الإسلامية العليا، بأن يكون الوالدان قدوة حسنة لأطفـالهم وبقيـة أفـراد الأسـرة، لأن الناشـئة فـي الأسـرة يتعلمـون عن طريق التقليـد والمحاكـاة لكـل السلوكيات والتصرفات التي يقوم بها الكبار.
وحينما تكون الأسرة قـدوة صـالحة لأبنائهـا ستصـدق أعمالهـا وأقوالهـا، وينشــأ الفتـى فـي بيئـة نقيـة بـإذن الله بعيدة عن الانحراف، وترسم لهم الأسرة بـذلك الطريـق السليم بعيداً عن تعاطي المخدرات والسلوكيات المنحرفة الأخـرى .وكـذلك علـى الأسـرة أن تطهـر دائمـاً البيئـة الاجتماعيـة التـي يعـيش فيهـا الابـن مـن كـل السـلوكيات الخاطئة، وكل ما يسبب ذلك. وقد وجد أن كثيرا جرائم التعاطي المخدرات والانحرافات إنمـا تــتم فــي الأسـر المفككـة التـي تكثـر فيهـا الخلافات العائلية ويحدث فيها الشـقاق بـين الوالـدين والأبناء،
ولكن يمكـن للأسـرة مـن خـلال سـيادة جـو الوفـاق وروح الاطمئنـان والاسـتقرار العـائلي أن تحكـم عمليـة الإشـراف والرقابـة وحسـن التربيـة للأبنـاء، وعلـى الأسـرة بـذلك أن تتخطى أي عقبات أو مؤثرات قد تدفع لحدوث تفكك وشقاق بها حتـى لا تلحـق آثاره بالأبناء. وكـذلك وجـد أن جـرائم تعـاطي المخـدرات إنمـا تكثـر فـي الأسـر التـي يغيـب الأب فيهـا لفتـرة طويلـة خـارج المنزل، سواء في العمل أم السفر للخارج أم غيره،
واذا كان عمر بن الخطـاب رضـي الله عنـه أمـر بـألا يغيـب الرجـل عـن بيتـه حتـى فـي حالـة الحـرب عـن أربعـة شـهور، فبــالأحرى يجـب ألا يغيـب الأب عـن الأسـرة فــي الظـروف العاديـة لهذه المدة، واذا كان من الضروري تغيب الأب مـثلاً للسـفر (وهـو ضـروري اليـوم) فعلـى الأم وبقية أفراد الأسرة من الأجداد والأخوال والأعمام، القيام بـدور المراقبـة وتولي مهام الأب وقت غيابه . وهناك مجموعة من الأمور يجب على الأسرة مراعاتها للوقاية من تعـاطي الأبنـاء المخدرات أهمها :
-يجب أن تودع الأسرة أبناءها على استثمار وقت الفراغ في عمل مفيد .
-يجب على الأسرة ألا تستقدم الخدم للعمل في المنزل قبـل التأكـد مـن حسـن أخلاقهم .
-يجب أن تنمي الأسرة جانب الصدق مع الأبناء والتحذير من الكـذب وعواقبـه الوخيمة.
– يجب أن تشرف الأسرة على اختيار أبنائهم لأصدقائهم ، سواء فـي المنـزل أو المدرسة أو النادي أو غيره.
-يجب على الأسرة أن تتابع الأبناء دراسيا ، خاصة عنـد الرسـوب أو التخلـف الدراسي؟
-يجب على الأسـرة أن تسـتقدم للأبنـاء وسـائل تـرويح مفيـدة ، وكـذلك اقتيـادهم للأنديـة الرياضـية والاجتماعيـة مع المراقبة عليهم
– يجب ألا تتمادى الأسرة في خروج الأم للعمل خارج المنـزل إلا فـي حـالات الضرورة القصوى، كفقد العائل أو ضآلة راتبه مثلاً.
– يجب على الأسرة أن تعود أبناءها على حضور الصلاة في جماعة في المسـجد دائماً من خلال ترغيب وترهيب جيد، حتى يمكن لها أن تقييهم من الانزلاق إلـى الرذيلة والاستجابة لدعاة الشر والفساد من رواد تعاطي المخدرات -كما يجب عليها أيضاً أن تقوي صلة الأبناء بالله والتقرب إليـه لمـلء الفـراغ الروحي لديهم، وأمان يكون ذلك بوجود القدوة الصالحة وأسلوب التربية الرشيد.
ربما لا يوجد واحد لا يشكو من الفساد الاجتماعي العام أو لا يشارك فيه على نحو أو آخر، فالطايح رايح كما يقول المثل، أو كل من تستطيع يده أن تصل إليه يتناوله، وكأن الشعور بالذنب من الغش أو الفساد تبخر، لماذا؟
هذه الحالة العامة من الفساد لم تكن موجودة أو معروفة في مرحلة اقتصاد الكفاف، أو الاقتصاد المختلط الماضية (الفلاحة). كان معظم الناس في أثنائها يعيشون في الريف والبادية، وقلة قليلة في المدن، وكانوا ينتجون معظم ما يحتاجون إليه – إن لم يكن جميعه – من غذاء وماء ودواء. وكان الواحد منهم يبيع الفائض من إنتاجه إلى المدينة. وكانت المدينة تزوده بما يحتاج إليه من المصنوع كالملابس والأدوات الأولية. كانت الأسرة الممتدة منتجة، ونفاياتها تختفي في السياق العام لدورة الطبيعة الحيوية. وكان إشباع الحاجات فصلياً. وكانت الفصول تعلم الناس الإعداد والصبر والانتظار.
