يُعَدّ التخطيط المالي أحد أهم المهارات التي يجب اكتسابها كخطوة أساسية نحو التعامل مع وضعك المالي والعمل على تحقيق هدف الادخار والوصول إلى أهدافك.
ويُعتبر إعداد ميزانيَة شخصية أحد أبسط عناصر التخطيط المالي، علاوةً على كونها واحدة من أهمّ أسباب نجاحك المالي. لا تساعدك الميزانية على فهم أين تذهب أموالك فحسب، بل تجعل من السهل أيضًا إدارة أموالك بطريقة تساعدك على تحقيق أهدافك المالية.
التخطيط المالي هو عبارة عن وسيلة فعَالة واستراتيجية طويلة المدى لإدارة أموالك بذكاء حتى تتمكن من تحقيق أهدافك المُستقبليَة. كما قال آلان ليكين، “الفشل في التخطيط هو تخطيط للفشل”. نتيجة لذلك، من الضروري أن تُخطِط بشكل أفضل لكيفية إدارة أموالك في المُستقبل.
بمعنى آخر، التخطيط المالي هو خارطة طريق تُساعدك على تحقيق أهدافك، حيث يرسم صورة شاملة لأموالك الحالية وأهدافك الماليَة وأية استراتيجيات وضعتها لتحقيق تلك الأهداف. يُعد إنشاء خطة مالية أمرًا مُهمًا لأنَه يتيح لك تحقيق أقصى استفادة من دخلك ويمنحك الثقة للتغلُب على أي عقبات قد تواجهك في الطريق.
مراحل تخطيط الاستثمارات :
عندما يفكر احد بالاستثمار و إنشاء مشروع إنتاجي ، لا بد أن يقوم بمجموعة من الخطوات المترابطة التي تشمل العديد من الدراسات ، للإجابة علي الكثير من الأسئلة التي لها علاقة بمجال الاستثمار، ويمكن أن تكون هذه المراحل على الشكل الآتي:
المرحلة الأولى : مرحلة توليد الفكرة الاستثمارية :
إن فكرة الاستثمار تتولد عن حاجة اجتماعية معينة تنعكس في وعي المستثمر، على شكل إمكانية لتحقيق الربح من خلال القيام بمشاريع إنتاجية للوفاء بالحاجات الحالية والمستقبلية للمجتمع.
لذلك فإن الخطوة الأولى في أي عمل استثماري تتمثل في البحث عن الأفكار الجديدة لمشروع معين أو مجموعة من المشاريع ، و من ثم القيام بدراستها و المفاضلة بينها تمهيداً لاتخاذ القرار الاستثماري ، مع التنويه إلي ضرورة أن يتم إدراج جميع المشروعات المحتملة في قائمة المفاضلة , وتقسم مصادر الأفكار الي قسمين :
- الأول : يتعلق بالشركات و المؤسسات القائمة التي تفكر في التوسع وإنشاء مشاريع جديدة ، إذ يكون لديها خبرة متراكمة في مجال الاستثمار و الأعمال ، وتعمل الإدارة على خلق المناخ الملائم لتوليد الأفكار الاستثمارية و الاستفادة منها (قسم التطوير والتحديث ، الهيئات الإدارية العليا ، العاملين…..الخ).
- الثاني: يتعلق بجميع المستثمرين ، وبشكل خاص أولئك الذين يدخلون ميدان الاستثمار لأول مرة ، إذ يختلف الوضع هنا لعدم وجود خبرات استثمارية متراكمة ، وربما يحاول المستثمرون تجربة الحظ لأول مرة ، كما يستطيع هذا المستثمر النظر في السياسات والخطط التنموية المعتمدة من قبل الحكومة ، فهي توحي بأفكار جديدة، ففي سورية مثلاً ، يوجد مجلس أعلى للاستثمار يقوم بمساعدة الحكومة في إعداد السياسات الاستثمارية و الترويج للمشروعات ، كما يقوم بدراسة طلبات المستثمرين وإعطاء التراخيص الضرورية .
ومن المصادر الهامة للأفكار الاستثمارية أيضاً ، ما يسمى باقتصاد المعرفة الذي يعتمد أساساً على توفير القوى العاملة ذات النوعية العالية ، مثالها اليد العاملة الرخيصة ذات التأهيل العالي في جنوب غرب آسيا التي لعبت دوراً كبيراً وحققت مزايا نسبية في المشروعات التصديرية.
المرحلة الثانية :مرحلة القيام بالدراسات التحضيرية :
تشمل هذه المرحلة كل من دراسة السوق ، و الدراسة الفنية ، ثم الدراسة التمويلية، وفيما يلي شرح مبسط لكل منها :
1) دراسة السوق:
لتحديد قوى السوق وكيفية عملها وتأثيرها على المشروع المزمع الاستثمار فيه، فهي تتضمن تحديد مجال الاستهلاك للكشف عن الإمكانات الاستهلاكية المتاحة، فبدون وجود طلب استهلاكي على منتجات المشروع يكون مصيره الفشل ، كما تشمل أيضاً دراسة القوة الشرائية المتاحة واحتمالات تغيرها ، كما تقوم بدراسة الأسواق المجاورة و البعيدة ، وهل هناك عرض خارجي محتمل يمكن أن يمتد إلى السوق المحلية و ينافس منتجات المشروع ؟
في نهاية الدراسة السوق يجب أن نصل الي:
- التأكد من وجود طلب كافي .
