أسهم التطور الكبير فى وسائل الاتصال وشبكات المعلومات وأجهزة الكومبيوتر ووسائل التصوير فى تفاقم أزمة الحياة الخاصة، إذ صار بالإمكان مراقبة الشخص بالوسائل الإلكترونية بالصوت والصورة وتسجيل كل كلمة يلفظ بها، أو فعل يقوم به، ولم يعد أحد بمنأى عن ذلك. وقد أسهم ذلك فى تجريد الإنسان مما تبقى له من خصوصية، فقد أصبح بمقدور الغير الوقوف على أدق تفاصيل الحياة الخاصة للفرد، سواء أكان ذلك برغبته أو بغير ذلك
وقد أفضى كذلك التطور الكبير فى وسائل حفظ المعلومات إلى تعريض الحق فى الخصوصية للخطر: فالكثير من المعلومات التى يحرص المرء على إحاطتها بالسرية ويخشى من اطلاع الناس عليها لم تعد بمنأى عن تدخل الغير . وقد تكون المعلومات المخزنة ليست سرية فى ذاتها؛ غير أن من شأن تجميع ها وتحليلها ومقارنتها واسترجاعها أن يعطى صورة عن الحياة الخاصة للفرد وصفاته الشخصية، وهو ما من شأنه تهديد فكرة الخصوصية
. ومما زاد من خطورة هذا المساس، اتساع استخدام الأجهزة الإلكترونية، بحيث لم يعد هناك من مجال بمنأى عن استخدامها، وأصبح الاعتماد على هذه الأجهزة أمراً لا غنى عنه فى المجتمع، إذ أصبحت جزءاً من حياة الشخص. ومما زاد من خطورة هذا المساس أن هذه الأجهزة كجهاز الهاتف المحمول وغيرها من أجهزة رقمية لم يعد ينفصل في كثير من الأحيان عن الشخص، فهو يرافقه فى أى مكان حتى ولو كان مخدع نومه، وأصبحت هذه الأجهزة مستودعاً لأسراره، ووسيلة كذلك للتجسس عليه، فلا يمكن أن يتحسب الشخص لما ينطق به هو أو غيره من الأشخاص من أحاديث على مقربة منها.
تعتبر المراقبة الإلكترونية من الوسائل المستحدثة في السياسة العقابية الحديثة، وتعد من أهم وأبرز تطبيقات التطور العلمي العقابي التي أظهرت ضرورة إيجاد بدائل للعقوبة السالبة للحرية بغير الأساليب العقابية التقليدية؛ إذ لجأت العديد من الدول المتقدمة إلى استخدام هذه الوسيلة؛ لأن التجربة أثبت الدور الفعال الذي تحققه في درء مساوئ العقوبة السالبة للحرية؛ وبذلك وجدت المراقبة الإلكترونية سواء أكانت وسيلة بديلة للعقوبات السالبة للحرية أو وسيلة بديلة للحبس المؤقت. وقد تم استخدام المنهج الوصفي التحليلي منهجا للبحث لاستخلاص النتائج وتقديم التوصيات المناسبة.
وقد قسمنا البحث إلى مبحثين، المبحث الأول تعرضنا من خلاله إلى المراقبة الإلكترونية كعقوبة بديلة للعقوبات سالبة الحرية، أما المبحث الثاني فقد تعرضنا من خلاله إلى الوضع تحت المراقبة الإلكترونية في التشريع الإماراتي. أن نظام المراقبة الإلكترونية يقوم على تنفيذ العقوبة بطريقة مبتكرة خارج أسوار السجن في الوسط الحر-بصورة ما يسمى «السجن في البيت».
يتضمن هذا الأسلوب نظاما إلكترونيا للمراقبة عن بعد، بموجبه يمكن التأكد من وجود أو غياب الشخص عن المكان المخصص لإقامته بموجب حكم قضائي؛ إذ يسمح للمحكوم عليه بالبقاء في منزله، لكن تحركاته محدودة ومراقبة بمساعدة جهاز مثبت في معصمه أو في أسفل قدمه (السوار الإلكتروني).
لا شك أن التكنولوجيا الجديدة تجلب معها تهديدات جديدة، وهذه التهديدات كبيرة كثيرة أثرت بشكل مباشر على حياة البشر وهددت استقرارهم، فقد انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة ما يعرف بالجرائم الإلكترونية بشكل كبير ومتزايد، بسبب انتشار أجهزة الحاسب الآلي وأجهزة الهواتف الذكية المتصلة على شبكة الإنترنت، وبلا شك فإن هذا النوع من الجرائم أصبح واقع يهدد وبشكل مريب سمعة وحياة الأفراد، لذلك وجب التنبيه حتى لا نقع ضحيته.
