إن الحق في الحياة هو حق ومبدأ أخلاقي يستند إلى أن للإنسان الحق في العيش حياة سليمة وكريمة تنعم بالحرية وعدم التعرض للقتل من قبل إنسان آخر أو أي تعدي يمس به حيثُ وجد من أجل صون حقه بالحياة والبقاء على هذه الأرض كي يُعمر بها ويترك الأثر الإيجابي بها وصون كرامته الإنسانية فمن يتعدى على حق الإنسان بالحياة كأنه تعدى على كرامة الإنسان وأهم حقوقه.
وبهذا يكون أوجب أن يكون للإنسان الحق في الحياة، ولا ننسى أن القانون يحمي هذا الحق، فلا يجوز سلب هذا الحق وحرمان الفرد من حياته بشكل تعسفي. كما وجاء في في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية أيضاً نص عن الحكم بعقوبة الإعدام جزاءً لجرائم شديدة الخطورة ووفقاً للتشريع النافذ وقت ارتكاب الجريمة على شرط ألا يخالف أحكام هذا العهد والاتفاقية، وهذا النص يكون في البلاد التي لم تقم بإلغاء عقوبة الإعدام، وتطبيق عقوبة الإعدام لا يجوز سوا بحكم نهائي صادر عن محكمة مختصة. من حق كل فرد أن يتمتع بحقه في الحياة على قدم من المساواة ومن غير تمييز أو تفرقة.
وطبقاً للمادة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادتين 2 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وعملاً بالعديد من إعلانات واتفاقيات الأمم المتحدة الأخرى، يحق لكل إنسان أن يتمتع بالحق في الحياة دون تفرقة أو تمييز من أي نوع، ويُكفل لجميع الأشخاص الوصول الفعال وعلى قدم المساواة إلى سبل الانتصاف من انتهاك هذا الحق.
وعلاوة على ذلك، تنص الفقرة 2 من المادة 4 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على عدم جواز التذرع بالظروف الاستثنائية، مثل عدم الاستقرار الداخلي أو أية حالة طوارئ عامة أخرى، لتبرير أي انتقاص من حق الفرد في الحياة وأمنه الشخصي. والاعتراف العام بالحق في الحياة لكل شخص، المنصوص عليه في الصكوك الدولية المذكورة آنفاً،
يشكل الأساس القانوني لعمل المقرر الخاص. وتتضمن مختلف المعاهدات والقرارات والاتفاقيات والإعلانات الأخرى التي اعتمدتها الهيئات المختصة التابعة للأمم المتحدة أحكاماً تتعلق بأنواع محددة من انتهاكات الحق في الحياة. وهي أيضاً تشكل جزءا من الإطار القانوني الذي يعمل ضمنه المقرر الخاص
وأحد أوثق هذه الصكوك صلة بالموضوع هو المبادئ المتعلقة بالمنع والتقصي الفعالين لحالات الإعدام خارج نطاق القانون وتعسفاً وبإجراءات موجزة، التي اعتمدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي في قراره 1989/65 المؤرخ 24 أيار/مايو 1989.
وينص المبدأ 4 على التزام الحكومات بأن تكفل، بالوسائل القضائية وغيرها من الوسائل، حماية فعالة للأفراد والمجموعات المعرضين لخطر الإعدام خارج نطاق القانون أو تعسفاً أو بإجراءات موجزة، بمن في ذلك من يتلقون تهديدات بالقتل. وحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً، التي يُطلب إلى المقرر الخاص تقصيها، تشمل مجموعة متنوعة من الحالات. ويقع في نطاق ولايته كل ما يفعله ويغفل فعله ممثلو الدولة ويشكل انتهاكاً للاعتراف العام بالحق في الحياة المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 3) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 6 وأيضاً المواد 2 و4، الفقرة 2، و26، وكذلك، بصفة خاصة فيما يتعلق بعقوبة الإعدام، المادتان 14 و15)، فضلاً عن عدد من المعاهدات والقرارات والاتفاقيات والإعلانات الأخرى التي اعتمدتها الهيئات المختصة التابعة للأمم المتحدة.
أما بالنسبة لموقف الشريعة الإسلامية بموضوع حق الإنسان في الحياة: فقالت أن حق الحياة هو حقاً مقدساً ويجب رعاية هذا الحق، وأن كل قاتل للنفس بغير ذنب تعد جريمته إثماً عظيماً يعاقب عليها في نار الخلود، قال تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا). (93) سورة النساء. فحفظ نفوس البشر تعتبر من مقاصد الشريعة الإسلامية التي تمنع التعدي على الحقوق وتحفظ حقوق الأنسان.