ولما كان معظم الناس منتجين، فلم يكن أحد عالة على الدولة أو تحت ضغط شديد ليفسدوا أو يغشوا بعضهم بعضاً. كان الجميع متشابهين – إجمالاً – بالإنتاج والاستهلاك كل حسب بيئته في الريف والبادية والمدينة، وكانت القناعة كنزاً لا يبلى.
الوضع بدأ ينقلب بالثورة الصناعية. وبلغ الانقلاب ذروته بالثورة التكنولوجية، بنتائجهما ووسائلهما. ومن أهمها تحويل الاقتصاد من اقتصاد مختلط إلى اقتصاد نقدي (Cash crops) والزراعة إلى صناعة، تعتمد على 2 % من الطاقة العاملة في أميركا – مثلاً- لإنتاج ما يكفي لبقية السكان وغيرهم كثير في العالم. لقد تحول المجتمع من اقتصاد كثيف العمالة إلى اقتصاد كثيف الآلة/ رأس المال (Capital intensive) وهكذا تغير التاريخ وتغير المجتمع وتغيرت الأسرة من ممتدة إلى ذرية، ومن منتجة إلى مستهلكة. صار على رب الأسرة الذي فقد عمله في الفلاحة (ثم في الصناعة) البحث عن وظيفة في القطاع العام أو القطاع الخاص. كما صارت المرأة مضطرة إلى الخروج إلى العمل المأجور لمعاونة الرجل في تلبية حاجات الأسرة. وبإيجاز: حل الاستهلاك في المجتمعات المتأثرة بالثورتين: الصناعية والتكنولوجية اللتين لم تعرفهما بعد محل الإنتاج. أي أنها أقامت الطابق الثاني (الاستهلاك) قبل قيامها ببناء الطابق الأول وهو الإنتاج (والإنتاجية). وكان لذلك عدة نتائج منها: القضاء على الفصول بوسائط النقل والتبريد، وتوافر السلعة أو الخدمة طيلة العام مما جعل الصبر والانتظار ينفد عند الناس إذا فقدا من الأسواق.
أما النتيجة الثانية ولعلها الأهم فتغطية الدولة غير المنتجة للفجوة الكبيرة بين الإنتاج والاستهلاك بالديون. أما النتيجة الثالثة التي لا تقل أهمية عن السابقة فلجوء مجمل الناس إلى الفساد أو الغش لتغطية كلف استهلاكهم المسعور، وحلول الجشع والطمع والشره محل النزاهة والقناعة.
ومما زاد في حدة الاستهلاك وسعاره تلك الإعلانات أو الدعاية التي تأسر المرء بتحويلها السلعة أو الخدمة إلى حاجة عنده وأنه لا قيمة له إذا لم يحصل عليهما. ولأنه لا يفكر نقدياً فإنه سرعان ما يستجيب للإعلان أو الدعاية التجارية بالتسوق (Shopping). وتزيد الغربة أو العزلة والكدر..
التي يشعر بها ساكن المدينة، فهو لا يعرف جاره في الشقة المجاورة، من حدة التسوق لدرجة أن بعض علماء النفس والاجتماع في أميركا يرون أن التسوق صار يحل محل الأسرة. وتأتي الزيادة السكانية المزدوجة وبطاقات الائتمان وتسهيلات البنوك المالية الاستهلاكية لتفاقم التسوق وتعاظم الاستهلاك.
لعل تحول الاستهلاك إلى ما يشبه الأيدولوجيات الذي تتجاوز به الدولة، ويتجاوز المجتمع والفرد دخلهم هو سبب رئيس من أسباب الفساد والغش، وهما تهديد للحياة الآمنة أو للبقاء الآمن مما يدفع المرء إلى سلب أو نهب كل ما تصل يده إليه حتى لو كان من أبيه أو أخيه أو من جاره، ليشعر بالاطمئنان.
ألا يمكن إعداد الأجيال في المدرسة والجامعة ليكونوا منتجين أولاً. ومنيعين ثانياً أمام الإعلان والدعاية وبحيث لا يقعون في شباكهما، أم أن الاستهلاك شر لا بد منه ؟ لعل البلدان التي تستهلك أكثر مما تنتج، وتستورد أكثر مما تصدر، وتقلد أكثر مما تبدع وتخترع وتكتشف وتنافس، في حكم العبيد مرتين: مرة للسلعة أو للخدمة المستوردة، ومرة أخرى لمنتجيها.
دكتور القانون العام والاقتصاد
وخبير امن المعلومات
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان