والمسألة ليست أزمات اقتصادية أو سياسية، فكل المجتمعات تمر بها، لكن الأخطر هو العطب الذى يصيب العقل، فيعوقه عن التفكير العلمى المنظم، فيتسم كثير من تصرفاته العامة والخاصة بقدر من العشوائية تتسع وتضيق حسب الظروف، عشوائية يدعمها «اختراع التصالح» مع تصرفاتها فى مجالات متعددة من الأنشطة، وبالتدريج يهبط مستوى الأداء الفردى والجماعى فيه، سواء فى العمل أو فى الحياة الاجتماعية.
وقطعا لا يخلو المجتمع من فئات وأفراد تحسن التفكير العلمى المنظم والتدبير المحكم والعمل الجاد، لكنها تظل تيارا محدودا، والمجتمعات تتطور وتنهض بتيار عام غالب حتى لو تفاوتت قدرات أعضائه.
وسألنى رجل القانون المروق السؤال البديهي: من أين نبدأ؟!
قلت: لا يجوز أن عقلا أو بضعة عقول تجيب عنه، لكن فى رأيى المتواضع من عمودين فى غاية الأهمية هما العقل والعدل، أى بناء عقل جمعى عصرى يأخذ بالأسباب وقادر على النقد والابتكار والإبداع قادر على التفكير العلمى المنظم وله روافد أساسية، أولها تعليم جيد وإعلام صحيح الوعى وثقافة جديدة: معارف وفنون وتراث وعادات وتقاليد وقيم.
والعدل بتعديل ثقافة الامتيازات والاستثناءات المتغلغلة فى نسيج المجتمع، وتسبب نوعا من اللامبالاة والتسيب والضحك على القانون.