تُجّار الأزمات ليسوا من لوننا ولا ملّتنا؛ فهم أعداء الوطن لأن من لا تظهر مواطنته ووطنية في الأزمات والشدّة فلن تظهر في الرخاء والازدهار؛ ومن يبيع الوطن بدراهم معدودة هو فعلاً تاجر وطن وعزّيف أوتار ومجرم حرب ولا يخاف الله ولا الوطن؛ ولذلك نحن مع منفذي قانون الدفاع من أجهزتنا الرسمية لمحاسبتهم وأخذ جزاءهم؛ حفظ الله الوطن ومصر والأجهزة الأمنية والجيش والشعب.
أزمة أيها المستغلون هدمت اقتصاديات وبورصات وقصورا وهددت عروشا، أن التكافل الاجتماعي والحقوق المتساوية في العلاج والعيش المشترك، طوق نجاة للبشرية. فحتى لو حققت مكاسب وقتية لن تفيدك في وقت فقد أكبر اقتصاد في العالم 50% من قيمته وانضمت ملايين لطابور البطالة، فما بالك ببلدان مثلنا تحاول البحث عن طوق نجاة، لا تكاد تخرج من أزمة إلا قابلتها أخرى وظن من عليها أن الإفاقة والسعادة مرادف للغول والعنقاء والخل الوفي.
تجار الأزمات هم فئات متعددة أبرزهم حاليا التاجر الذي يستغل الأوضاع العامة وتداعيات جائحة «كورونا» لرفع الأسعار وتسخير بعض العمالة من جنسيات معينة لتخزين السلع لإيهام الرأي العام أن هناك نقصا في المواد الغذائية، إلا أن الجهات المعنية ممثلة بوزارة التجارة ومراقبيها وقفوا على مثل هذه الممارسات وأوقعوا العقوبات على مرتكبيها الذين يعمدون لبث الهلع والخوف في المجتمع وافتعال الأزمات
ومن واقع مسؤوليتها إقليميا وعالميا تولي الأمن الغذائي أهمية بالغة في سياساتها واستراتيجياتها الوطنية ولا مساومة على ذلك. ونحن نستشعر الأمن والأمان على توفير ما يلزم المواطن والمقيم في هذه الأرض الطيبة من دواء وغذاء واحتياجات معيشية. وخلال الأيام الماضية كرست الدولة كافة الجهود لضمان استمرارية سلاسل الإمداد ووضع الخطط والاستعدادات اللازمة في جميع الأحوال، مع التأكيد على أهمية الحفاظ على جودة وسلامة المعروض من السلع الغذائية، والتأكد من توافر السلع في الأسواق بصورة مطمئنة.
أما عن الصنف الآخر من تجار الأزمات وهم المؤثرون في وسائل التواصل الاجتماعي، والذين من وجهة نظري المتواضعة صنفوا مؤثرين بدون أية معايير واضحة، فمن ينظر لمحتواهم في وقت الأزمات يجد أنهم مؤثرون آثروا مصالحهم الشخصية ووضعوها فوق اعتبار المصلحة العامة ومصلحة الوطن وهي المصلحة الأهم، فمنهم من يخالف القوانين ومنهم من يبث الهلع وينشر الشائعات حول العنصر الأهم في هذه المرحلة وهو الإمداد الغذائي وبثها عبر منصات التواصل الاجتماعي والتي تعتبر من أهم وسائل نقل المعلومة بين البشر،
كما أن الحقيقة تنتشر من خلالها.. كذلك ينتشر الكذب والتزييف، فالشائعات والمعلومات المغلوطة في وقتنا الحاضر خطرها يعادل خطر الفيروس ذاته. متى يفهم هؤلاء أن صناعة المحتوى للمتلقي تعتمد على دراسة المحتوى بشكل جيد قبل النشر وخلق الأفكار البناءة وانتقاء المفردات والجمل والرسائل الهادفة.
هؤلاء هم تجار الأزمات فليس لهم وصف سوى أنهم بشر بلا قلب، ونجدهم ينشطون عندما ينكمش الناس ويفرحون عندما يحزن الناس ويضحكون عندما يبكى الناس، وقد أظهرت جائحة كورونا هذه الفئات الذين حبسوا بضاعتهم ليرتفع سعرها وخنقوا الناس ليتنفسوا هم بحرية كاملة. أمثلة كثيرة نقرأ عنها يوميا في ظل المعاناة اليومية التي يعيش فيها الناس من انتشار فيروس كورونا، وكثيرا ما يتم ضبط هؤلاء التجار عن طريق الأجهزة الأمنية،
لتطهير المجتمع منهم. على المجتمع دور كبير لمنع تجار الأزمات من ترويج بضاعتهم الفاسدة، وعلى كل منا دور يجب القيام به لضمان كشف تجار الأزمات وفضحهم أمام المجتمع كله وعدم التعامل معهم، سواء بالبيع أو الشراء ومقاطعتهم حتى يرفضهم المجتمع بأثره وينكشف سرهم.
