قفزة جديدة للأوقاف في العمل الخيري والالتحام أكثر وأكثر بالمجتمع وسعي جاد نحو تحقيق المشاركة الفعلية في تخفيف أعباء الحياة لفئات مهمة في المجتمع واستعادة لدور حيوي كانت الاوقاف من أجله..
الجديد هذه المرة أن القفزة على محورين مهمين أحدهما يهتم بالعقل أوالجانب التنويري..والثاني: يتعلق بالجانب الاقتصادي الاجتماعي بحياة الأسر الاولى بالرعاية ليشكل رافدا قويا على صعيد منهج وسياسة حياة كريمة في كل مكان..
وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة بدا متحمسا بشدة وهو يطلق مشروع صكوك الطعام..الثلاثاء الماضي من مجزر البساتين والذي يتم تنفيذه ابتداء من اليوم الخميس انطلاقا من محافظة القاهرة ثم باقي المحافظات وسيتم توزيع 100 طن لحوم في شهر رجب و 100 طن في شهر شعبان و200 طن لحوم في شهر رمضان وفق ما اعلنه الوزير .
المشروع مختلف تماما عن صكوك الأضاحي وان كانت هناك اوجه شبه..هو دعوة مفتوحة وعملية طوال العام للمشاركة في توفير اللحوم للأسر المحتاجة أو العفيفة.. وليس فقط في عيد الاضحى المبارك..ولعله ايضا تطوير لفكرة موائد الرحمن الدائمة التى تقيمها وترعاها بعض الجمعيات الخيرية في عدد من المساجد الا ان الفكرة الجديدة تقدمت خطوة مهمة في انها ستصل الى المستحقين حتى منازلهم.
د.جمعة اعتبر أن مشروع “صكوك الإطعام” أحد أهم أعمال وزارة الأوقاف في مشروعات خدمة المجتمع ويساهم في توفير الحماية المجتمعية للأسر الأولى بالرعاية ويتم بالتعاون بين جهات الدولة المعنية في تنفيذه تهدف إلى توفير لحوم صكوك الإطعام مرة كل شهر بدلًا من مرة واحدة في السنة مع صكوك الأضاحي والأمل أن يحصلوا مرة كل أسبوعين ثم مرة كل أسبوع .اللحوم تصل إلى المستحقين بعزة وكرامة وبمتابعة من جميع أجهزة الدولة المعنية تحقيقًا لأعلى درجات المصداقية والشفافية وبأعلى درجات الجودة والكرامة والإنسانية حيث لا يسمح بخدش حياء الآخذين.
التوزيع سيبدأ على الأسر الأولى بالرعاية والمستحقين وفقا لقواعد البيانات التى اعدتها وزارة الشئون الاجتماعية.
يبدو ان النجاح الذي حققه مشروع صكوك الأضاحي(العام الماضى فقط تم توزيع 1500 طن لـ مليون و500 ألف أسرة) شجع على اقتحام فكرة صكوك الاطعام الدائمة.
الحقيقة ان كثيرا من الاعمال الخيرية تحتاج الى ضبط علمي ومنهجي للخروج من حالة الفوضى والعشوائية التى تحدث دائما وتمنع من تحقيق الفائدة المرجوة بل انها تتسبب في حرمان شرائح مستحقة بالفعل من الحصول على حقها الاصيل في اعمال البر والخير والاهم من ذلك هو منع المتاجرة بحاجة الناس واوجاعهم واستغلالهم لتحقيق اهداف اخرى قد تفسد ثواب العمل الخيرى فضلا عما تحدثه من اهانة او حرج للمستفيدين وما اكثر الحالات والنماذج التى تراها في كثير من المناسبات للمتاجرة باعمال البر..
ولعل هذا ما يؤكد ضرورة البحث عن اطار اومؤسسة شرعية حقيقة تضمن الحماية لاطراف العملية سواء المستفيدين او المانحين والذين يريدون ان يطمئنوا ويثقوا تمام الثقة انهم يعملون بشكل صحيح وان اهدافهم الخيرية تتحقق بالفعل وانه لا يتم التلاعب بهم وان اموالهم وصدقاتهم وكفاراتهم تذهب في محلها.والاهم من ذلك هو ضمان الحماية والاستمرارية والتغلب على اي عقبات في الطريق.
