.
.
ثم إني لم أعد أريد شيئا..
بقدر حاجتي لموت كبير..
يليق بحجم كل الجراحات التي بداخلي..
بحجم الوجع والصراخ المكبوت بين ضلوعي..
بحجم زئير الحزن الرابض في أعماقي..
بحجم خذلاني المتسع..
بت أشتهي أن أموت..
أي نعم..
لكن..
أنا لا أريد أن أموت رمزا في صدور المشردين يا سيدي..
حتى لا يمصمصون شفاههم عليَّ حزنا لألف مأساة..
ويذرفون المزيد من الدموع بلا ثمن..
وما في الجعاب سوى بقايا من ياسمين عناق قديم..
بل أريد الموت وجبة شهية على طبق الأعذار..
على مائدة الحجج التي لا تنتهي..
فذاكرتي بليدة جدا عن النسيان..
وصبري، ذلك الأحمق الذي لا يرعوي..
لعلي أقنع قلبي البائس بعد طول الحلم وتعثر الخطى في الطريق شهيدة..
ألَّا فائدة من الصبر بعد الآن تُرجى..
وأن الموت هدية الأوفياء عند نهاية الخدمة..
لعلي أقنعه أن يستسلم..
أن يسلم نفسه للسكين بلا قتال..
بلا انتظار..
بلا ثورة..
أنا يا سيدي أريد موتا يليق بقلب عاشق يمتاره الليل..
يختاره التعب مأوى ينام بين ذراعيه بعد كل تعب من البحث عن ملاذ..
لا ذلك الموت الذي يُهدى للجميع محاطا بالبكاء والنشيج..
وقنينة عطر وكفن..
فقد أدركت بعد كل هذا العمر أننا نموت مرات كثيرة ونحن على قيد الحياة..
لكن قلة من يملكون موتا مختلفا..
ذلك الذي يبقيهم أحياءً..
كنقش قديم على جدار لم يمحه الزمن..
كغصة عمر..
لا يذهبها نذر..
ولا يُنقصها رجاء..
وأني من بعد انقطاع الحلم..
أحلم لو كنت أحدهم..
انتهى..