فالجريمة الإلكترونية هي جريمة تقع على المؤسسات أو الأفراد مستخدمي أجهزة الحاسب الآلي أو أجهزة الهواتف الذكية، وهي بلا شك سلوك لا أخلاقي وغير مصرح به وينكره القانون ويعاقب عليه ويدينه الشرع وينبذه المجتمع، حيث يتم ارتكاب الجريمة الإلكترونية باستخدام أدوات الاتصال الحديثة بالإضافة إلى مجموعة البرامج والتقنيات المعدة لهذا الأرض.
أهداف الجريمة الإلكترونية
- النيل من سمعة الضحية والتشهير بها بدافع الانتقام وذلك من خلال الحصول على معلومات وبيانات الضحية من صور ومقاطع فيديو وأشياء أخرى تخص الضحية.
- ابتزاز الضحية وتهديدها وذلك من أجل الحصول على مكسب مادي أو معنوي.
- انتهاك فكر الضحية وخطفه ذهنياً وذلك من أجل إيقاع الضحية فريسة فكر يتعارض مع عقيدة المسلم الصافية مستغلاً بذلك جهل الضحية بالتيارات الفكرية الموجودة على الساحة العالمية وطبيعة توجهها وأهدافها.
أشكال الجريمة الإلكترونية
صبح نشر الصور الشخصية أمر طبيعي واعتيادي لكلا الجنسين على شبكات التواصل الاجتماعي وهنا يجب الحذر بشدة من مغبة وقوع الصور في يد مريض نفسي ومنحرف أخلاقي
- الاستيلاء على بيانات الضحية من خلال استخدام برامج قادرة على استرجاع البيانات المحذوفة عن ذاكرة الهاتف أو الحاسب الآلي، لذلك يجب عدم بيع أو إعطاء الهاتف الخلوي أو جهاز الحاسوب لأي كان، لأنه باستخدام برامج قادرة على استعادة البيانات المحذوفة سوف يقوم الجاني باستعادة كل ما يخص الضحية من ملفات ومعلومات، لذلك يفضل عدم بيع جهاز الهاتف أو جهاز الكمبيوتر وإذا حصل وتعطل كل من الهاتف الخلوي أو جهاز الحاسوب فعليك إرساله إلى شخص مختص تثق به ومشهود له بالخير والصلاح.
- الحصول على بيانات الضحية من خلال فقدان جهاز الهاتف الخلوي أو جهاز اللابتوب، بهذا يتم الاستيلاء على بيانات الضحية وانتهاك خصوصيته، لذلك ينصح بعدم الاحتفاظ بصور أو مقاطع فيديو ذات طابع خاص.
- سرقة حساب الفيسبوك ويتم ذلك بطرق كثيرة سأذكر الطرق الأكثر استخداما وهي:
– سرقة حساب الفيسبوك عن طريق رابط معين أو صورة أو مقطع فيديو يقوم الجاني بإرساله للضحية وبمجرد أن تقوم بالضغط عليه يتم الاستيلاء على حسابك، لذلك لا تقم بفتح أي ملف صادر من أي شخص لا تثق به ولا تربطك به علاقة شخصية.
– قد يقوم الجاني بانتحال صفة شركة أو مؤسسة ويرسل إليك نموذجاً معيناً لتقوم بتعبئته ومن ضمن المعلومات المطلوبة البريد الإلكتروني والرقم السري، لذلك إياك أن تقوم بالرد على الطلب أو كتابة أي معلومة تخصك وإلا سيصبح حسابك في عداد المفقودين.
– الاحتيال وهذه النقطة مهمة جداً، حيث يتم الاحتيال بطرق شتى أشهرها أن يقوم الجاني بانتحال شخصية فتاة أو شاب وبعد سلسلة طويلة من المحادثات وبعد أن يثق الضحية بالجاني ويطمئن له يبدأ الجاني بطلب صور أو مقاطع فيديو للضحية أو أية معلومات أخرى وهنا تبدء المعاناة، حيث يبدأ الجاني بابتزاز ضحيته بطلبات غير مصرح بها شرعاً ولا قانوناً، كأن يطلب منه مبلغ من المال أو القيام بأفعال لا أخلاقية يرفضها الشرع وينكرها المجتمع؛ لذلك ينصح وبقوة عدم قبول أي طلب صداقة من أي شخص لا تعرفه معرفه شخصية، ولإدراك ما فات عليك بحذف كل من لا تربطك به علاقة صداقة شخصية من قائمة أصدقائك.
