“مؤخرا جمعني لقاء بالعراقي القدير المستشار فخري كريم صاحب دار المدى والكاتب الصحفي سيد محمود، دار حديث بينهم حول مذكرات غبور الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية ومدى أهميتها والمميز فيها. في تلك اللحظة انشغل ذهني بعدة أسئلة منها لماذا قد ينشر أحدهم سيرته الذاتية أو جزءا منها كمذكرات للعامة؟ ما الذي يجعل لدى أحدهم رغبة جامحة في أن يطلع الناس على أسراره وأصعب تفاصيل حياته؟ وهل حقا ما ينشر هو كل التفاصيل أم هو فقط ما نستطيع أن نبوح به؟ أرى أن تبقى الأشياء الأكثر سوداوية حبيسة زنازين الذاكرة، الحقيقة لم أشغل بالي كثيرا بطرح تلك الأسئلة أو حتى محاولة الإجابة عنها في هذا الوقت، فلطالما كنت أكتب رواياتي لأتحرر من ثقل التجربة، من وجع الماضي ومرارة الحاضر
أرى أن كل كتابة لي هي بطريقة ما تلمس شيئا في ذاتي، ولكي أكون صادقة لم افكر يوما أن اكتب سيرتي الذاتية ككتاب مستقل، ربما أرى أنني من هؤلاء الذين لا يملكون تجربة فريدة تستحق التوثيق، لو قدر لي يوما كتابة سيرتي الذاتية، ماذا سأخفي؟ أنا حقا أتساءل معكم الآن ماذا سأخفي ولماذا؟، سؤالك عصف بذهني وجمع مئات المشاهد التي لم أبح بها يوما لأحد، لم أجرؤ حتى على مناقشتها مع نفسي، لكن وهي تمر أمامي الآن أتساءل هل حقا تستحق أن تعرف، هل ستعوض معرفتها شيء، هل ستفيد الآخرين بشىء، بعد كوبين شاي وفنجان قهوة وقفزات سريعة للذاكرة فوق سطور الأيام والخبز الحافي، وجدتني أردد داخلي ربما لن تفيد لكني سأتحرر، ربما سيبادر هذا العالم المدعي بذبحي كشاة لكن ضمير الأنا الذي سيتردد بين السطور في كتابي سيكون شاهد عيان يخبر الجميع أنني كان لدي الشجاعة لأواجه نصفي المظلم، ولن أكتب سيرتي أن لم أملك الشجاعة لأقول كل شيء”.