أما بعد..
فكل الأشياء خلفك قابلة للتكرار..
للزحام..
لنشوة الصخب..
للضجة..
لإثارة الفوضى..
لصراخ المارة..
لتناوب الفصول..
لمرور الوقت..
للحياة..
لإعادة المحاولة على الأقل..
إلا ذلك الفراغ الشاسع جدا الذي خلفته بداخلي..
وكيف يقبل الدمار الهائل هنا وقع الأقدام..
وبقايا الحطام تملأ كل زاوية، فلا تدع مجالا لإعادة الإعمار..
ولا تقبل أي محاولة للترميم..
إن الأيام باردة جدا هنا يا سيدي..
وطقس الانتظار أسوأ من أن يُشرح..
وطقوس الصبر باءت جميعها بفشل ذريع..
حتى أن الموت نفسه بات يخشى على نفسه..
فرحل مبتعدا دون أن يأخذ معه شيئا مني..
إذ لم يبق ما يؤخذ..
ربما أشفق عليَّ، فأخرني إلى أن تتحسن الأحوال..
وتتهيأ له فرصة..
وما زال الخذلان الأسود وحده يرتديني حتى آااااخر خيط في النسيج..
يقاسمني أشيائي..
ذاكرتي..
أحلامي البائسة..
وضلوعي الضيقة جدا..
وأنفاسي..
حتى هلعيَّ الليلي وخوفي من الظلام..
والوحدة..
ما زال الحزن يخيم على أجوائي..
ويسكن أرضي..
فأي كارثة تركتها هنا ورحلت..
وأي خراب أنحلتني..
لله أنت..
كم لهزلك من غدق..
وكم طويل ذلك الليل الأخير..
يبدو أنك-رأفة بي-أخذت الصبح التالي معك..
أصبت..
يبدو أنك كنت تعرف جيدا..
أن الشمس لا تروقها الآن أوراقي المتساقطة..
ووجهي القبيح..
لكن..
ألا تأخذ أيضا وجهك الذي يسكن ملامحي..
ويعيث الفساد بين جوانحي..
فربما أتخلص من آخر خطاياي..
وأستريح..
انتهى..