إن مشاريع التنوير التي يرومها عالمنا الإسلامي باتت حاجة ملحّة للفرد والمجتمع ، فغياب العدالة الاجتماعية و تمكّن الاستبداد السياسي وانتقاص الحريات والحقوق الأساسية بالإضافة لغلبة التعصب والاحترابات الداخلية وتهيأ بعض المجتمعات العربية للفوضى المدمرة ،كل هذه الصور القاتمة تتطلب تنويرا عاجلا ينقذ مجتمعاتنا الإسلامية من مزيد من التشظي أو الانحسار ، وحالة الربيع العربي لم تكن سوى تصادم عنيف بين رغبات الشعوب للحريات والحقوق ورغبات الحكومات للإستئثار والهيمنة دون ان يكون هناك تلاقي سلمي إلا في أماكن محدودة من العالم العربي ،
وأهمية المشاريع التنويرية أنها تؤسس المفاهيم اللازمة للمجتمع المنشود و تغرس تلك الأفكار والنظريات في أجواء مناسبة لبناء القناعات بها أولاً، بدلاً من القفز على كراسي الحكم وإدارة الدولة دون ممهدات ركيزة لمفاهيم الحرية والحقوق والمشاركة الديمقراطية ،و دون معرفة لدور الأمة والدستور في تشكيل مرجعية مدنية للمجتمع ، ما يجعل الدولة ميدانا للتجارب البكر والمراهقة السياسية ، الخطأ فيها لا يحتمل الغفران.
آمن دعاة الاستنارة بأن الطبيعة لها قوانينها الثابتة المطردة المعقولة، وأنها كل مادي ثابت متجاوز للأجزاء له غرض وهدف، ولذا فهي مستودع القوانين المعرفية والأخلاقية والجمالية، وما دام الإنسان مرتبطاً بالطبيعة مهتدياً بهديها، فإنه سيصل إلى الطريق المستقيم ويصل إلى المنظومات المعرفية والأخلاقية التي تخدم صالحه وتحقق التقدم اللانهائي وتعمل على ضبط المجتمع وترشيد السلوك الإنساني، فظهر الإنسان الطبيعي والحقوق الطبيعية، والدين الطبيعي والأخلاق الطبيعية)
وعن هذين المحورين: نتجت باقي النظريات والقيم التي يجعلها مؤرخو الفكر أعمدة التنوير الفكرية وهي: العلمانية، الحرية، المساواة، الديمقراطية، التقدم، التاريخية، الوضعية، واللادينية
وإذاً فقد تبلورت في حقبة التنوير الأوروبي حزمة من المفاهيم والنظريات المعرفية والدينية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية كانت هي الوقود الفكري والفلسفي لعربة الحداثة الغربية، وما أنتجته بعد ذلك من مذاهب فلسفية وسياسية واقتصادية ونفسية واجتماعية، فيمكننا بشيء من التجوز أن نقول إن علاقة أفكار التنوير وقيمه بالمذاهب الفلسفية والأدبية والاجتماعية والسياسية الغربية الحديثة؛ هي علاقة المنهج والرؤية بالقضايا والمسائل، فالعقلانية العلمانية نازعة القداسة والسحر عن العالم هي الإطار الذي تعمل داخله المذاهب الفكرية الغربية كلها.
أن التنوير الإسلامي ليس مصطلحا لجماعة معينة ،وإن ادّعاه أحد فهو يمثل نفسه ، وقد سبق في التاريخ الإسلامي نماذج كثيرة مارست هذه الاستحقاق المصطلحي على ذاتها ، لهذا نجد أن أغلب مناقشات رافضي التنوير تصب حول نماذج معينة من منتسبي التنوير ، وهذا ما يجعل المثال هو مصدر قبول القاعدة أو رفضها ، وهناك الكثير من الردود المعاصرة في غالبها نحت هذا التوجه وقامت بمحاكمات معرفية للتنوير أساسها تبني بعض الأفراد للفكر التنويري حسب فهمهم الخاص ومنهجهم المتبع في اختزل التنوير في تلك القوالب المشخصّة. عندما انطلقتِ الفتوحُ الإسلاميةُ في القرنِ السابعِ الميلادي، حمَلتْ معَها إلى البلدانِ التي دخَلَها العربُ ثقافةً عربيةً وإسلاميةً أثَّرتْ في تلكَ البلدان، وتأثَّرتْ بحضاراتِها السابقة، وأفرزَ ذلك التفاعلُ الحضاريُّ أشكالًا مِنَ الفنونِ العريقةِ الأصول، الإسلاميةِ الطابع. ويهتمُّ «زكي محمد حسن» هنا بإبرازِ مَعالمِ الفنِّ الإسلاميِّ في مِصرَ منذُ فُتِحتْ حتَّى نهايةِ عصرِ الطولونيِّين، عادًّا فنَّ هذا العصرِ أولَ الفصولِ الفنيةِ الإسلاميةِ وضوحًا وجَلاء؛ حيثُ إنَّه على الرغمِ من تأثُّرِه بالفنونِ القبطيةِ المصريةِ والسامرائيةِ العراقية، تميَّزَ بشخصيةٍ مستقلةٍ تجلَّتْ في عَظمةِ وفرادةِ آثارِه، لا سِيَّما آثارُه المعماريةُ مُمثَّلةً في المساجدِ والقُصور، والطُّرزُ المتَّبَعةُ في زخرفةِ المباني وصناعاتِ النسيجِ والأخشابِ والخزَف، وهو ما يَتناولُه المؤلِّفُ بالوصفِ والتصوير، ويَرصدُ تطوُّرَه وازدهارَه، ويَنفضُ الغبارَ عمَّا تَوارى من حُسنِه وبهائِه.
