كتب – عادل احمد
تحت عنوان «فلسفة التنمية ودور الدولة في تعميق التصنيع المحلي في مصر»، ناقشت دراسة اقتصادية مُفصلة أعدها الدكتور اشرف العربي رئيس معهد التخطيط القومي ونشرت بالمجلة المصرية للتنمية والتخطيط، قضية التصنيع في مصر وكيفية تعميقه في إطار فلسفة التنمية ودور الدولة، من خلال مقارنة خبرات مدارس الفكر الاقتصادي والتنمية في العالم، وبعض تجارب التصنيع العالمية في بعض الدول النامية ومن بينها كوريا الجنوبية.
وفى هذا السياق، استهدفت الدراسة الإجابة على مجموعة من التساؤلات من بينها، مدى إمكانية إحراز تقدم ملموس على طريق التصنيع وتعميقه دون تغيير في الفلسفة التنموية المتبعة من جانب الدولة المصرية، فضلاً عن تقييم الدور الحالي للدولة المصرية في التنمية ومدى اختلافه عن الدور المتعارف عليه في تلك الفئة من الدول التي تصنف على أنها دول تنموية.
كما حاولت الدراسة أيضاً الإجابة على سؤال حول الأولويات التي تتبناها الدولة المصرية منذ عام 2014، ومدى اتفاق أو تعارض ترتيب هذه الأولويات مع متطلبات التصنيع السريع أو العميق، بالإضافة إلى تناول الدراسة ما يتعلق بحجم دور الدولة المصرية وطبيعته خلال المرحلة القادمة، والانعكاسات المتوقعة من هذا الدور على مسيرة التصنيع عموماً وتعميقه خصوصاً.
وأشارت الدراسة إلى أن التقييم الموضوعي لدور الدولة في عملية التنمية في مصر لن يأتى إلا من خلال مقارنته بالدور المتعارف عليه في تلك المجموعة من الدول التي صارت تصنف في الأدبيات على أنها دول تنموية، لافتةً إلى أن تقرير البنك الدولي الصادر عام 1993 حول معجزة شرق آسيا، أكد على الدور الجوهري الذي تلعبه الدولة في الإنجازات الاقتصادية التي تحققت في تلك الدول، ولعل كوريا الجنوبية تعد مثالًا جيدًا يمكن الاستشهاد به في هذا الصدد.
وأشارت الدراسة فيما يتعلق بدور الدولة في الحياة الاقتصادية وفي عملية التنمية أنه ينطلق بشكل عام عادة من الفلسفة التنموية والمدرسة الاقتصادية التي ينتمي إليها صناع القرار في هذه الدولة، حيث تتنوع المدارس الفكرية ما بين من تؤيد الاعتماد على آليات السوق الحر، ومن تؤيد توجيه الدولة للسوق والتحكم في مساراته ومن تتخذ مساراً وسطاً بين الإثنين.
و قدم البحث بعض المقترحات لتعديل أولويات الدولة المصرية لتأمين استجابتها لمتطلبات التصنيع السريع والعميق، كما تتطرق تلك التعديلات المقترحة إلى حجم وطبيعة دور الدولة في تنفيذ تلك الأولويات، وهو الدور الذي يركز على إحداث تحول هيكلي لصالح الأنشطة والقطاعات الإنتاجية خاصة الصناعة التحويلية، بهدف تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفع ومستدام.
وقد خلصت الدراسة إلى أن تعزيز دور الدولة في عملية تعميق التصنيع المحلي مستقبلاً يتطلب تغيير الفلسفة التنموية التي تم تبنيها منذ عام 1952، وتزايدت حدتها منذ عام 2014، في اتجاه الدولة التنموية التي تعتمد على التخطيط التأشيري وعلى السياسات الصناعية الحديثة والتي تتطلب دوراً ذكياً وانتقائياً للدولة يعزز من دور القطاع الخاص ويتكامل معه.