إتفاق باريس للمناخ «كوب 21» هو أول اتفاق عالمي بشأن المناخ. جاء هذا الاتفاق عقب المفاوضات التي عقدت أثناء مؤتمر الأمم المتحدة 21 للتغير المناخي في باريس في 2015 .
بالرغم من التعامل سابقا مع أزمة المناخ وأزمة التنوع البيولوجي لسنوات عديدة على أنهما قضيتان منفصلتان، فإن الحقيقة – من خلال تسليط الضوء عليها فى مؤتمر المناخ بشرم الشيخ (COP27) هي أنه لا يوجد طريق قابل للتطبيق للحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية دون حماية التنوع البيولوجى والطبيعة وتنوعها واستعادتها بشكل عاجل.
“يجب النظر إلى القضيتين على أنهما على نفس الأهمية، وليس أن إحداهما أهم من الأخرى،” كما أوضحت إليزابيث مريما، الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي (CBD)- وهي الأداة القانونية الدولية لحماية التنوع البيولوجي التي تم التصديق عليها اتفاقية التنوع البيولوجي (1992 (هي الصك القانوني الدولي الذي يهدف إلى صون التنوع البيولوجي، وضمان الاستخدام المستدام لمكوناته والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية فيه. وصدقت على الإتفاقية 196 دولة.
ويأتي “يوم التنوع البيولوجي” في COP27 في شرم الشيخ قبل أسبوعين فقط من اجتماع رفيع المستوى للدول الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي في مونتريال، الذي يهدف إلى عكس فقدان التنوع البيولوجي. حيث طلب أربعة من المهندسين الرئيسيين لاتفاق باريس، بمن فيهم رئيسة الأمم المتحدة السابقة لتغير المناخ كريستيانا فيغيريس، رسميا من قادة العالم تقديم اتفاق “طموح وتحويلي” حول التنوع البيولوجي العالمي في مؤتمر COP15 القادم المعني بالتنوع البيولوجي. وإتفقوا على أن “أجندات المناخ والطبيعة متشابكة … فقط من خلال اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف وعكس فقدان الطبيعة هذا العقد، مع الاستمرار في تكثيف الجهود لإزالة الكربون من اقتصاداتنا بسرعة، يمكننا أن نأمل في تحقيق وعد اتفاق باريس،” كما قالوا في بيان.
الترابط واضح وهذا ما أوضحة برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب) أن فقدان التنوع البيولوجي له بالفعل آثار كبيرة على تغير المناخ الإقليمي والعالمي. بينما تلعب النظم البيئية الطبيعية دورا مهما في تنظيم المناخ ويمكن أن تساعد في عزل الكربون وتخزينه، فإن فقدان الغابات وتجفيف الأراضي الرطبة وغير ذلك من التدهور البيئي حول العالم قد ساهم بشكل كبير في تغير المناخ. ووفقا للوكالة، فإن الجهود المبذولة للحد من إزالة الغابات وتدهورها واستعادة النظم البيئية، على سبيل المثال، يمكن أن تسهم في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري السنوية.
وقالت إنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، لأخبار الأمم المتحدة :
“إذا استثمرنا في الطبيعة والبنية التحتية الطبيعية، والغابات، والشعاب المرجانية، وأشجار المانغروف، والغابات الساحلية، فهذا يحمينا من العواصف الشديدة. ولا يوفر موطنا للأنواع وحسب، بل يخزن أيضا الكربون. فلذلك بُعدٌ في مجالي التخفيف والتكيف”.
الشعاب المرجانية تحظى بمدافع جديد في COP27
في الوقت نفسه، يتأثر التنوع البيولوجي بظواهر الطقس المتطرفة ودرجات الحرارة، وخاصة في البلدان النامية، بسبب الموارد المحدودة لحمايتها. هذا أمر مقلق، لأن 15 دولة من بين الدول ال 17 التي لديها أكبر تنوع بيولوجي تقع في الجنوب العالمي.
إن تأثيرات تغير المناخ على التنوع البيولوجي واضحة بالفعل، خاصة مع اضطرار العديد من أنواع الحيوانات بالفعل إلى تغيير أنماط الهجرة، والنباتات التي تكافح من أجل التكيف مع التغيرات في درجات الحرارة، وبالطبع الدببة القطبية المعرضة للخطر بشكل خطير – ’الحيوانات الملصقة‘ للاحتباس الحراري – التي يتضورون جوعاً في القطب الشمالي بسبب نقص الجليد البحري في عالم يزداد احترارا. وفي المحيط، يشهد علماء الأحياء مأساة أخرى، حيث تموت الشعاب المرجانية وإبيضاضها، التي توفر الغذاء والمأوى لأكثر من 7000 نوع آخر، بسبب ارتفاع درجة حرارة المحيط وتحمضه.
