أصبح دور اللاّمركزية في عصرنا الحاضر يتزايد يوما بعد آخر في البناء الديمقراطي العام للدولة. فتشعب مهام الدولة وتكاثر مسؤولياتها أدى بها إلى ترك جزء من الوظيفة الإدارية والاجتماعية والاقتصادية إلى وحدات إدارية وترابية تعتمد التمثيلية عبر آلة الانتخاب، بحيث يصبح لممثلي السكان اختصاصات موسعة في مختلف المجالات .
إن تعدد وازدياد أدوار الجماعات المحلية في كل التجارب التي تأخذ باللاّمركزية أدّى إلى اعتماد آليات مالية مهمة تمكن هذه الجماعات من موارد تستطيع من خلالها القيام بهذه الأدوار ،فاللامركزية الإدارية ليست فقط متسع الحريات اللازمة للهيئات المحلية لاتخاذ القرارات التي تهم تدبير الشؤون المحلية إنما هي بالإضافة إلى دلك تتطلب إعطاء الهيئات المحلية السلطات و الإمكانيات المالية اللازمة للقيام بالمهام المنوطة بها على الوجه المطلوب خاصة ما يتعلق بالسلطة الجبائية المحلية ,
والمغرب كغيره من البلدان التي أخذت بنظام اللاّمركزية راكم تجربة على هذا المستوى وخصوصا على المستوى الإداري والذي يصاحبه تطور وفعالية على المستوى المالي وهده التجربة في الممارسة المالية المحلية في شقها الجبائي تعود إلى مراحل ما قبل الحماية حيث كانت ضرائب دينية وزمنية كانت مجالا للصراع السياسي والاقتصادي بين المخزن وما يسمى” ببلاد السيبة”.
غير أن النظام الجبائي بمعناه الحديث لم يعرفه المغرب إلا ّمع مؤتمر الجزيرة الخضراء لسنة 1906 تمثل في مجموعة من الضرائب خصوصا الضريبة الحضرية التي أصبحت البلديات تستفيد من جزء منها. أما في عهد الحماية وتطبيقا لبنود معاهدة فاس لسنة 1912 حيث صدر ظهير 27 مارس 1917 الذي أحدث رسوم وضرائب محلية. لكنها لم تف بالغرض ليصدر ظهير 29 دجنبر 1948 ليدخل اصطلاحات عميقة على الجبايات المحلية
غير أن الهدف من هذه الإصلاحات كان هو المردودية المالية باعتبار أن هدف المستعمر أساسا الاستغلال بالدرجة الأولى. ومع حصول المغرب على الاستقلال صدر ظهير 23 مارس 1962 الذي أكد في فصله الأول على أن تأسيس كل أداء بلدي يجب أن يتم بموجب ظهير شريف وليسرد بعد ذلك لائحة من الأداءات والضرائب الواجب عرضها كرسم النظافة وأخرى اختيارية كالأداء عن الإغلاق المتأخر.
