وأشمُّ رائحةَ احتراقِكَ
أنثرُ العطرَ القديمَ
فيحسدونكَ
فاحترِقْ
وأرى دماكَ على يدي
في صفحةِ المرآةِ
في الكُتبِ القديمةِ
في جنازاتِ الورَقْ
وأكادُ ألمِسُ أيُّها القلبُ الحياةَ
تفرُّ ركضاً منكَ
والآنَ المواجعُ تَستَّبِقْ!
هيا احترِقْ
يا مُوجِعي حدَّ التَهدُّمِ والأرقْ
يا مُوسِعي طعناً بظهرِ الروحِ
قطعاً عند خاصرةِ القَلقْ
انظر إليَّ الآنَ يا روحي
غدوتُ على الدروبِ تَشتُّتاً
مِزَقاً مِزَقْ
قد كنتُ أملكُ مقلتيكَ
فخانتَا صدقي
وأنتَ قسوتَ يا بعضي
فَرِقْ!
ضاقت بي الدنيا بما رَحُبْتْ
وأنتَ تقولُ للزمنِ الذي أخشاه
ضِقْ!!
قد كانَ دمعي غالياً يوماً عليكْ
والآنَ هانَ فَخَلِّه
ليقولَ بالدمِ عن دمي
إن كانَ قالَ فقد صَدَقْ!!
قد كنتَ أحرصَ يا حبيبُ عليَّ مِنِّي
ذاتَ يومٍ
ذاتَ حُبٍّ
ذاتَ صدقْ!
إنِّي أُدينُ لظلِّ وجهِكَ
بالحياةِ جمِيِعِهَا
فانزِع إذا شئتَ الذي أعطيتنَي
لكنْ بِرفقْ !!
إنِّي أُدينُ لذاتِ كفِّكَ هذه
بمواسمٍ
غزَلَتْ خيوطَ سمائِها
ما كنتُ أعرفُ قبلهَا مطراً وبَرقْ
ما كنتُ أعرفُ
كيف تأتلِقُ الرؤى وعداً
ولا كيفَ المواجعُ تأتلقْ !!
حتى أتيتَ
فأورقَ العمرُ الجديبُ
وصالحَتنِي مُهجتي
وترتَّبتْ فوضاي
والعمُر اتسَّقْ
كَيَّدِ المسيحِ على دمي
ألقَاً …ألَقْ
وعرضتَ لي كلَّ المواسمِ
كنتَ سيِّدَهَا
وقد خيَّرتَنِي
واخترتَ لي الزمنَ العَبَقْ
الآنَ مالكَ تستَّرِدُ ودائعاً
هي كلُّ ما مَلَكَتْ يدي
وتُعيدُني كَمَداً إلى ذاكَ الرَهَقْ؟؟
أوقدتُ عمري
في سماكَ مشاعلاً
فأردتَ أنتَ البدرَ مسرجةً
وما زالَ الذي أوقدتُ عندكَ يحترقْ
أنفقتُ روحي عند بابِكَ روضةً
وتَمرُّ في عجلٍ بها
الآنَ ها رحلَ الجمالُ تأسَّياً
والعطرُ نامَ ولم يُفِقْ
ووسمتُ رسمَكَ سيِّدي
في كلِّ شريانٍ وعِرقْ
أغلقتُ بابَ القلبِ واثقةً عليكَ
همستُ للقلبِ الذي يهواكَ ثِقْ
سنظلُّ روحاً واحداً
حتى الرَمَقْ!!
فانظر نصالَكَ في دمي
والحزنَ والألمَ الكظيمَ بمهجتي
وحدي بدونِكَ
والشتاءُ وغربتي
وأصيحُ يا ربَّ الفَلَقْ
أمَّنْ يُجيبُ إذا دعا المُضطرُ
في حالِ الغَرَقْ!!
أنا في اضطرارِ الغارقينَ
وظُلمتي موجُ الغَسَقْ
ويلوحُ وجهُكَ لي
فأضحكُ باكيةْ
سبحانَ من سوَّاكَ
وحدَكَ
مانحي الفرحَ المُحالَ
ومانحي الحُزنَ الأشقْ !!
من ديوان للحلم جناح واحد