كان يعيش في كوخ في الحقول بسبب فقره الشديد ، اعتزل الناس وأصبح يأكل من النباتات الصالحة للأكل من التي تنمو على جسور الترع ولا يؤنسه في الظلمة سوى مصباح كهربائي يستمد طاقته من بطارية سيارة كان قد وجدها ملقاة في القمامة .
كان الناس يمرون عليه كأنه غير موجود ولا يسأل عنه بالطعام غير سيدة كبيرة في السن قد تجاوزت السبعين من عمرها تعيش في منزل متهالك هي الأخرى ولكنها كانت تملك راتبا من الحكومة تعيش عليه وكان يذهب من وقت لآخر كي يساعدها في تنظيف بيتها وفي يوم أتت فتاة صغيرة تطلب منه الحضور لأن تلك السيدة تحتضر وتريد رؤيته .
ذهب مسرعا فوجدها ممددة وبجانبها إحدى جاراتها التي نهضت وخرجت بمجرد دخوله . فنظرت إليه السيدة وهي تبكى وتقول : سأفتقدك يا بني وحزينة جدا لأن الجميع لا يساعدونك وكنت أعتبرك ابنى الذي لم ألده وأخاف أن لا يسأل عليك أحد فكتبت لك ذلك المنزل هو حقا متهالك ولكن أفضل من الكوخ وهذه وصيتي وبها العقد .
حاول أن يرفض لأنها بذلك تجذبه للعيش وسط الناس الذين ينبذونه ولكنها طلبت منه القبول وقالت ما سأطلبه منك هو أن تحفر لي بئرا في وسط المنزل فقط ثم فاضت روحها .
بعد دفن السيدة والتي لم يحضر جنازتها غير من تطوعوا لحملها وبعض الجيران فقط مع ذلك الشاب .
دخل المنزل ولم ينم وجلس وسط المنزل وأخذ يتعجب لماذا طلبت منه أن يحفر لها بئرا والناس أصبحت لا تحتاجه ولن يفيد أحد ، ولكنه قام وظل يحفر طيلة الليل وفجأة أحس بأن الفأس خبطت شيئا فأزال التراب عنه فوجده جرة فخارية مغلقة بقماشة . فتحها فإذا بها تمتلئ بالذهب والأحجار الكريمة وبها ورقة مكتوب فيها هذا ميراثي لابنتي وأولادها .
تذكر الوصية ففتحها فوجدها تقول فيها : تركت الميراث لك كي يعوضك عن تعبك الذي لاقيته ، لم أحتج له فلم أحفر عليه منذ زمن لأني أحببت العيش بسيطة وآثرت أن أترك الدنيا كما دخلتها فلم يكن لي نصيب في الخلفة وأنت ولدي الذي لم ألده فهذا لك .
أصبح من أغنى أغنياء القرية وبنى مسجدا و مدرسة باسم تلك السيدة ، وأصبح الجميع يتوددون له بعدما كانوا ينبذونه ولكنه كان يفعل الخير في الجميع وخاصة الفقراء لأنه عرف معنى الجوع والفقر حقا فلا يعرف قدر الشيء إلا من حرم منه .