نقاط مهمة يجب أخذها على محمل الجد حتى لا نقع فريسة سهلة للمخترقين
- قد يقوم شخص بإرسال رسالة بريد إلكتروني لك عن طريق الفيسبوك أو غيره ويخبرك بهذه الرسالة أنك ربحت مبلغاً مالياً ضخماً ويطلب منك بعدها للحصول على الجائزة أن تملأ نموذج يحتوي على رقم رصيد حسابك بالإضافة إلى بريدك الإلكتروني ورقمك السري وتعتبر هذه الطريقة من أكثر الطرق رواجاً، لذلك احذر أن تقوم بتعبئته الطلب أو إرسال أية معلومة تهمك لأنه الجاني سوف يقوم بسرقة حسابك بلا شك.
- أصبح نشر الصور الشخصية أمر طبيعي واعتيادي لكلا الجنسين على شبكات التواصل الاجتماعيي وهنا يجب الحذر بشدة من مغبة وقوع الصور في يد مريض نفسي ومنحرف أخلاقي لأنه سيقوم بكل بساطة وباستخدام برامج متقدمة جداً بتجريد الصورة من محتواها والعبث بها وتركيبها على صور ينكرها الشرع والمجتمع وإظهار الجاني بمظاهر مخلة للآداب ليرسلها بعد ذلك للضحية ليبدأ مسلسل الابتزاز.
- فيروسات الفيسبوك ويتم إرسالها برسالة أو نشرها كرابط يحمل معلومة طريفة أو خبر يخص أحد الشخصيات المهمة وما إن تقوم بالضغط عليه حتى يقوم بنشر مواد إباحية على صفحتك أو إرسال رسائل إلكترونية مزعجة، مما يدفع الضحية إلى إغلاق حسابة بلا رجعة، لذلك احذر أن تضغط على أية رابط غير واضح المصدر.
أسئلة مهمة تردد كثيراً بخصوص هذه الجرائم المعلوماتية وما يتعلق بها
- هل يمكن اكتشاف مرتكب الجريمة الإلكترونية؟ بكل سهولة ويسر حيث أن هنالك مختصين يمكنهم تحديد هوية الجاني بسرعة كبيرة.
- هل يعاقب القانون مرتكب الجريمة الإلكترونية؟ بكل تأكيد فالجريمة الإلكترونية تشبه إلى حد ما الجريمة التقليدية فهناك قسم مختص بهذا النوع من الجرائم في أغلب البلدان.
- ماذا أفعل إذا تعرضت إلى جريمة من هذا النوع؟ أبلغ الشرطة وبلا تردد.
- هل حساب الفيسبوك والتواصل الاجتماعي مراقبة؟ مخطئ من يظن أن هنالك خصوصية فالرقابة موجودة.
- هل أجهزة الهواتف الذكية خطيرة؟ أكثر مما تتصور فمن يملك هاتف ذكي كمن يعيش في بيت زجاج، فهنالك برامج وتطبيقات قادرة أخذ نسخة من كل شيء على جهازك من صور وفيديو ورسائل ومكالمات.
- بماذا تنصح للحفاظ على خصوصية مستخدم مواقع التواصل والهواتف الذكية؟
– تغيير الرقم السري لحساب الفيسبوك كل فترة معينة.
– عدم إضافة أصدقاء لا تعرفهم معرفة شخصية.
– لا تنشر صور شخصية لأنه سوف يتم تركيبها أو استخدامها لغايات السحر والشعوذة أو ربما تصاب بالعين والحسد.
– لا تحتفظ بصور شخصية أو مقاطع فيديو على هاتفك.
– إذا كان صاحب حساب الفيسبوك ذكر إياك أن تقبل صداقة فتاة لا تعرفها لأنه ربما يكون شخص يحاول الاحتيال عليك وابتزازك والعكس بالنسبة للإناث.
وفي النهاية يجب الحذر والحرص، فهناك أشخاص تحولت حياتهم وحياة أسرهم إلى جحيم بسبب وقوعهم ضحية الجريمة الإلكترونية، نتيجة عدم معرفتهم بأبسط إجراءات الوقاية من الاختراق.