- التنبؤ بواقع الطلب على السلعة في المستقبل.
- التنبؤ بالطلب على السلع الجديدة.
- تقدير حجم مبيعات المشروع.
- تحديد منافذ البيع و السعر المتوقع.
2) الدراسة الفنية :
إن إخراج المشروع من حيز التنظير والإمكان إلى حيز الفعل والتطبيق يحتاج إلى تأسيس من الناحية الفنية ، أي هل من الممكن إنشاء المشروع من الناحية الفنية؟، هذا بدوره يتطلب القيام بمجموع من الدراسات : منها ما يتعلق باختيار موقع المشروع، و مدى توافر الخدمات الضرورية و المواد الأولية ، و منها ما يتعلق بالتجهيزات الفنية للمشروع واختيار طريقة الإنتاج الملائمة ، بالإضافة إلى عدد العاملين ، و في نهاية هذه الدراسة يمكن الوصول إلى وضع جميع المخططات التنفيذية مع تقديرات كلفتها.
3) الدراسة التمويلية :
يتوقف تنفيذ أي مشروع مدروس على توفر الموارد المالية الكافية لذلك، من هنا جاء الهدف من هذه الدراسة في التأكد من أن الموارد المالية المتوفرة كافية لبناء المشروع وتشغيله ؛ لذلك تشمل الدراسة التمويلية تصميم الهيكل التمويلي للمشروع، أي تحديد الميزانية المالية للمشروع متضمنة : توزيع الأموال حسب مصادرها ، و زمن تدفقها ، وكذلك بنود الإنفاق وتاريخها . وبالإضافة إلى تحديد مصادر الحصول على الأموال ، هل يتم الاعتماد على الأموال الخاصة للمشروع، أم على الائتمان التجاري والقروض طويلة الأجل ، وفي النهاية يتم الوصول الي تحديد كلفة رأس المال النقدي ، أي كلفة الأموال المخصصة لبناء المشروع و تشغيله.
المرحلة الثالثة : دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع :
بعد القيام بالدراسات التحضيرية للمشروع (دراسة سوقية وفنية وتمويلية) ، أو ما تسمى بدراسة الجدوى التجارية ، يتم القيام بدراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع ، والتي بدورها ليست سوى جدوى تجارية ولكن مقيمة بالأسعار الاقتصادية السائدة في السوق بعيداً عن أية تدخلات خارجية ، إذ أن السعر الاقتصادي يعكس التكلفة الفعلية التي يتحملها المجتمع نتيجة لإنتاج وحدة إضافية من منتجات المشروع مقابل المنفعة الحقيقية التي يحصل عليها.
ومع إن أسعار السوق أو الأسعار التجارية هي التي تقوم عليها حسابات الجدوى التجارية التي تستلهم مصلحة الفرد كما تحددها قوى السوق ، فإن الأسعار الاقتصادية تعكس تأثير التدخلات العامة ذات الطابع الإداري أو السياسي أو الاجتماعي على هذه المصلحة في أية عملية استثمارية ، إذ أن عملية الاستثمار لا تتم في فراغ ، بل في بيئة تتحمل الكثير من أعباء الاستثمار، لذلك يجب أن تراعي مصالحها بدقة ، الأمر الذي يتحقق عن طريق استخدام الأسعار الاقتصادية في تقويم أداء المشروعات.
المرحلة الرابعة : مرحلة دراسة الجدوى الاجتماعية للمشروع :
يعد الاستثمار في النهاية عملية اجتماعية يجب أن يحقق الأهداف الاجتماعية المرجوة منه ، فالحاجات الاجتماعية هي منطلق أي مشروع استثماري ، كما أن المشروع يعمل ضمن بيئة المجتمع القانونية والتنظيمية و الإدارية ، فهو جزء من المجتمع ، كما أن عوامل الإنتاج التي يحتاج اليها المشروع يحصل عليها منه المجتمع ؛ لذلك فالطابع الاجتماعي يظهر بوضوح في المشروع الاستثماري و يزداد وضوحاً مع اتساع العلاقات التخصصية و التكاملية في المجتمع.
وتهدف دراسة الجدوى الاجتماعية للمشروع الي الكشف عن طبيعة المنافع التي يحققها للمجتمع و حجمها في مقابل التكاليف التي يتحملها بغية المفاضلة بين المشروعات ، و الجدير بالذكر أنه في حالة المشروعات الحكومية تبدو المنافع و التكاليف ذات طابع اجتماعي مباشر، إما في حالة المشروعات الخاصة فإن الكشف عن المنافع و التكاليف يتم من زاوية المصلحة الخاصة للمستثمر.