تاريخ مصر هو تاريخ الحضارة الإنسانية حيث أبدع الإنسان المصري وقدًّم حضارة عريقة سبقت حضارات شعوب العالم.
حضارة رائدة في ابتكاراتها وعمائرها وفنونها حيث أذهلت العالم والعلماء بفكرها وعلمها، فهي حضارة متصلة الحلقات تفاعل معها الإنسان المصري وتركت في عقله ووجدانه بصماتها. لقد كانت مصر أول دولة في العالم القديم عرفت مبادئ الكتابة وابتدعت الحروف والعلامات الهيروغليفية، وكان المصريون القدماء حريصين على تدوين وتسجيل تاريخهم والأحداث التي صنعوها وعاشوها، وبهذه الخطوة الحضارية العظيمة انتقلت مصر من عصور ما قبل التاريخ وأصبحت أول دولة في العالم لها تاريخ مكتوب، ولها نظم ثابتة ولذلك اعتبرت بكافة المعايير أُما للحضارات الإنسانية.
إن لمصر دورها الحضاري والتاريخي والديني حيث كانت المكان الذي احتضن الأنبياء، والأرض التي سارت خطواتهم عليها، فجاء إليها أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام وتزوج من السيدة هاجر، وجاء إليها يوسف عليه السلام وأصبح فيها وزيرا وتبعه إليها أبوه يعقوب، ودار أعظم حوار بين الله عز وجل وموسى عليه السلام على أرضها، وإلى مصر لجأت العائلة المقدسة السيدة مريم العذراء والسيد المسيح طفلاً ويوسف النجار وقاموا برحلة تاريخية مباركة في أرضها،
وقد اختار الله سبحانه وتعالى مصر بالذات لتكون الملجأ الحصين الذي شاءت السماء أن يكون واحة السلام والأمان على الدوام وملتقى الأديان السماوية. لقد تتابعت على أرض مصر حضارات متعددة فكانت مصر مهدا للحضارة الفرعونية، وحاضنة للحضارة الإغريقية والرومانية ومنارة للحضارة القبطية، وحامية للحضارة الإسلامية. ولقد اتسم شعب مصر على طول التاريخ بالحب والتسامح والود والكرم الذي تميز به هذا الشعب حيث امتزج أبناء مصر في نسيج واحد متين.
شهدت مصر خلال الحكم الإسلامي نهضة شاملة في العمران والفنون تمثلت في العمارة الإسلامية بإنشاء العديد من المساجد والقلاع والحصون والأسوار، كذلك الفنون الزخرفية التي تمثلت في أول عاصمة إسلامية في مصر وهي مدينة “الفسطاط” وبها جامع عمرو بن العاص ويعد مقياس النيل بجزيرة الروضة أقدم أثر مصري إسلامي والذي أنشأه الخليفة العباسي المتوكل بالله عام 245 هـ.
ويتجلى ازدهار العمارة الإسلامية في مدينة القطائع، وجامع أحمد بن طولون الذي شُيد على نهج جامع عمرو بن العاص مع إضافة النافورة والمئذنة والدعامات والزخرفة واللوحة التأسيسية، ومئذنة جامع ابن طولون هي الوحيدة في مساجد مصر التي لها هذا الشكل وهي مستمدة من المعابد الفارسية المعروفة باسم “الزيجورات”.
وتقدمت العمارة الإسلامية في العهد الفاطمي ويعد جامع الأزهر من أشهر فنون العمارة الفاطمية في مصر، وكذلك الجامع الأنور “الحاكم بأمر الله” والجامع الأقمر، ويعد مشهد الجيوشي نموذجا لتشييد القباب وإنشاء المساجد.
وتميز العصر الأيوبي بتقدم العمارة، ومن أشهر معالمها بنـاء ” قلعة صلاح الدين” وتمثل هذه القلعة العمارة الإسلامية منذ الدولة الأيوبية حتى عصر “محمد على”.
كما ترك المماليك ثروة فنية عظيمة تمثلت في المساجد والقباب ودور الصوفية والقصور والمدارس والقلاع والأسبلة. وفى 3 يوليو 2013، صدر بيان القيادة العامة للقوات المسلحة عقب الاجتماع بعدد من الرموز الدينية والوطنية والشباب، بعد الاتفاق على خارطة مستقبل تتضمن خطوات أولية تحقق بناء مجتمع مصرى قوى ومتماسك لا يقصى أحداً من أبنائه وتياراته وينهى حالة الصراع والانقسام وتشمل على : تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت، كما يؤدى رئيس المحكمة الدستورية العليـا اليميـن أمام الجمعية العامة للمحكمة، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين انتخاب رئيس جديد، ولرئيس المحكمة الدستورية العليا سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال المرحلة الانتقالية،
كما نصت الخارطة على تشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية، تشكيل لجنة تضم كافة الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة على الدستور الذى تم تعطيله مؤقتاً، ومناشدة المحكمة الدستورية العليا لسرعة إقرار مشروع قانون انتخابات مجلس النواب والبدء فى إجراءات الإعداد للانتخابات البرلمانية، ووضع ميثاق شرف إعلامى يكفل حرية الإعلام
ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن، واتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب فى مؤسسات الدولة ليكون شريكاً فى القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة، وتشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدى جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات.