تهدف المشروعات القومية التي تنفذها الدولة المصرية، بالأساس إلى بناء الدولة ومواجهة تحديات النمو السكاني الكبير، إذ تؤمن الدولة أن النهضة لن تتحقق إلا بتوجيه عناية خاصة للقطاع الزراعي، لذلك تبنى عددا من المشروعات القومية الزراعية، لتحقيق الاكتفاء الذاتي وعودة مصر إلى مكانتها الزراعية العالمية.
وعلى مدار السنوات الماضية حققت الدولة المصرية الكثير من الإنجازات الكبرى في مسيرة التنمية على كافة الأصعدة، بما يشمل رفع مستوى معيشة المواطنين، وتحفيز إقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال، فضلا عن المضي قدما بتحسين خدمات الإسكان، والتعليم، والصحة، والنقل، وشبكات الحماية الاجتماعية، كما أولت الدولة المصرية اهتماما بالغا بتعزيز التعاون الدولي مع المؤسسات الدولية والتعاون الثنائي مع الدول الصديقة، ما مكنها من المضي قدما بخطوات متسارعة في مسيرة التنمية.
وأنفقت الدولة على البنية الأساسية المليارات لخدمة مشروعات التوسع الأفقي بجنوب الوادي ومناطق توشكي وشرق العوينات وسيناء والتي تستهدف زيادة الرقعة الزراعية بما يسهم بقدر كبير من تحقيق الأمن الغذائي وتوفير فرص عمل وخلافه.
يعتبر مشروع توشكي، الذي أعاد إحياءه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أحد أهم المشروعات القومية التي يشهدها البلد، بالنظر إلى حجم المردودات والعوائد الاقتصادية المنتظرة منه، سواء فيما يتعلق بتحقيق الأمن الغذائي للمصريين، وكذلك زيادة الصادرات، وسط طفرة زراعية هائلة يشهدها جنوب مصر.
ويقام مشروع توشكي، الذي انطلق في التسعينيات، وواجهته حينها جملة من العقبات التي حالت دون استكماله، في منطقة مفيض توشكي، ويهدف إلى خلق دلتا جديدة جنوب الصحراء الغربية موازية للنيل، للمساهمة في إضافة مساحة تصل إلى 540 ألف فدان للرقعة الزراعية، ليتم ريها بمياه النيل عبر ترعة الشيخ زايد التي تبلغ حصتها من المياه حوالي 5.5 مليار متر مكعب سنوياً.
وتوشكي اسم مكون من مقطعين في اللهجة النوبية، المقطع الأول (توش)، وهو اسم لنوع من الأزهار الطبية العطرية وهو نبات الغبيرة الذي كان ينمو بغزارة في وادي توشكي، والمقطع الثاني (كي) ومعناها الموطن أو المكان، ومن ثم تعني (توشكي) موطن نبات الغبيرة.
يهدف المشروع إلى التغلب على الفجوة الغذائية، وذلك بزيادة الرقعة الزراعية بحوالي 540 ألف فدان لتصل في المســتقبل إلى مليون فدان، وكذلك تعظيم عائد الموارد المتاحة، وزيادة الصادرات الزراعية، بما يسـاعد في تقليل العجز في الميزان التجاري، إضافة إلى توفير فرص عمل للكثير من الشباب وخاصة من شباب صعيد مصر. كما يهدف إلى التشجيع على إعمار وإسكان وتنمية هذه المناطق وتخفيف الضغط البشري على وادي ودلتا النيل.
إنه لاستيعاب فائض مياه الفيضان خلف السد العالي أقيم مفيض توشكى، الذي ساعد على وجود مشروع توشكي الزراعي، وهو المشروع الذي يتمتع بمزايا اقتصادية هائلة لما يتيحه من فرص تنموية واسعة بالقطاع الزراعي في مصر، تنعكس بشكل مباشر على الاقتصاد المصري.
أن المشروع يتيح أراض جديدة لم تسبق زراعتها من قبل، وبالتالي يمكن زراعة زراعات جديدة صديقة للبيئة، ليس بها أي نوع من المبيدات، والتي يتم تصديرها إلى الخارج بأسعار عالية.
كما يمثل المشروع فرصة لمصر من أجل التوسع في تلك الزراعات، فضلاً عن زراعات أخرى تسهم في حل مشكلة الأمن الغذائي، لا سيما أنه في السنوات الماضية، وبشكل خاص بعد يناير 2011، جار الكثيرون على الأراضي الزراعية، وفيما تواصلت الزيادة السكانية وكانت رقعة الأراضي القابلة للزراعة تقل، الأمر الذي أسهم في ارتفاع معدلات الاستيراد من الخارج. أن ما يحدث الآن من مشروعات يمثل عملية “إعادة التوازن” من جديد، وبما يحقق الأمن الغذائي لمصر، وكذلك زيادة الصادرات المصرية، بما يدر العملة الصعبة، وبما يعزز الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية بالبنك المركزي.