إن كان العالم يتحدث عما بعد أزمة «كورونا» من تغييرات في أماكن النفوذ ومسارات الاقتصاد وصراعات الحضارات وعلم الفيروسات، فلسنا على مستوى الأفراد أحق بأن نقوِّم اعوجاجنا بعد أن أصبحنا فى معتقلات إجبارية، ونلفظ الحب الجمَّ للأموال التي لن تطيل عمرنا.. ولكم عبرة في المافيا الإيطالية التى تبرعت بمليارات الدولارات لإنقاذ الاقتصاد القومي.
بعيدا عن «الكوميكس» والسخرية التي دأبنا عليها من أداء الحكومات المتعاقبة، هناك للحق أداء جيد ومتوازن من أجهزة الدولة المختلفة، يتناغم مع الأزمة بشكل كبير، ويشعرك بأنه أداء مدرب وطنى بعقلية أجنبية.. لكن هناك بعض الروتوش تحتاج إلى معالجة، منها الزحام الشديد فى وسائل المواصلات، خاصة فى الساعات السابقة مباشرة لوقت الحظر قبل السابعة مساء، وتدابير موارد لمحدودي الدخل، مع التفكير فى إعفاء المواطنين من فواتير المياه والكهرباء والغاز لمدة شهر أو شهرين على الأقل.. وسط جهود فردية ومؤسسية تجعلنا نطمئن أن فجرًا قريبًا سيأتي، وإنْ سبقه ظلام دامس، الدروس منه لن تنتهى.
١. معظم أصحاب المتاجر عندهم إحساس مع المواطن ويشعرون به ولا يستغلونه؛ والدليل تصريحات وزارة الصناعة والتجارة أن أكثر من تسعين بالمائة من التجار لم يسجلوا أي مخالفات؛ بيد أن هنالك نسبة من البقية يشكّلون فايروس التجّار الخبيث الذي يبتز المواطن ويرفع الأسعار بجنون عليه بالرغم من وضع السقوف السعرية وهذا يشكّل اعتداء سافراً بحق المواطن والوطن.
٢. تُجّار الأزمات لا يرقبون في الله إلّاً ولا ذمّة؛ فهمّهم وشغلهم الشاغل الربح الفاحش واستغلال الظروف لتحقيق الأرباح الخيالية على حساب الفقراء والزبائن لتعبئة جيوبهم وبطونهم الجرباء؛ فهم فعلاً تُجّار أزمات وتجّار أوطان وركّاب أمواج للوصول للأرباح الخيالية وغير المعتدلة.
٣. تُجّار الأزمات لا يشعرون مع الوطن ولا مع المواطن، ولا يخافون الله ولا القوانين؛ فمحاولاتهم للغش في كل شيء مستمرة؛ واستغلالهم للظروف على قدم وساق لرفع الأسعار والاحتكار على السواء؛ وهم بذلك يخالفون مبادئ المواطنة ويتاجرون بالوطن وقواه البشرية.
٤. تُجّار الأزمات ومنها أزمة كورونا متصيدون في الماء العكر؛ وظنّوا أن أموالهم ستحميهم من الوباء؛ لكنهم لم يعرفوا بأن سواعد الأبطال من أبناء القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والمنفذون لقانون الدفاع هم حماة هؤلاء من انتشار الفايروس؛ ولم يتطلعوا إلى التجربة الإيطالية ويتّعظوا منها؛ فقد رموا الدراهم واليورو في الشوارع لأنها لم تحميهم من كورونا.
٥. نتطلّع لنعرض نماذج إيجابية من التجار الذين يقدّمون البضائع للمحتاجين مجاناً ويرسلون طرود الخير للثكالى والأيتام والأرامل دون مِنّة أو شوفيّة؛ هؤلاء النموذج الإيجابي من التجار ممن يملكون روحية العطاء كجزء من مواطنتهم الصالحة هم الذين نرفع رؤوسنا بهم ونحترمهم ونجلهم ونكبر فيهم هذه الروحية الراقية.
٦. نتطلّع للتجار جميعاً للتبرع ودعم صندوق ‘أهل الهمة’ الذي أطلقته الحكومة لغايات دعم مكافحة كورونا وجعله صندوقاً دوّاراً لمأسسة عمله ليكون نموذجاً في البذل والعطاء وليستخدم في أي أزمة أو تحدّي في قادم الأيام لا سمح الله تعالى.
٧. نتطلّع إلى أن يُغلّب التجار جميعهم الوطن على كل المصالح الضيقة؛ فلا يتطلعون للربح السريع أو الفاحش بقدر ما يتطلعون إلى خدمة المواطن والمساهمة في بناء الوطن؛ وهذا يجعل منهم مواطنون صالحون في خندق وطنهم ويضطلعون بمسؤولياتهم المجتمعية خير قيام.
تجار الأزمات حقيقة هم فئات لا يهمها النتيجة النهائية لمناقشة أي أزمة تحدث في المجتمع، بقدر ما يهمها المكسب الشخصي وإدخال المجتمع في متاهات، فالجهات المعنية مشكورة قامت بردع كل من تسول له نفسه الإخلال بالأمن العام أو بث الشائعات أو افتعال الأزمات بين أفراد المجتمع. إلا أن ذلك لا يعفي المواطن من رفض مثل هذه الممارسات ونبذ الذين يركبون موجة الأزمات، فالمزايدون لا يبحثون عن حلول للمشكلات بقدر بحثهم عن إطالة عمرها للاسترزاق.