من مظاهر شهر رمضان فى مصر انتشار موائد الرحمن فى الكثير من الشوارع، والمساجد، والساحات فى محافظاتها المختلفة.
يرجع البعض موائد الرحمن إلى عصر الفاطميين حينما أمر الخليفة المعز لدين الله الفاطمى بإقامة مائدة كبيرة لإفطار رواد مسجد عمرو بن العاص وأطلق عليها «دار الفطرة»، واستمر هذا الحال حتى عصر المماليك، ثم جاء العثمانيون الذين أهملوا تلك العادة.
هناك رأى آخر يشير إلى أن البداية كانت فى عهد أحمد ابن طولون حينما جمع أعدادًا كبيرة من كبار، وأعيان الدولة للإفطار، وأقام فى الوقت نفسه أعدادًا كبيرة من المواد للفقراء، والمحتاجين، وطلب من الأغنياء أن يتولى كل واحد منهم الإنفاق على مائدة من هذه الموائد طوال الشهر الكريم.
هكذا بدأت موائد الرحمن فى مصر، ثم انتشرت فى كل أرجاء العالم الإسلامى، لكن تظل مصر هى الدولة الأشهر، والأكبر، فى هذا المجال.
قرأت فى «الأهرام أمس» على لسان اللواء خالد عبدالعال، محافظ القاهرة، أنه تمت الموافقة على إقامة أكثر من ٣٠٠ مائدة رحمن بالمساجد التى بها جمعيات خيرية، ولجان زكاة لتقديم الوجبات الساخنة للصائمين.
بعيدا عن المساجد تنتشر موائد الرحمن فى الكثير من الشوارع، والأماكن، ولكن على استحياء هذا العام، بسبب ارتفاع أسعار السلع الغذائية، بدءا من اللحوم، والدواجن، ومرورًا بأسعار الياميش، والمكسرات، وانتهاء بأسعار الأرز، والخضراوات، والفواكه.
ارتفاع الأسعار أدى إلى إحجام البعض عن إقامة موائدهم لارتفاع تكاليفها، وإن كنت أتمنى أن تكون هناك بدائل أخرى مثل المشاركة فى إقامة الموائد، وعدم إلغائها، فهى ليست من مظاهر رمضان فقط، لكنها تمثل أداة من أدوات تخفيف العبء عن كاهل المحتاجين، والفقراء وعمال المحال، والشركات، وعابرى السبيل.
لا بديل عن التكاتف، والمساندة، والترابط لكى ينجح المجتمع فى تخطى الصعوبات الاقتصادية التى فرضتها الأزمة الاقتصادية العالمية فى أقرب وقت – إن شاء الله.