يأتي قطاع النقل على رأس القطاعات التي تدعم الهيكل الاقتصادي ويعتبر الركيزة الأساسية للاقتصاد القومي ، حيث يمثل قطاع النقل بأنشطته المختلفة دعامة أساسية من دعائم التقدم ، ولا يمكن تصور تحقق النمو المتوازن بين قطاعات الاقتصاد القومي لأي بلد من البلدان دون تامين احتياجات تلك القطاعات من النقل ، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال إعداد تخطيط جيد لقطاع النقل يرتبط ارتباطا وثيقا بخطط القطاعات الاقتصادية الأخرى .
وقد تطورت صناعات قطاع النقل في وقتنا الحاضر وأثرت بشكل كبير على التطور الاقتصادي ، حيث يؤثر النقل في معالجة عامل المسافة والبعد فيساعد في توسيع السوق واستغلال الموارد الطبيعية والبشرية وزيادة الإنتاج وانتقال السلع واليد العاملة إلى الأماكن التي تكون فيها أكثر نفعا وتوطين المشاريع في الأماكن ذات الجدوى الاقتصادية الأفضل ، ونستطيع التماس ذلك في كافة البلدان الصناعية المتقدمة حيث كانت قديما السكك الحديدية هي الوسيلة الرئيسية للنقل عموما أما الآن فإن تلك البلدان تتميز بوجود انظمة نقل متطورة ، فبالإضافة إلى السكك الحديدية هناك وسائل أخرى كثيرة كالطائرات والسفن والأنابيب ( لنقل المواد السائلة كالنفط ) وأنظمة مرور عابر مؤلفة من شبكات الطرق البرية … الخ ، وبالتالي نجد ان قطاع النقل قد ساهم مساهمة فعالة في تقدم هذه البلدان اقتصاديا وصناعيا
كما يساهم قطاع النقل في التنمية الاقتصادية من خلال ربط مناطق الإنتاج بمناطق الاستهلاك وفي تأمين انتقال الأفراد ونقل المواد الخام والبضائع من مناطق الاستثمار وإليها، كما أنه يعتبر عاملاً مساعداً في استغلال الموارد الطبيعية التي غالباً ما يتركز وجودها في مناطق نائية .
ويمكن إجمال المساهمات الرئيسية لقطاع النقل في عملية التنمية لأي دولة في الأمور التالية :
- اختيار أماكن توطين الصناعات التي توفر للاقتصاد الوطني أكبر الفوائد المتمثلة في خفض نفقات الإنتاج والنقل والتوزيع
- اكتشاف الثروات الطبيعية واستغلالها في أفضل الظروف
- توسيع مساحة الأراضي المستغلة زراعيا
- نمو المدن والمراكز الحضرية وازدهارها
- تحقيق التوازن في عملية العرض والطلب على السلع في مختلف الأسواق المحلية والخارجية
- تحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدان واندماجها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي .
ويعد نقل الركاب والبضائع من المهام الرئيسية للنقل في كل بلد؛ وقد كان لتقدم النقل أثر كبير في انخفاض تكلفة المنتج النهائي التي تُعتبر تكلفة النقل من أهم العناصر المؤثرة عليها، وتشير بعض الدراسات الاقتصادية التي أجريت بهذا الشأن إلى أن تكاليف النقل تمثل في المتوسط 20% تقريباً من التكلفة النهائية لأي منتج، ومن هنا تأتي أهمية دراسة اقتصاديات النقل التي ترمي إلى تخفيض تكلفة عنصر النقل ومن ثم تكلفة المنتج النهائي
كما يعتبر قطاع النقل احد اهم القطاعات التي توفر الكثير من فرص العمل في المجتمع ، ذلك ان العنصر البشري هو الأساس الذي تقوم عليه عملية النقل لما تتطلبه العملية من جهد بشري في إنجاح مهامها ، ولابد توفير ملاكات بشرية كافية للقيام بمتطلبات التطور الحاصل في قطاع النقل باعتبار إن الزيادة في مهام هذا القطاع تستوجب أن تقابلها زيادة في العنصر البشري. وهذا يعني توفير فرص عمل كثيرة لمختلف الاختصاصات التي يقوم عليها قطاع النقل
- كفاءة نظام النقل الحضري :
إن العديد من مشكلات النقل تؤدي الى ضغط اجتماعي وحضري ، خاصة في غياب العدالة الاجتماعية عندما يتلقى بعض المواطنين خدمات بمستوى رفيع مع إهمال البعض الآخر، وفي الغالب لا تكون الصورة واضحة عن مستوى وكفاءة الخدمات لدى المسؤولين ولا عن مدى توفرها لمختلف طبقات وقطاعات المجتمع .
لقد قام كل من وني وهاتري Winnie & Hatry 1973) ) بتقديم برنامجا متكاملا لتقييم كفاءة نظام النقل الحضري ، يعتمد هذا البرنامج على الدراسة الميدانية بدرجة كبيرة استنادا إلى العديد من الدراسات لتقييم كفاءة خدمات النقل التي تقدمها الحكومات المحلية في الولايات المتحدة الأمريكية .
حيث وضع البرنامج ليبرز معاناة الطبقة الشعبية المحرومة من سهولة الوصول الى الخدمات العامة لاعتمادها على النقل العمومي في انتقالها اليومي من سكنها واليه .
