للمسؤولية الاجتماعية وتعمل على نشر وغرس وتعزيز ثقافتها الإيجابية بين جميع العاملين في الوزارة وعلى كافة المستويات الإدارية، بما ينسجم مع رسالتها في المساهمة بتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة وواجبها تجاه المجتمع. و المسؤولية الاجتماعية هي نظرية أخلاقية ، بأن أي كيان، سواء كان منظمة أو فرداً، يقع على عاتقه العمل لمصلحة المجتمع ككل. وأيضاً هي أمر يجب على كل منظمة أو فرد القيام به للحفاظ على التوازن ما بين الاقتصاد و النظام البيئي (أو النظام الإكولوجي) والاجتماعي .
فالمسؤولية الاجتماعية هي أمر لا يختص بمنظمات الأعمال فقط بل شأن كل فرد تؤثر أفعاله على البيئة. هذه المسؤولية يمكن أن تكون سلبية، عبر الامتناع عن الانخراط في أفعال ضارة ، أو إيجابية من خلال القيام بأفعال تحقق أهداف المجتمع بشكل مباشر.
وأن تحقيق الأرباح وتقديم سلع خدمات بأسعار معقولة هو أكبر مسؤولية اجتماعية وأعظم خدمة للمجتمع. كما أن الأرباح الكثيرة تساعد في التوسع وخلق فرص عمل تحل مشكلة البطالة والعكس صحيح. إن هذا التبرير المنطقي لا يقنع الكثيرين، فالدراسات التي أجراها عدد كبير من الباحثين أشار إلى أن الصرف على الأنشطة الاجتماعية من قبل الشركات يؤدي إلى مردود مستقبلي ويحسن صورة هذه الشركات في المجتمع وقبولها، الأمر الذي يؤدي إلى تعاون شرائح المجتمع مع هذه الشركات ودعمها،
كما أن الدولة ستستفيد لأن هذه الشركات تتحمل مكانها جزءا من الخدمات التي يجب أن تقوم بها. إن التكافل الاجتماعي بين مختلف شرائح المجتمع سيتعزز ويخلق شعورا عاليا بالانتماء، خصوصا من قبل الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يعانون التأهيل المهني القليل أو الشباب عديمي الخبرة الفنية. إن الدعم الذي سيتحقق للاقتصاد الوطني بشكل عام وعلى المدى البعيد يتأتى من المزايا التي تتحقق من منع الاحتكار وعدم الإضرار بالمستهلكين واحترام قواعد المنافسة وعدم إلحاق الأذى بالمنافسين. كذلك فإن قوانين حماية المستهلك من خلال عدم المتاجرة بالمواد الضارة
وحماية الأطفال صحيا وثقافيا، فضلا عن حماية المستهلكين من المواد المزورة والمزيفة هي دعم غير مباشر للاقتصاد. إن حماية البيئة هي العنصر الأبرز اليوم الذي يمكن أن يحقق وفورات اقتصادية مستقبلية من خلال عدم استنزاف الموارد ومنع تلوث المياه والهواء والتربة وصيانة الموارد وتنميتها وليس استهلاكها فقط.
إن الالتزام باحترام مبدأ تكافؤ الفرص وإسناد الوظائف إلى الأكثر كفاءة وتأهيلا هو مسؤولية اجتماعية عظمى لها مردود اقتصادي كبير وتؤدي إلى استقرار اجتماعي وثقة بالمؤسسات وهذا لا يقل أهمية عن تخصيص جزء من الأرباح لدعم البنى التحتية من طرق ومتنزهات ودعم للأنشطة الثقافية والرياضية. وفي حالات مثل الكوارث الطبيعية أو الطوارئ فإن المجتمع والحكومة يتوقعان مساهمة فاعلة من قبل منظمات الأعمال، وهناك مؤسسات كبرى في العالم كان لها دور مشهود في مكافحة المجاعات التي حصلت في دول أخرى مثلا. وفي عالم اليوم فإن تطوع الكثير من الشركات لأن تكون حاضنات أعمال تسهم في دعم المبدعين وتحويل أفكارهم إلى مشاريع فعلية ومنتجات يعد إسهاما اجتماعيا مهما ينعكس إيجابيا على تنمية الاقتصاد. بالطبع لا يمكن لأي شركة أن تقوم بالصرف على هذه القائمة الطويلة من الأنشطة الاجتماعية، لأن الكلفة باهظة، ولكن لو بادرت كل شركة عن طريق برنامج لتبني المسؤولية الاجتماعية وعلى مدى زمني يمتد لعدة سنوات بتنفيذ مشاريع بسيطة أولا فإنها ستجد نفسها بعد عدة سنوات وقد أصبح لها برنامج اجتماعي متكامل ولتكن البداية مثلا بالصرف على احتياجات اجتماعية للعاملين داخل الشركة نفسها والمجتمع المحلي المحيط بها.
