س : ما حكم التيمم لصلاة الجنازة مخافة فواتها إذا توضأتُ ؟
ج : يجيب فضيلة الأستاذ الدكتور مجدى عاشور المستشار العلمى السابق لفضيلة مفتى الجمهورية وهو من العلماء المدققين المشهود لهم بالورع والصلاح وامتلاك ناصية العلم ، قائلا :
أولًا : شرع الله تعالى التيمم رحمةً بعباده لرفع المشقة عنهم ، قال تعالى : ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ﴾[الحج : 78]. ولقوله سبحانه في خصوص مشروعية التيمم : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾ [النساء : 43] .
ثانيًا : اتفق الفقهاء على اشتراط ما يشترط لبقية الصلوات لصحة صلاة الجنازة ، وهي الطهارة الحقيقية : بدنًا وثوبًا ومكانًا، ومن ذلك : الوضوء ، وستر العورة ، واستقبال القبلة ، واستثنوا من تلك الشروط دخول الوقت .
ثالثًا : من القواعد الشرعية المقررة :” لا يُلْجَأ إلى البدل إلا إذا تعذر الأصل” ، فقد أباح الشرع التيمم للعاجز عن استعمال الماء ، بل قرر الجمهور أنه لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ مَعَ إمْكَانِ استعمال الْمَاءِ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْت ، لكنْ ذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله إلى مشروعية التيمم لصلاة الجنازة مع وجود الماء في حالة إذا ما خاف المصلي فواتها إن اشْتَغَلَ بِالْوُضُوءِ.
والخلاصة : أن الوضوء شرط من شروط صحَّة صلاة الجنازة، أي : لا تصح صلاتها إلا بوضوء ، فإن ضاق الوقت فلا مانع من التيمم لصلاة الجنازة تقليدًا لمن أجاز ذلك كالحنفية ، لحديث: ابْنِ عُمَرَ رضى اله عنهما : «أَنَّهُ أُتِيَ بِجِنَازَةٍ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ ، فَتَيَمَّمَ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا»(سنن الدارقطني/ 775).
والله أعلم