يمكننا القول بأن مفهوم الحق في الحياة ينشئ ويكون من خلال المناقشات والعقوبة حول القضايا المتعلقة بعقوبة الإعدام وجرائم الحرب والإجهاض دون أي مبرر صحي والقتل الرحيم والقتل المبرر ورعاية الحيوان وعدم التعدي عليهم والرعاية الصحية العامة دون أي تقصير يؤدي إلى الوفاة أو أحداث حالة تأثير صعبة تعطل عن العمل قصدًا ومن خلال دراسات القانون بشكل جيد و واضح حول الجرائم التي تتعلق بالقتل بحجة الدم أو الشرف.
ويعتبر الحق في الحياة هو العامود الأساسي الذي تُبنَى عليه باقي الحقوق الأخرى، كما ينبغي الإشارة إلى أنّ الشريعة الإسلامية وجميع القوانين قد كفلت حق الحياة لجميع من هم على وجه الأرض سواء كانوا بشرًا أم حيوانًا أم نباتًا، فلا ينبغي الاعتداء على شيءٍ من المخلوقات إلا بوجهٍ شرعي وحجة شرعية لها مُبرر أو دفاعًا عن النفس بطريقة تناسب رد الاعتداء، وقد فرضت الشريعة الإسلامية لأجل الحفاظ على حق الحياة وعد الاعتداء عليه العديد من الأحكام والقوانين، وسنّت العديد من العقوبات المختلفة التي تناسب كُلّ فعل لمن يتعدّى على ذلك الحق أي حق الحياة.
تتعدّد مظاهر وأشكال وطرق حفظ الإسلام والقانون لحق الحياة لجميع المخلوقات التي وُجِدت على الأرض استثناءً من يتعدى على حق غيره بالحياة، وتتميز تلك المظاهر وتَبرُز بصورةٍ واضحة إذا نظر الإنسان إلى الأحكام العملية التي شرعتها الديانة الإسلامية على معتنقيها وتبرز كذلك في حال كانت تتعلّق بالإنسان في جميع أحواله وهيئاته دون أي مظهر من مظاهر التمييز العنصري؛ سواء كان مُسلمًا أم كافراً، أسودًا كان أم أبيض، عربياً أم عجمياً، فلا فرق في هذا الحق بين أي إنسان إلّا ضمن أسس وضوابط حددها الإسلام والقانون ونظمها وفق لقواعد وأسس دقيقة جدًا وواضحة، حتى أنّ الجنين في بطن أمه حفظ الله لها فحقه في الحياة، فمنع الاعتداء عليه بما يؤدي إلى إلحاق الضرر به أو بأمّه ومنع أيضًا الإجهاض دون سبب وجعل الفعل مُحرم ثُم قام القانون بتجريم الفعل وفرض العقوبة على جريمة الإجهاض ليحافظ على حق الجنين بالحياة والبقاء دون أن ينتهك حقه.
ويرتبط مفهوم الحق في الحياة بشكل مباشر إلى المنظور القانوني للحق في الحياة، بحيث تجمع دساتير العالم جميعها دون أي استثناء على تأكيد الحق في الحياة باعتبارها أولوية مطلقة وأساس الوجود والبقاء ولا يجوز التعدي عليه لأي سببًا خارج نطاق الشرع أو القانون مع وجود المُبرر المُتأكد منه.
ثُم ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأنّ لكل فرد الحق في الحياة، والبقاء، والحُرية، والأمان على النفس والشعور بالسلام وعدم الخوف على الحياة من التعدي، ومن هذا المُنطلق يُعتبر الحق في الحياة من أبرز الحقوق وأعظمها التي تُلازم كل إنسان ولا يجب نزعها ،وهو ما يُوجب على القانون حماية هذا الحق بأي طريقة وسيلة.
كما أكدَّ الميثاق الدولي المتعلق بحقوق الإنسان المدنية والسياسية على حق الحياة من خلال التأكيد على الامتناع عن حرمان أي شخص من حياته بشكل تعسفي دون وجود سبب أو مسوغ مشروع. والامتناع عن فرض عقوبة الإعدام لأي سبب في أي بلد، ويُكتفى بفرضها على أشد الجرائم خطورة وأعظمها وأكثرها ضررًا، أي أن تكون عقوبة الإعدام تتناسب مع الفعل والجريمة المُرتكبة ويتم تطبيق هذه العقوبة من خلال إصدار حكم بشكل نهائي من محكمة مختصّة بذلك مع التأكد من الجريمة والفعل ووجود الأدلة الكامنة التي تشير على أن ذلك الشخص هو المرتكب والفاعل.