الدكتورة فاطمة محجوب، عالمة من الوزن النفيس، فقد خدمت دينها وأمتها في مجال التأليف والموسوعات، وهي مؤرخة وعالمة لغوية، وتعد الموسوعة الذهبية في العلوم الإسلامية واحدة من أهم الموسوعات التي أثرت المكتبة العربية الحديثة، وقد قامت بترتيب هذه الموسوعة ترتيبًا أبجديًا ونشرت في تسع مجلدات، ويتضمن العمل تسعة مجالات في علوم الدين الإسلاميّ، مثل: تفسير القرآن الكريم، والعقيدة، والفقه.
وبالإضافة إلى ذلك تتضمن الموسوعة أبوابا في دراسة العلوم التي بَرَع فيها العلماء المسلمون، مثل: الجغرافيا، والتاريخ، والطب، وعلم العقاقير والرياضيات، وعلم الفلك والكيمياء وفن العمارة الإسلامية.
ولدت الدكتورة فاطمة محمد محجوب بالقاهرة عام 1925م، لأب كان على وعي بأهمية تعليم الفتاة وتنشئتها التنشئة الصالحة، فألحق ابنته فاطمة بالتعليم فحصلت على الشهادة الابتدائية عام 1936م، وكانت البيئة المدرسية تشجع على تحبيب التلميذات في التدين والإقبال على المواد الشرعية، فكانت مديرة المدرسة إنصاف سري رحمها الله تحرص على احتشام الفتيات .
وفي مرحلة التعليم الثانوي حصدت فاطمة محجوب المركز الأول على القطر المصري في القسم الأدبي، ثم قدمت أوراقها لكلية الآداب جامعة القاهرة، ولكن والدها ، سحب أوراقها والتحقها بمعهد التربية للبنات الذي أصبح فيما بعد كلية بنات جامعة عين شمس، والتحقت بقسم اللغة الإنجليزية، وبعد التخرج عملت بتدريس اللغة الإنجليزية في وزارة التربية والتعليم إلى أن وصلت لمفتشة أولى.
أوفدتها وزارة التربية والتعليم إلى بريطانيا للدراسة في جامعتي “درهام”، و”ليفربول” ثم أوفدتها مرة أخرى إلى أمريكا للحصول على الماجستير والدكتوراه في علم اللغة، فحصلت على الماجستير والدكتوراه في علوم اللغة من جامعة تكساس الأمريكية.
بعد التخرج عملت أستاذا مساعدا لعلم اللغة بكليات البنات الإسلامية جامعة الأزهر، ثم أستاذة زائرة لعلم اللغة في جامعة الملك عبد العزيز بجدة، وكلية البنات بمكة، وتفرغت منذ عدة سنوات لإعداد الموسوعة الذهبية للعلوم الإسلامية، هذا بجانب دائرة معارف الناشئين التي قامت بكتابتها وطبعت عام 1957م، ضمن سلسلة الألف كتاب من دار الهلال ودائرة معارف الأطفال، ثم دائرة معارف الشباب من دار النهضة، إلى جانب مؤلفات في علم اللغة والشعر العربي.
وحول الجديد الذي تحمله الموسوعة الذهبية في العلوم الإسلامية قالت الدكتورة فاطمة محجوب في حوار لها عن الموسوعة الذهبية: الموسوعة تعني عناية بالغة بالعلوم الإسلامية، والعلوم التي نبغ فيها العلماء المسلمون وأثروا بها الحضارة الإسلامية.
هذا إلى جانب تراجم العلماء، والموسوعة تحوي العلوم الشرعية، مثل: علوم القرآن، وعلم الحديث، والتوحيد والعقيدة والفقه وأصوله، والسيرة والتصوف، هذا إلى جانب العلوم العقلية، مثل: الجغرافيا، والتاريخ، والطب، والصيدلة، والحساب، والجبر، والرياضة، والهندسة، والفلك، والطبيعة، والكيمياء، وعلم العمارة الإسلامية، وعلم الوراثة، والخطاطة.
وقالت: هذه المحاور تعينني بشدة، وهي أن يكون طرح الموسوعة إسلاميا بحتا، وأرجع المعلومة إلى أصلها وأصحح كثير من الأخطاء التي أدخلها الإعلام والتغريب حول المرجعية الإسلامية لكثير من العلوم الحديثة. ولقد لفت نظري منذ فترة التقدمة التي أشارت إليها إحدى المجلات ، وهي تعرض إحدى الموسوعات بأن فيها كل العلوم وما يميزها خلوها من العلوم الشرعية واللغة العربية، ولذا كان دأبي على التأكيد والاهتمام الخاص بتلك العلوم.
وتنصح الدكتورة فاطمة محجوب الأمهات والآباء بالحرص على الموسوعات الإسلامية داخل مكتبة الأسرة، كما تنصحهم بالعناية بتعليم أبنائهم لغتهم اللغة العربية فتقول: أساس النجاح والتفوق في كل المجالات العلمية هو إتقان اللغة الأصيلة، وهي العربية، لغة القرآن الكريم، وسبيل إتقان اللغة العربية هو حفظ القرآن الكريم منذ الصغر.
والحفظ الجماعي يسهل على الطفل سرعة الاستيعاب، كما كان يحدث في الكتاتيب. هذا إلى جانب أهمية المدرس الصالح القدوة.
وهناك جانب مهم بالنسبة لاستيعاب الطفل والطالب عموماً، وهي المعلومة المنظومة، فالنظم يسهل الحفظ، كما في ألفية بن مالك. وألفية السيوطي في علم الحديث.
والمسلمون الأوائل اهتموا بالنظم في كل العلوم، وكان هذا أيسر في الحفظ، وتثبيت المعلومات، فليتنا نعيد لأولادنا هذا المنهج في التدريس، ونهتم كآباء ومربيين باللغة العربية قبل اهتمامنا باللغات الأخرى. هذا إلى جانب أهمية اختيار المواد الإعلامية المعروضة للطفل، والتي تراعي فيها صحة اللغة، وصحة نطقها هذا إلى جانب الكتاب الجيد، واستبعاد كل ما هو مكتوب بالعامية.