تتفاقم هذه التحديات في العالم العربي الذي ظل لعقود يعاني من بطالة مرتفعة ولا سيما بين الشباب، وتدني إنتاجية العمل، واقتصاد غير منظم، وسوء ظروف العمل، وقلة مشاركة النساء في اليد العاملة، وضعف الحماية الاجتماعية أو عدم ملاءمة تغطيتها. لقد اجتمعت كل هذه المشكلات لتشكل حلقةً مفرغة تعوق جهود تحقيق تقدم ملحوظ في مجال الحد من الفقر واللامساواة.
وتعزى هذه المشكلات إلى ضعف الحوكمة المتجسد في ضعف علاقات العمل في قطاع الصناعة، وغياب قنوات تواصل فعّالة بين الحكومات والمواطنين يمكن أن تسهم في إيصال أصواتهم، والتوصل إلى حلول. وبالرغم من وجود آليات للحوار الاجتماعي، فإنها غير خاضعة لنظام مؤسسي وغير مستدامة. تقوم الحكومة المصرية بجهود كبيرة لمواجهة مشكلة البطالة في مصر، ولكن الإصلاحات الاقتصادية التي يتم تطبيقها تؤثر بشكل ما على إظهار النتائج السريعة لهذه المجهودات خاصة على فئة الشباب.
فاليوم وحسب الإحصائيات الوطنية؛ يشكل الشباب الذي يتراوح أعمارهم بين 15-29 سنة 26.2 مليون مواطن، أي أكثر من ربع سكان مصر، ومن بين الشباب في نفس الفئة العمرية 1 من كل 4 فتاه أو شاب (٢٤.٨٪) بلا عمل. هذه الأرقام تدعوا إلي حتمية إيجاد فرص عمل لائقة للشباب، الأمر الذي يعد الدافع الأساسي للهجرة غير النظامية/ الشرعية.
لذلك أصبح تشغيل الشباب ومواجهة ظاهرة الهجرة غير النظامية/ الشرعية واحدة من أولويات الحكومة المصرية.
لذلك يأتي مشروع “تشغيل الشباب في مصر– إيجاد سبب للبقاء” الذى ينفذه مكتب منظمة العمل الدولية بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ليستجيب للتحديات السابقة بالتوافق مع الجهود الوطنية لتشغيل الشباب التي هي واحدة من أولويات الحكومة المصرية. واستراتيجية التنمية المستدامة ٢٠٣٠، بالإضافة إلي الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة. كما يقوم المشروع بتسليط الضوء علي أهمية مشاركة المرأة في سوق العمل.
يعتبر الشباب هم الثروة الحقيقية ألي مجتمع ومصدر هام من مصادر التغيير والتحديث حيث بلغت نسبة الشباب في الفئة العمرية )15 – 29 سنة( %26.8 من تعداد جمهورية مصر العربية، وبالنظر إلى المجتمع العربي نجد أن الشباب العربي يبلغ عددهم نحو في300 مليون شاب )تعداد مصر 2017(، وبالتالي تشكل فئة الشباب الأكبر عددا المجتمعات العربية عامة والمجتمع العربي خاصة )حسين البطراوي، 2018(.
من التغيرات التي طالت مختلف حيث شهد العالم في السنوات القليلة الماضية عددا جوانب الحياة المعاصرة، ومست المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كافة في مختلف دول العالم، على اختلاف درجات النمو والتقدم فيها. وتستلزم الحياة الاجتماعية المنظمة وجود صورة كاملة ودقيقة عن أجزاء المجتمع ككل بمتغيراته البيئية والاجتماعية، ويمثل البحث في تمكين الشباب أهمية كبيرة، انطلاقا من الموقع الذي تشغله هذه الفئة في بنية المجتمع والتنظيم الاجتماعي بصورة عامة، فهي تشكل الأساس الذي يبنى عليه مستقبل الأمة وقوتها )
بالنظر الي مجتمعنا المصري بالتحديد نجد ان هناك انخفاض في المستوى الاقتصادي والذي أدى الي ظهور الكثير من الشباب الغير قادرين على العمل، فنجد الكثير من الشباب قد تخطوا سن العشرين وربما الثالثين ومازالوا يعيشون عالة على أسرهم سواء في اتخاذ القرار أو في الحصول على المال، ولن يتم حل هذه المشكلة إلا من خلال العمل على تمكينهم في عدة مشروعات تنموية تساعدهم على تلبية حاجاتهم الأساسية، كفرص العمل والمسكن الملائم وحل بعض من مشكلاتهم في ظل المتغيرات الاجتماعية والبيئية، فتمكين الشباب في المجتمع هو وسيلة للتخلص من المشكلات والتحديات المختلفة التي تواجه الشباب )
أضفت الدولة المصرية حماية واهتماماً خاصاً بتمكين ورعاية الشباب في الوثيقة الدستورية 2014. حيث نص الباب الثالث من الدستور المصري (الخاص بالحقوق والحريات والواجبات العامة)، في المادة 82 على أن : «تكفل الدولة رعاية الشباب والنشء، وتعمل على اكتشاف مواهبهم، وتنمية قدراتهم الثقافية والعلمية والنفسية والبدنية والإبداعية، وتشجيعهم على العمل الجماعي والتطوعي، وتمكينهم من المشاركة في الحياة العامة».