. ويتضمن المشروع إنشاء عدة مصانع لتعبئة وتغليف الحاصلات الزراعية، كما يستهدف خلق مناطق جديدة بمصر، مجهزة وممهدة بشبكة طرق جديدة، للربط بين مدن صعيد مصر والتجمعات السكانية، لزيادة فرص العمل وتشغيل الشباب والخروج من الوادي الضيق، وسد العجز بين الإنتاج والاستهلاك. أن مشروع توشكي يمثل فرصة للزراعة العضوية، وهي زراعات نوعية يُمكن تصديرها والاستفادة من عوائدها، مثمناً في الوقت نفسه زراعات النخيل من منطلق عوائدها الكبيرة.
ويستهدف المشروع إنشاء أكبر مزارع للنخيل في العالم بتوشكى للاستهلاك المحلي والتصدير، عبر زراعة 2.3 مليون نخلة على مساحة 37 ألف فدان، فيما تم الانتهاء الفعلي من زراعة 1.35 مليون نخلة على مساحة 21 ألف فدان حتى الآن.
ما يستهدفه المشروع -الذي يربط بين الواحات في مصر الخارجة والداخلة وسيوة – أيضاً من استصلاح مزيد من الأراضي الزراعية لزراعة حاصلات زراعية تسهم بشكل أساسي في حل مشكلة الأمن الغذائي، ومن بينها القمح والذرة والقطن والشعير والمحاصيل الزيتية وبنغر السكر.
أن “توشكي من أهم مشاريع التنمية في جنوب مصر، وعوائده تنعكس بشكل مباشر على الاقتصاد المصري”، أن المشروع الذي أعاد إحياءه الرئيس السيسي هو بمثابة بداية تنمية اقتصادية شاملة في هذه المنطقة، لما يتضمنه من مشاريع وزراعات مهمة.
ومن أبرز المشروعات الزراعية المشروع القومي لاستصلاح المليون ونصف مليون فدان، ويشمل المشروع 13 منطقة في 8 محافظات، تقع في صعيد مصر وسيناء، طبقا لحالة المناخ وتحليل التربة ودرجة ملوحة المياه، وهي، قنا، وأسوان، والمنيا، والوادي الجديد، ومطروح، وجنوب سيناء، والإسماعيلية، والجيزة، وتم اختيارها بعد دراسات متعمقة، بحيث تكون قريبة من المناطق الحضرية وخطوط الاتصال بين المحافظات وشبكة الطرق، وتم الانتهاء من طرح أراضي المرحلة الأولى والثانية من المشروع، لصغار المزارعين والمستثمرين.
ويأتي مشروع الدلتا الجديدة الذى يقام بمنطقة محور الضبعة لزراعة أنواع المحاصيل كافة، على مساحة 1.5 مليون فدان، تتويجاً لسلسلة المشروعات الزراعية التي أطلقتها الدولة حيث يضم مجمعات صناعية مرتبطة بالزراعة ضمن مشروع الدلتا الجديدة كمحطات التعبئة والتغليف وتصنيع المنتجات الزراعية، لأن التصنيع الزراعي يرفع القيمة المضافة للمنتج، إضافة إلى محطات التصدير والإنتاج الحيواني وتصنيع منتجات الألبان، مما يخلق آلاف فرص العمل، وسوف يتم تدريب شباب الخريجين من التخصصات الزراعية، لاكتساب خبرة العمل بالمناطق الصحراوية، وكيفية استخدام أحدث سبل الزراعة والري بشكل عملي.
مشروع الدلتا الجديدة هو أحد المشروعات العملاقة، حيث من المقرر أن ينتج عنه زيادة في الرقعة الزراعية مليون ونصف مليون فدان تحت مسمى الدلتا الجديدة، تشمل الأراضي الموجودة في جنوب محور الضبعة حوالى 688 ألف فدان ومشروع مستقبل مصر ومساحة أخرى لمشروع تابع لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية والمتداخلة مع منطقة الدراسة والثلاثة مشروعات مجمعين مع بعضهم البعض يمثلوا الحد الأدنى مليون فدان .
اقتراح تسمية الدلتا الجديدة يتميز بأنه قريب من الدلتا القديمة، ومن الموانئ والطرق، وتم تكليف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية ووزارة الري وكافة الجهات المعنية ببدء العمل بحيث يتم استكمال وتنفيذ هذا المشروع بحد أقصى من عام ونصف إلى عامين.