الطيور البحرية هي تلك الطيور المائية التي تعتمد بشكل مباشر أو غير مباشر على البيئة البحرية فوق المياه ، أي أنها تتغذى في البحر إما بالقرب من الشاطئ أو في الخارج وتعيش في المناطق الساحلية والجزر ومصبات الأنهار والأراضي الرطبة وجزر المحيط.
يعد استخدام الطيور البحرية كمؤشرات بيولوجية أداة فعالة من حيث التكلفة وغنية بالمعلومات (مصفوفة محددة جيدًا) لتحديد آثار الاضطرابات والتلوث ، أي تأثيرات الملوثات والمواد العضوية وانسكابات النفط في البيئة البحرية.
إن التغير المناخي والصيد المفرط يقودان إلى تغير شبكات التغذية البحرية ومنها الأسماك التي يتناقص عددها أو تهاجر إلى مناطق جديدة.
وتتعرض المحيطات لضغوط مستمرة بسبب الاحترار العالمي والتلوث البلاستيكي وغيرها من المشكلات، لكن الطيور البحرية تعد مؤشرًا هامًا للفت الانتباه حول المخاطر المحدقة بالمحيطات من التلوث بأشكالة.
ويحدث التلوث البحري نتيجة لتراكم النفايات والمواد الكيميائية الناتجة عن الأنشطة البشرية عمومًا، حيث يعد التلوث البحري من أسباب تلوث مياه البحار والمحيطات التي تُعتبر الموطن الأصلي للعديد من الكائنات البحرية ومصدر مياه الشرب للعديد من الكائنات الحية الأخرى، ويرجع السبب في حدوثه إلى سوء إدارة النفايات بأنواعها وتراكمها، وبالتالي استنزاف الأكسجين الذائب في المياه وموت الكائنات الحية مثل الطيور البحرية التي تعيش في المسطحات المائية.
والتلوث البلاستيكي يعد أيضا من أكثر أنواع التلوث البحري شيوعًا؛ والذي يحدث بسبب الجريان السطحي للمياه حاملة معها الملوثات البلاستيكية، إضافةً إلى أنه قد يحدث أيضًا نتيجة لإلقاء المخلفات البلاستيكية في المسطحات المائية، كأكياس التسوق، وزجاجات المشروبات، وأعقاب السجائر، وأغطية الزجاجات، وأغلفة الطعام، وحتى معدات الصيد والتى تتسبب في نفوق العديد من الكائنات البحرية.
ووفق دراسة جديدة نشرت في “مجلة العلوم” (Science Magazine) فإن الطيور البحرية في النصف الشمالي للكرة الأرضية تعاني بشكل ملحوظ بسبب التغير المناخي المقترن بالتلوث والصيد المفرط وغير ذلك من الأنشطة البشرية، التي تؤدي إلى تغيير مستمر في شبكات الأغذية البحرية ومنها الأسماك التي يتناقص عددها أو تهاجر إلى مناطق جديدة، ونتيجة لذلك فإن الطيور البحرية التي تعيش في قمة السلسة الغذائية تكافح من أجل أن تتكاثر وترعى صغارها.
وبحسب “دي بورسما”، عالم الأحياء في جامعة واشنطن وأحد مؤلفي الدراسة، فإن الطيور البحرية تسافر لمسافات طويلة، وبعضها يسافر من نصف الكرة الأرضية إلى النصف الآخر وهذا يجعلها حساسة جدًا لأي تغيرات في إنتاجية المحيطات.
وبعد دراسة العلماء لبيانات 66 نوعًا من الطيور البحرية في جميع أنحاء العالم عبر 50 عامًا، توصلوا إلى أن العديد من الأنواع لا تتكاثر بنجاح كما كانت تتكاثر في الماضي، وخاصة في نصف الكرة الشمالي. وقد نظر الباحثون إلى مجموعة متنوعة من الطيور، بما في ذلك الأنواع التي تتغذى بشكل رئيسي على العوالق، والأنواع التي تفضل الأسماك والأنواع التي تأكل كلاهما. ووجدوا أن الطيور التي تأكل الأسماك – إما جزئيًا أو كليًا – أكثر الطيور ضعفًا. وبالإضافة إلى ذلك، كانت الطيور التي تتغذى بشكل رئيسي على سطح المحيط أكثر عرضة للإخفاق في التكاثر من الطيور التي تغوص في أعماق البحار.
الطيور التي تتغذى على سطح المحيط أكثر عرضة للإخفاق في التكاثر من الطيور التي تغوص في أعماق البحار
ويؤكد الباحثون أنه ليس من المستغرب أن تكون معاناة الطيور البحرية في نصف الكرة الشمالي أكثر حدة، بسبب تدهور أوضاع المحيطات في النصف الشمالي من العالم، وتزايد الأنشطة البشرية الأخرى، مثل النقل وصيد الأسماك في تلك البقعة من العالم، التي يكون لها تأثير أكبر على النظم الإيكولوجية البحرية في الشمال ومن ثم تهديد الطيور البحرية. ويأمل العلماء بذل المزيد من الجهود للحد من صيد الأسماك في المناطق القريبة من مستعمرات الطيور البحرية وبناء مصائد الأسماك التي تعتمد عليها الطيور من أجل الحصول على الغذاء، مع بذل جهود عالمية لخفض انبعاثات غازات الدفيئة والحد من تغير المناخ من أجل إبطاء معدل الاحترار في المحيطات.
بقلم ا.د/ عاطف محمد كامل أحمد-مؤسس كلية الطب البيطرى جامعة عين شمس ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان استاذ – عضو اللجنة العلمية لإتفاقية سايتس- وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير البيئة والتغيرات المناخية بوزارة البيئة- الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية ورئيس لجنة البيئة بالرابطة المغربية المصرية للصداقة بين شعوب العالم