وفي الفصل الثاني المتعلق بالسلطة التنفيذية، فرع الإدارة المحلية. كما نصت المادة 180 من الدستور على أن: «تنتخب كل وحدة محلية مجلساً بالاقتراع العام السري المباشر، لمدة أربع سنوات، ويُشترط في المترشح ألا يقل سنه عن إحدى وعشرين سنة ميلادية ،وينظم القانون شروط الترشح الأخرى، وإجراءات الانتخاب، على أن يخصص ربع عدد المقاعد للشباب دون سن خمس وثلاثين سنة، وربع العدد للمرأة، على ألا تقل نسبة تمثيل العمال والفلاحين عن خمسين بالمائة من إجمالي عدد المقاعد، وأن تتضمن تلك النسبة تمثيلاً مناسباً للمسيحيين وذوي الإعاقة».
تعمل الدولة المصرية جاهدة على المساعدة في خلق فرص عمل للشباب تساعد على استيعاب الزيادة السنوية في الطلب على العمل. وذلك من خلال تشجيع المستثمرين على إنشاء مشروعات جديدة، وتقديم قروض للشباب للبدء في تأسيس مشروعات صغيرة ومتوسطة ،وفي خطوة تعكس إيمان القيادة السياسية بأهمية تلك المشروعات في دعم الاقتصاد القومي وتوفير فرص العمل للشباب، أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي في مطلع عام 2016، مبادرة تضمنت تكليف البنك المركزي بتوفير 200 مليار جنيه لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بفائدة لا تتعدى 5%.
مشروع رواد 2030:
قامت “وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري” في عام 2017 بإطلاق مشروع رواد 2030 وذلك في إطار اهتمام الدولة بدعم الشباب من خلال دعم ريادة الأعمال والشركات الناشئة، لمساعدة الشباب على خلق وظائف لهم ولغيرهم. ويهدف المشروع إلى تمكين الشباب من تأسيس المشاريع الخاصة والعمل على تكريس ودعم دور ريادة الأعمال في تنمية الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل من خلال تنفيذ محاور المشروع. كما يساهم المشروع في توفير مجموعة من الخدمات مثل المنح التعليمية والماجستير لدراسة مجال ريادة الأعمال بشكل أعمق وعلى نطاق أوسع، ودعم وتأسيس حضانات أعمال للشركات الناشئة التي تقدم أفكاراً جديدة في سوق العمل.
كما يهدف المشروع إلى تحفيز وإثراء ثقافة الابتكار وريادة الأعمال في مصر من خلال وضع منظومة متكاملة للابتكار بحيث يصبح ركيزة أساسية من ركائز جمهورية مصر العربية تطبيقاً لرؤية استراتيجية مصر 2030 للتنمية المستدامة الهادفة إلى أن يكون المجتمع المصري بحلول عام 2030 مجتمعاً مبدعاً، مبتكراً، ومنتجاً للعلوم والتكنولوجيا والمعارف، ويتميز بوجود نظام متكامل يضمن القيمة التنموية للابتكار والمعرفة، ويربط تطبيقات المعرفة ومخرجات الابتكار بالأهداف والتحديات الوطنية بحيث تصبح مصر من أفضل 30 دولة في مؤشر التنافسية العالمية 2030.
تشجيع الشباب بمنح أراضي بالمجان لمحافظات الصعيد:
قامت الدولة المصرية بمنح أراضي كاملة المرافق بالمجان لمحافظات الصعيد من بنى سويف حتى أسوان تشجيعاً للشباب والمستثمرين، ووضعت خطة مستقبلية لتنمية ما تملكه كل محافظة من مقومات وموارد وفرص استثمارية لخلق فرص عمل للشباب . وكذلك وضعت خطط لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الحرف اليدوية التي تنتشر بالصعيد.
تدشين مشروع “إمكان” لتشغيل الشباب:
تم تدشين مشروع “إمكان” لتشغيل الشباب ودعم ريادة الأعمال في صعيد مصر، وهو مشروع تابع لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية “اليونيدو” بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة وهيئة التنمية الصناعية ومحافظة الأقصر بتمويل من حكومة اليابان، ويهدف المشروع إلى تنويع وسائل تنمية وتطوير الاقتصاد والقطاع الخاص المحلى وتعزيز فرص تشغيل الشباب. وقد عرضت محافظة الأقصر 56 فرصة استثمارية صناعية بالمحافظة في نوفمبر 2017 عبر فعاليات مؤتمر “استثمر في الأقصر – إيجاد الفرص الصناعية”.