انشاء مؤسسة مستقلة تحت رعاية واشراف الدولة واجهزة الرقابة مهم جدا ودافع قوي للتنمية والاستثمار بانشاء مشروعات استثمارية لخدمة العمل الخيري تغذيه وتنمي امواله وتحفظه من التعرض لهزات السوق وما شابه.. ايضا سيفتح الابواب لخلق فرص عمل كثيرة في المشروعات التى تخدم اعمال البر المختلفة على سبيل المثال مشروع الاضاحي ومشروع الاطعام يمكن اقامة مشروعات للتسمين وتربية الماشية يمكن اقامة مجازر الية وغيرها ايضا شركات للعلف والخدمات البيطرية يمكن اقامة ثلاجات للتبريد والحفظ يمكن اقامة مشروعات للنقل وشركات للتوزيع وبالتجربة البسيطة خلال السنوات الماضية هناك حجم كبير من الاعمال يغطي معظم المحافظات وجهود جبارة تحتاج فعلا الى شركات عملاقة وخبرات في شتى المجالات..
الحمد لله الاوقاف تمتلك قواعد وبنية اساسية من مشروعات زراعية ويمكنها توظيف واستثمار جزء من اموالها الخيرية لبناء القواعد اللازمة للانطلاق في مثل هذه المشروعات للأجيال القادمة وللتاريخ فمؤسسات الوقف لا تزال تقف شامخة منيرة تدل على كثير من الايادي البيضاء التى حققتها للمجتمعات في مختلف مجالات الحياة وكانت هي السند والعون الحقيقي للمحتاجين وغيرهم على سبيل المثال مستشفيات الاوقاف مساكن الاوقاف مدارس ومعاهد الاوقاف فضلا عن المساجد والاعمال الخيرية الاخرى ومصارف البر التى يحار المرء امام جبروتها واعجازها والفكر الحضاري الذي كانت تمثله في تلك الاوقات.
الاتجاه نحو العمل المؤسسي سيفتح ابوابا كثيرة لضخ دماء واموال جديدة للأوقاف وزيادة مساحة ورقعة المساهمة في قضايا المجتمع بعد توقفت الامور في كثير من الاحيان واقتصر الامر على اشياء روتينية وتعرضت اموال الوقف للنهب والسرقة على مدى عقود واستباح حرمتها كل زاعق وناعق وتم التحايل بشتى الطرق للاستيلاء عليها بابخس الاثمان ان لم يكن مجانا.
لابد من الاشارة الى محاولات الحماية والعمل على استرداد وانقاذ ما يمكن انقاذه في الفترات الاخيرة لكن الامل في جذب وانشاء اوقاف جديدة تكون عنوانا على العصر الجديد ولتساهم بفاعلية في مشكلات المجتمع المختلفة وتخفيف المعاناة عن البشر في التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية ومواجهة ضغوط الحياة واعبائها المتزايدة..
المحور الاخر والخاص بالجانب التنويري وغذاء العقل عرض له الوزير في المؤتمر الصحفي الخاص بالإعداد للمؤتمر القادم للمجلس الاعلى للشئون الاسلامية حول عقد المواطنه وأثره في تحقيق السلم المجتمعي والعالمي واشار الى الاقبال الكبير على معرض القاهرة الدولي للكتاب والتفاعل مع الندوات والحوارات التى اقيمت على هامشه سواء في جناح المجلس الاعلى للشئون الاسلامية وغيره وحضور عدد كبير من المفكرين والكتاب للقاءات والحوار مع الشباب.
قلت للوزير ان المجلس واحد من اهم وأكبرناشري الكتب الاسلامية وله دور حيوي في نشر الفكر الاسلامي وله تجارب مهمة في اقامة معارض للكتب وحققت نجاحا كبيرا لماذا لا نستنسخ تجربة معرض الكتاب ونعيد تكرارها على مدار العام وفي مختلف المخافظات خاصة وان الساحة عطشى لمثل هذه اللقاءات والحوارات بما يساهم في دعم عملية الحراك الثقافي على الساحة ومواجهة الاكاذيب والافتراءات على الاسلام والمسلمين وحماية الشباب من الاراجيف التى تملأ الساحة ليل نهار وبما يوفر نوعا من الحصانة ويرفع درجة المناعة الفكرية.
ابدى الوزير ترحيبا واستعدادا لدعم الحركة الثقافية ونشر الفكر المستنير خاصة بين الشباب موضحا ان هناك تعاونا مع العديد من الجهات مثل وزارات الثقافة والتعليم والجامعات على هذا الصعيد واصدار سلاسل كتب ميسرة وبأسعار رمزية للكتب في مختلف الموضوعات مثل سلسلة رؤية التى تصدر بالتعاون مع هيئة الكتاب ووزارة الثقافة..الى جانب الترجمات للعديد من الاعمال الفكرية ومعاني القران الكريم الى اللغات الاجنبية.
نعم مصر تستطيع والقادم أفضل. والله المستعان..
Megahedkh@hotmail.com