إن الأمر لا يقتصر على شركات الأعمال فقط، بل إن الأفراد من أصحاب رأس المال والموسرين يمكن أن يحلوا الكثير من مشاكل المجتمع المختلفة ليس عن طريق أعمال الخير والإحسان المباشرة، بل بإقامة مشاريع على المدى البعيد. إن المجتمع هو وعاء الاقتصاد وأن أي تطور في المجتمع سينعكس إيجابيا على الاقتصاد وبالعكس، لذا فالصرف على الأنشطة الاجتماعية هو استثمار اقتصادي بعيد المدى وهناك ارتباط قوي ـ حسبما تشير الدراسات ـ إلى تحسن الأداء و ارتفاع الأرباح عندما تتبنى الشركات المسؤولية الاجتماعية.
إن الكثير من الشركات العربية لديها مساهمات اجتماعية بشكل أو بآخر، ولكن أغلبها يفتقر إلى برنامج منهجي مستمر وواضح المعالم وله دور محسوس في المجتمع والاقتصاد إلا ما ندر، لذا ندعو إلى القيام بحملات توعية واسعة للحث على تبني المسؤولية الاجتماعية وأن تدخل كمادة دراسية في مناهج الجامعات والمعاهد وأن يبادر الإعلام إلى أخذ دوره في التوعية والإشادة بالجهات التي لها مساهمات مميزة في هذا المجال.
من هذا المفهوم يمكن لنا أن نقدر أهمية المسؤولية الاجتماعية لقطاع المصارف العاملة في الاقتصاد وهو بقدر انعكاسها ومساهمتها في النمو الاقتصادي الوطني والاجتماعي والهادف إلى تخفيف عبء البطالة والفقر، كذلك الدور الذي تؤديه في نشر الوعي المعرفي ودعم للمبادرات العلمية والبحث العلمي والذي نحن بأمس الحاجة إليه. من المنطقي جدا أن نرى كافة البنوك العاملة في قطاعنا المصرفي الأردني تبادر جميعها إلى إبراز منجزاتها في هذا المجال كل بما هو مقدر ومخطط له في موازنة العام المالي،
ولكننا ننظر إلى الدور والمسؤولية التي تضطلع بها مصارفنا الإسلامية مع اتساع رقعة انتشارها على امتداد ساحة الوطن وازدياد حصتها من السوق المصرفي الأردني، فمن الطبيعي أن تضع من ضمن أولوياتها تحمل المسؤولية الاجتماعية تجاه مجتمعها
طالما إن المبادئ والأهداف التي تلتزم بتحقيقها والتي وضعت كمبرر لنشأتها، توجب عليها وضع المسؤولية الاجتماعية بخط مواز للمسؤولية الاقتصادية تجاه المجتمع، أي أن كلا منهما يؤدي رسالة وطنية ملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية، فالأهمية الاجتماعية تتمثل في كون المصرف الإسلامي ليس مؤسسة هدفها تحقيق الربح فقط
بل تسعى إلى تقديم خدمات اجتماعية من شأنها أن تعزز المناخ الاجتماعي السليم وتعمق القيم الأخلاقية مثل الصدق والأمانة في المعاملات وفق الضوابط الأخلاقية والشرعية والتي توظف القوة الكامنة في الإنسان نحو العملية الإنتاجية، وبالنتيجة تسهم في زيادة دخل الفرد وزيادة الدخل القومي ومن ثم تقليل معدل البطالة؛ تلك الآفة التي تؤدي إلى العديد من المشاكل الاجتماعية، إضافة إلى دعم المشاريع التي تحافظ على البيئة ومنسجمة مع أحكام الشريعة الإسلامية والالتزام بالمعايير الأخلاقية التي تحافظ وتحترم البنيان الاجتماعي للمجتمع وما إلى ذلك.
أما الأهمية الاقتصادية فتعني العائد الاقتصادي الذي يمكن أن يتحقق ضمن الضوابط الشرعية في تنمية رأس المال حيث من المعلوم أن العائد هنا غير مضمون ومبني على عنصر المخاطرة على العكس من البنوك التقليدية، العائد فيها على رأس المال مضمون من خلال سعر الفائدة المعلوم مسبقا عند طلب التمويل، ولكونها مؤسسات مالية “المقصود الإسلامية”،
فإنها تؤدي دورا مهما في التنمية الاقتصادية من خلال قدرتها على توفير التمويل اللازم المتأتي من جمع المدخرات الوطنية وإعادة توظيفها في مشاريع تسهم في تحقيق تنمية اقتصادية تحقق قيمة مضافة إلى الدخل القومي مع توفر الكفاءة وحسن الاستغلال للموارد الاقتصادية المتاحة، وهذا بالنتيجة يؤدي إلى المساهمة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي المنشود، وبالتالي فهي التزام ذو عائد على الاستثمار وهي كذلك نهج وثقافة.