لو اخترت صديقا يشبه العيد فى الفرحة عند استقباله، لاخترت بدون تردد صديقى الرائع على أبو الخير. رجل كل متعته أن يرى من حوله يتمتعون. لا يطيق أن يرى أحدا من أصدقائه فى حالة سرحان بسبب ضيق أو هم. لا يتركك إلا بعد أن يطمئن على عودة الابتسامة إلى وجهك. نموذج بدأ يندثر مع الأسف الشديد, ذلك الشخص الذى لا يدع لك فرصة لتسأله حتى عن همومه هو وكأنه بلا مشاكل وبلا منغصات من التى يعانى منها جميع البشر.
ففى حضرة على أبو الخير أنت بطل الحكاية. احكِ ما شئت وقل كل ما تشعر به من معاناة. فهو يجيد الإنصات للآخرين وهبه الله ملكة «الطبطبة» عليك مواسيا ومؤازرا ومساندا. وبكلمات حانية تجده لخص لك الحل. كلمات ربما تعرفها أنت عن ظهر قلب تلخص ان كل ما يحدث للانسان من أحداث فى الدنيا، هى ابتلاء وتمحيص له من الله عز وجل. كلمات نعرفها كلنا, سمعناها مرارا وتكرارا, لكنها تخرج من فم على كلمات ليست كالكلمات, كأنك تسمعها أول مرة, يقولها بإخلاص فتقع على قلبك بردا وسلاما.
تعرفت على الصديق والاخ على أبو الخير منذ ما يقرب من عشرين عاما, جمعنا الحب فى الله. ذلك الحب الذى يدوم لأنه بلا مصلحة من مصالح الدنيا. من الصعب أن تلتقى عليا ولا تحبه من أول لقاء, خفيف الدم والروح, بارع فى إزالة أية حواجز نفسية بينه وبين اى غريب يلتقيه من أول مرة. كل الأصدقاء الذين كنت سببا فى تعريفهم علَى علِى ابو الخير صاروا له ندماء وكأنهم يعرفونه منذ الطفولة. كان على عائدا من أمريكا فى ذلك الوقت بعد أن قضى فيها حوالى خمسة عشر عاما. عمل هناك فى وظائف عدة برع فيها كلها.
عمل فى بنك وبعد أن حقق فيه موقعا متميزا اجتذبته هواية إدارة المطاعم، وحقق فيها نجاحا كبيرا. لكن عندما عاد إلى مصر اختار التجارة حتى تعطيه مساحة من الوقت ليحقق أهداف العودة، فقد اتخذ القرار الصعب وعاد بأطفاله ليكبروا بين أهلهم هنا فى مصر، أما هو فلم يبحث عن شلة فى نادٍ يجلس بينهم ليحكى لهم ذكرياته فى بلاد العم سام, بل كان كل همه البحث عن شلة تعينه على الطاعة وعلى أن يقدم لحياته كما قدم لدنياه.
لا تقلق على شلة بينهم على أبو الخير البارع فى تجميعنا دائما على الخير. يسافر بنا كل فترة مصايف مصر ومشاتيها، لنمضى عطلة نهاية أسبوع، نصفى خلالها أذهاننا وأرواحنا من مشاغل الدنيا. يشعر الرجل بمتعة كبيرة عندما يجهز لنا مأدبة بين كل فترة وأخرى. هو يدرك أنه إذا فشل الاشتياق فى تجميعنا فلن يفشل الطعام. الغريب أن على وبسبب ظروف صحية حيث اضطر لعمل عملية تدبيس معدة منذ سنوات, لا يستطيع أن يأكل إلا لقيمات معدودة, فعلا وليست مبالغة, فهو أول من يقوم من على الطعام ويستكمل متعته بأن يشرف علينا ليتأكد أنه لا شيء قد نقص من المائدة.
وعندما أسأله: ما متعتك وأنت لم تأكل شيئا يذكر يقول ضاحكا مقلدا أصوات الحكماء: إذا أكل اصدقائى وتمتعوا شبعت أنا وتمتعت. آخر تجمع لنا كان منذ أيام فى ليلة التاسع والعشرين من رمضان عندما تجمعنا أكثر من مائة صديق على طعام الإفطار فى مسجد رياض الصالحين بمدينة نصر. قبيل الإفطار انتحيت به جانبا وسألته: هل أنت متأكد أنك قد أعددت من الطعام ما يكفى لكل هذا الجمع فضحك وقال: يكفى بسبب البركة وليس الطعام فى حد ذاته, ثم أن الشبع من الله وليس من الطعام. وفعلا أكل الجميع واستمتع وزاد من الأكل الكثير.
كل عام أنت بخير يا على ابو الخير, حفظك الله من كل سوء ومتعك بالصحة والعافية والستر. عيد سعيد عليك يا صديقى الذى يشبه العيد فى نقائه وبراءته وطفولته.
Hisham.moubarak.63@gmail.com