أولا – أهداف الدراسة الميدانية لنظام النقل عند وني و هاتري :
1- بيان فاعلية خدمات النقل الراهنة المتوفرة للمجموع ، وعلى وجه الخصوص لقطاعات اجتماعية معينة او رقعة جغرافية محددة .
2- توفير قاعدة بيانات تساعد في قياس فاعلية خدمات النقل .
3- المساعدة في كشف مشاكل النقل .
4- المساعدة في تحليل و تقييم البرامج المقترحة والتي تحت التجربة .
وبسبب تباين حجم الطلب على خدمات النقل بين مختلف المناطق والأوقات ، لذا فإن جمع البيانات يجب أن يكون في أوقات الذروة والأوقات الأخرى أيضا ، من اجل مسح مجمل نوعية الرحلات ( للعمل والتسوق والترفيه .. الخ ) كما أن وسائط النقل متباينة في مستوى الخدمات التي تقدمها ، وبالتالي يجب أن لا تنصب الدراسة على واسطة نقل معينة دون غيرها إضافة إلى ضرورة إجراء المقارنة فيما بينها
نتيجة الدراسات المتعلقة بتخطيط النقل والمرور الحضري وجد أن هناك العديد من العوامل الحضرية المؤثرة في قطاع النقل وتوليد الرحلات المرورية ، منها ما يتعلق باستعمالات الأراضي في المنطقة الحضرية والتنمية العمرانية المتمثلة بالامتداد العمراني الأفقي أو الكثافة العمرانية الزائدة في بعض المناطق أو المدن نتيجة النمو العمودي في البناء ، ومنها ما يتعلق بنوعية المرور ( داخلي او خارجي وسواء كان مرورا متولدا أو نافذا ) وارتباط ذلك بشبكة الطرق الحضرية وأنماطها والطاقة الاستيعابية
لها وكفاءتها في تلبية الاحتياجات المرورية القائمة ، أو كفاية أماكن انتظار السيارات ضمن المنطقة الحضرية خاصة في الأماكن المركزية ، وقد تمت الإشارة إلى ذلك كله من خلال فقرات هذه الدراسة.
ولكن هذه العوامل في مجملها مرتبطة ببعض المتغيرات الهامة والتي لها الأثر الأكبر في توليد تلك العوامل للرحلات المرورية اليومية .
يعرف المرور ( Traffic ) بأنه حركة المركبات ضمن شبكة الشوارع والطرق في المنطقة الحضرية أو الإقليمية التي تربط بين المدن ، وتعتبر هذه الحركة وسيلة لتحرك الناس والبضائع تحقيقا لأهداف معينة ضمن شبكة الطرق والمواصلات وباتجاهات مختلفة منها ما يكون ضمن المدينة ومنها ما يكون عابرا لها ومنها ما هو خارج المدينة .
وقد تطورت علوم وهندسة المرور في عصرنا الحالي وتنوعت الدراسات التخطيطية والهندسية المتعلقة بالنقل والمرور بشكل واسع حسب اهدافها ومدى شموليتها ، وقد تم تصنيف الحركات المرورية وفقا لمنشأ ومقاصد الرحلات على النحو التالي :
أولا – حركة المرور الداخلية :
وهي مجموعة الرحلات التي تبدأ وتنتهي ضمن حدود المحيط الخارجي لمنطقة الدراسة ويعبر عنها بالمرور المحلي ( Local Traffic or Local Trip ) .
ثانيا – حركة المرور الخارجية / الداخلية :
وهي الرحلات التي تنشأ خارج حدود المحيط الخارجي لمنطقة الدراسة وتنهي داخل المحيط الخارجي لمنطقة الدراسة وتسمى احيانا بالرحلات المنجذبة (Attracted Trip ) .
ثالثا – حركة المرور الداخلية / الخارجية :
وهي الرحلات التي تنشأ داخل حدود المحيط الخارجي لمنطقة الدراسة وتنتهي خارجه ، ولذلك يطلق عليها المرور المتولد ( Generated Traffic ) . وهي الرحلات التي يكون منشؤها ونهايتها خارج حدود المحيط الخارجي لمنطقة الدراسة ، ولذلك تعرف بالمرور النافذ ( Through Traffic ) أي الذي يخترق المنطقة الحضرية أو الأحياء الواقعة ضمنها مؤثرة ومتأثرة به بشكل إيجابي أو سلبي وذلك وفقا لحجم المرور الكلي وتركيبته وموقع المدينة بالنسبة لشبكة الطرق الإقليمية ومدى قربها من المدن الكبرى وحجم المدينة التي يخترقها المرور النافذ فضلا عن كفاءة شبك الطرق داخل المدينة ومدى استيعابها لحجم المرور الداخلي والنافذ بان واحد .
ويمكن تقسيم رحلات المرور النافذ إلى قسمين :
1- الرحلات التي يحدث فيها توقف داخل حدود المحيط الخارجي لمنطقة الدراسة ، وهذه الرحلات من الممكن ان تعطي مردودا اقتصاديا للمدينة ولكنها بنفس الوقت تؤدي إلى الازدحام المروري والحوادث والأضرار البيئية داخل المدينة .
2- الرحلات التي لا يحدث فيها توقف داخل حدود المحيط الخارجي لمنطقة الدراسة ، وهذه الرحلات لا تأتي بأية فائدة على المدينة بل على العكس ستكون مصدر المشاكل المرورية السالفة الذكر فقط