قام نظام الضرائب في مصر في عصر الرومان على قواعد محكمة تستطيع الدولة بمقتضاها ان تحصل على مستحقاتها على الأفراد ، و هذه المستحقات تشمل الضرائب و الرسوم عن ممتلكات الأفراد ، حيث كانت هناك ضرائب نقدية وأخرى عينية ، فقد كانت مصر تمد روما بكل احتياجاتها السنوية من الغلال ، كما كان يتحتم عليها إطعام جيش الاحتلال الروماني المرابط على أرضها
إنَّ تشابه مفهومي الضّرائب والجباية ببعضها البعض يؤدّي غالباً إلى الخَلط بينهما، فهما مفهومان وثيقا الصلة، وفي هذا المقال سيتم شَرح بَعض من هذه الفروق من عدّة نواحي من أجل تَوضيح الفرق بينهما، وفيما يأتي بيان لبعض تلك الفروق:
من حيث الشمولية
تُعد الجباية مجموعةً من الوسائل القانونية التي يُمكن من خلالها الاستيلاء على الممتلكات من خلال سلطة الضّرائب وذلك من أجل تَسديد دين أو ضَريبة غير مدفوعة، مما يَجعل مصطلح الجباية مفهوم أوسع وأشمل من مفهوم الضّريبة
من حيث الشكل
تأخذ الضّرائب عدّة أشكال عند فرضها مثل ضريبة الدّخل، أو ضريبة المشتريات، أو الضّريبة على السّلع المستوردة، أو الضريبة على قيمة الممتلكات أو العقارات أو الهدايا، أمّا فيما يتعلّق بالجباية فقد تَأخذ غالباً شكل غرامة أو ضريبة على الضريبة غير المدفوعة،
أو قد يَتم من خلالها الاستيلاء وحجز الأصول المملوكة من قبل الكيان أو الفرد من أجل استرداد مدفوعات الضرائب المستحقة
من حيث الجهة المخولة بالتطبيق
يتم تطبيق الضّرائب من قبل مصلحة الضّرائب، بينما الجباية يتم تَطبيقها ومُمارسَتها من قبل هيئة الضّرائب، مثل مديرية الخزينة العامة، أو دائرة الإيرادات الداخلية، أو أحد البنوك
من حيث الغاية
يوجد للضّرائب العديد من الغايات أهمها: استخدام إيرادات الضّرائب في تَمويل الأنشطة الحكوميّة؛ والتي تَشمل الخَدمات والأشغال العامّة مثل الطّرقات والمدارس، أو استخدام إيرادات الضرائب في عمليّة تَمويل البرامج الحكوميّة مثل؛ برامج الرّعاية الصّحية والضّمان الاجتماعي،
كما أنَّه قد يتم فرضها للتّأثير على سلوك الأفراد؛ على سبيل المثال يتم فَرض ضريبة صارمة على السّجائر من أجل الحد من شرائها، أمّا بالنّسبة للجباية فقد تَكون إمَّا من أجل تَسوية دَين أو الحصول على دَفعات ضَريبية غير مَدفوعة
ظهرت التجارية بعد انتشار الإقطاعية و ذلك نتيجة لهروب العبيد من شدة الظلم و الاستعباد و القسوة آن ذاك ، والذي تزامن مع ظهور الذهب و الفضة في اوربا خاصة في إسبانيا و البرتغال ، فبدا الفكر بالتغير تدريجيا نحو التجارة ، فأصبحت الدول الأوربية تسعى للحصول على اكبر قدر من الذهب و الفضة من مستعمراتها عبر العديد من الاستراتيجيات لأنه اشتهر في ذلك الوقت مفهوم من يملك مخزون اكبر من الذهب والفضة سيكون هو الأكثر تطورا وتقدما .
تعدد مفهوم الجباية و تطور عبر مختلف المراحل الزمنية التي مرت بها انطلاقا من العصور القديمة مرورا بالعصور الوسطى و العصر الإسلامي إلى العصور الحديثة ، حيث أخذت العديد من الأشكال حسب كل حقبة تمر بها ، و رغم اختلاف مضمونها ووعائها الضريبي إلا أنها تشترك جميعها في وجوب دفعها في أي حال من الأحوال هذا لأنها تعتبر مصدر أساسي من المصادر التي تعتمد عليها الدولة ومورد هام من اجل تمويل نفقاتها العامة .