وأطلقت سفيرة النوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إيلي غولديغ، مبادرة جديدة تهدف إلى حماية هذه الشعاب المرجانية في COP27 وقادت الأسبوع الماضي رحلة استكشافية في البحر الأحمر قبالة ساحل شرم الشيخ. وقالت “هناك هذا الجمال البصري المطلق. عندما تمر بقناعك وتشاهد هذه الوفرة الرائعة للحياة البحرية، تشعر كما لو أن الحياة كلها تسبح أمام عينيك. وقد ذكرني أن الشعاب المرجانية لا تغطي سوى نسبة ضئيلة من قاع البحر، لكنها تدعم ربع جميع الأنواع البحرية المعروفة”، كما قالت السيدة غولدنغ للمشاركين. وأضافت أنه حتى عند 1.5 درجة مئوية من الاحترار، فإن 70 إلى 90 في المائة من جميع الشعاب المرجانية ستضيع؛ يقفز هذا الرقم إلى نسبة مقلقة للغاية بنسبة 99 في المائة إذا ارتفعت درجة حرارة كوكبنا بمقدار 2.0 درجة مئوية. وأوضحت أن “هذه واحدة من أكثر الشعاب المرجانية تحملاً للمناخ في العالم، ويصادف وجودها هنا عند قدميكم في شرم الشيخ. وهذه ليست شعاب مرجانية عادية. وأوضحت أنها أحد أعظم عناصر الطبيعة التي نجت (من التغيرات المناخية) ويمكن أن تكون المفتاح لتجديد الشعاب المرجانية الأخرى في المستقبل.”
كما أعلنت الرئاسة المصرية لمؤتمر الأطراف السابع والعشرين COP27 عن سلسلة من المبادرات المتعلقة بحماية التنوع البيولوجي وتشمل مبادرة «ENACT Block 2» المعنية بالتنوع البيولوجي والمناخ؟
مبادرة “ENACT Block 2» المعنية بالتنوع البيولوجي والمناخ؟
قمة المناخ تطلق مبادرة ENACT Block 2 لتحقيق التزامات عالمية بقضايا البيئة وتهدف المبادرة إلى تسليط الضوء على أهمية العمل المحلي من المجتمعات في جميع أنحاء العالم لتطوير وتنفيذ حلول قائمة على الطبيعة للتصدي لتغير المناخ واستدامة التنوع البيولوجي. كما سيتم تسليط الضوء على النهج والأمثلة الناجحة لإدارة الأرض والنظم الإيكولوجية للأراضي الرطبة، بما في ذلك ما يتعلق بالاستعادة.
ويأتي ذلك فعاليات يوم التنوع البيولوجي بمؤتمر المناخ COP27، والذي يسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى استجابات متكاملة على نطاق واسع، ومشهد السياسات الدولية التي تلتزم بالإجراءات المتسقة والعاجلة من الدول، وما يشجعها ويمكنها من اتخاذ إجراءات لمعالجة أزمات المناخ والتنوع البيولوجي.
كما يركز على الطبيعة والحلول القائمة على النظام الإيكولوجي، مع السماح بالمناقشة حول تأثيرات تغير المناخ على التنوع البيولوجي ووسائل حشد الإجراءات العالمية لمواجهة التحديات لوقف فقدان التنوع البيولوجي والحد من آثار تغير المناخ والتلوث.
وتأتى أهمية مبادرة مصر لتعزيز الحلول القائمة على الطبيعة لتسريع التحول المناخى (ENACT) وذلك خلال ترأسها جلسة حول “من الالتزامات العالمية إلى العمل المحلى بشأن التنوع البيولوجى والمناخ” خلال فعاليات يوم التنوع البيولوجى ضمن الأيام الموضوعية لمؤتمر المناخ COP27إلى الأهداف التالية:
تعزيز بيئة تمكينية واسعة عبر اتفاقيات ريو ودفع العمل الجماعي لمواجهة التحديات المتكاملة لتغير المناخ ، وتدهور الأراضي والنظام البيئي، وفقدان التنوع البيولوجي من خلال الحلول القائمة على الطبيعة
ضرورة معالجة أزمات التنوع البيولوجى والمناخ معًا للبشر وكوكب الأرض،
ودفع العمل الجماعى لمواجهة التحديات المتكاملة لتغير المناخ وتدهور الأراضى والنظام البيئى وفقدان التنوع البيولوجى من خلال الحلول القائمة على الطبيعة.
ستعمل ENACT كمحور للجهات الفاعلة لتعزيز التعاون وتحقيق التماسك العالمى للأنشطة من خلال تبادل الخبرات والمعرفة ودعم تنفيذ أنشطة الحلول القائمة على أساس الطبيعة على أرض الواقع.
تربط بين رؤى الرئاسة المصرية السابقة COP 14 والحالية COP 27.
تعزيز الحماية والقدرة على التكيف مع الآثار المناخية لما لا يقل عن مليار شخص ضعيف، بما في ذلك ما لا يقل عن 500 مليون امرأة وفتاة، وتأمين ما يصل إلى 2.4 مليار هكتار من النظم الإيكولوجية الزراعية الطبيعية والمستدامة، من خلال حماية 45 مليون هكتار، والإدارة المستدامة لملياري هكتار، واستعادة 350 مليون هكتار، وزيادة جهود التخفيف العالمية بشكل كبير من خلال حماية وحفظ واستعادة النظم الإيكولوجية الأرضية، والمياه العذبة، والبحرية الغنية بالكربون.
كمحور للجهات الفاعلة لتعزيز التعاون وتحقيق التماسك العالمى للأنشطة من خلال تبادل الخبرات والمعرفة ودعم تنفيذ أنشطة الحلول القائمة على أساس الطبيعة على أرض الواقع.
بقلم: ا.د/ عاطف محمد كامل أحمد- مؤسس كلية الطب البيطرى جامعة عين شمس ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان استاذ – عضو اللجنة العلمية لإتفاقية سايتس- وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير البيئة والتغيرات المناخية بوزارة البيئة- الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية ورئيس لجنة البيئة بالرابطة المغربية المصرية للصداقة بين شعوب العالم