يؤثر النظام الضريبي على التوازن الاقتصادي الكلي من خلال أثر الضرائب على الدخل، لأن زيادة الضرائب تؤدي إلى تخفيض الجزء من الدخل المخصص للإنفاق على الاستهلاك و تخفيض الادخار الذي يتم توجيه فيما بعد إلى الإنفاق على الاستثمار أي أن زيادة الضرائب تؤدي إلى تخفيض بعض عوارض تطبيق المقاصة في المجال الضريبي:-
يرى هذا الفريق ويجمع بعدم جواز إجراء المقاصة في مجال القانون الضريبي، ولكنهم اختلفوا في تبرير عدم جواز المقاصة. فهناك من يرى ان سبب عدم جواز إجراء المقاصة، ان دين الضريبة يعد ديناً ممتازاً ويتميز عن الديون الخاصة بان مصدره القانون وانه من النظام العام. أما القانون المدني وماجاء به من نصوص تتعلق بالمقاصة تطبق على علاقات الأفراد الخاصة ولاتشمل علاقة الأفراد مع السلطة العامة والمتمثلة بالسلطة المالية
وهناك من ذهب، ان السبب في عدم جواز إجراء المقاصة، ان ذلك سوف يعرقل تحصيل دين الضريبة، وحيث ان الأخير يعد ضرورياً لسير دوام المرافق العامة وبالتالي فان أية عرقلة في عملية تحصيل دين الضريبة ينعكس سلباً على سير عمل المرافق العامة
وفي تقييمنا للرأيين الفقهيين، نقول ان وجود النص القانوني في المجال الضريبي يكون واجب التطبيق سواء يجيز المقاصة أو يحرمها.
ولكن المشكلة تبرز عند انعدام مثل هذا النص في القانون الضريبي وبالتالي هل يجوز تطبيق نصوص القانون المدني المتعلقة بالمقاصة في مجال القانون الضريبي؟ بعبارة أخرى هل يمكن للقاضي الضريبي ان يطبق القانون المدني عندما لا يجد نصاً للواقعة المعروضة عليه بخصوص المقاصة؟
في هذه الحالة، على القاضي إيجاد النص القانوني وأعماله على الواقعة المعروضة عليه بما يتلاءم مع طبيعة دين الضريبة والمبادئ التي يقوم عليها القانون الضريبي حتى لو كان هذا الحكم متعارضاً مع أحكام القانون الخاص بصدد هذه الواقعة، فالقانون الضريبي يتميز بذاتيته واستقلاليته وعليه فان القاضي الضريبي يكون ملزماً ان يفسر ويطبق أحكامه طبقاً لذاتيته وفي نطاق المبادئ الضريبية من دون الخضوع للأحكام التي يقررها غيره من القوانين
لذلك نعتقد بإمكانية إجراء المقاصة بين ما يستحق للمكلف في ذمة الدولة وبين ما يستحق للأخيرة في ذمة المكلف مادام لا يوجد نص يحول دون ذلك على ان تجتمع في كلا الطرفين (السلطة المالية والمكلف) صفة الدائن والمدين في الوقت نفسه. وفي هذا الاتجاه يرى البعض
ان المقاصة يمكن ان تقع بين ما في ذمة الإدارة الضريبية للمكلف من مبالغ سبق وان دفعها زيادةً وما يستحق عليه من ضرائب، من دون ان يتعدى ذلك إلى إجراء مقاصة بين ما يستحق للمكلف من ديون أخرى غير ناشئة عن الضرائب وبين المستحق عليه كضرائب، لان في ذلك عرقلة في تحصيل دين الضريبة في الموعد المحدد، مما قد يؤدي إلى عرقلة سير دوام المرافق العامة.
أما موقف الهيئة العامة للضرائب (السلطة المالية) بصدد إجراء المقاصة فنجد ان الواقع العملي لها يشير إلى جواز ذلك ولكن بين الزائد من المبلغ الذي سبق وان أجْبته السلطة المالية من المكلف بصورة أمانات، وبين ما يستحق على هذا المكلف من ديون ضريبية واجبة التسديد.
ان هذا الموقف للسلطة المالية هو اجتهاد لها بسبب انعدام النص القانوني، ولذلك نعتقد ضرورة تدخل المشرع العراقي لإجازة هذا الموقف بما يحفظ للمكلف حقه ويسهل ويسرع إجراءات جباية دين الضريبة .ناصر الإنفاق الكلي، لأنها تؤثر على الاستهلاك ( تأثير مباشر و الاستثمار، تأثير غير مباشر).