أكثر من سبعة ملايين مسلم مصرى لا يؤدون صلاة الجمعة ، بعد استبعاد الإناث والصبية والأطفال والمرضى والعجائز غير المكلفين والأخوة المسيحيين .
حيث أن المصريين بطبيعتهم شعب متدين ولكن هذا الخبر ربما يفتح لمناقشة اكتشاف شخصية المسلم من جديد وهل العبادة والصلاة لهما تأثير فى سلوك الإنسان وفى قدرته على صنع الحضارة ونشر قيم الحق والخير والجمال وهو الجوهر الحقيقى الذى نادى به الإسلام لتصحيح المفاهيم والمعتقدات الخاطئة التى تترجم هذه القيم على أنها تعوق التقدم والتنمية والحضارة والنهضة لدى المسلمين وهو ما يدعيه بعض الذين يجهلون حقيقة الإسلام وشريعته سواء من الأجانب أو المسلمين أنفسهم . إن الإسلام جاء بدعوة صريحة لإعمار الكون وصنع الحضارة وأن العبادة فى الإسلام ليست مجرد أداء للشعائر والطقوس الدينية بل هى كل عمل يبتغى الإنسان به وجه ربه وانتفاع الناس به ، قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا قامت الدنيا وفى يد أحدكم فسيلة فليغرسها ) بل ودفع الأذى عنهم والإخلاص فى خدمتهم والتسامح والعفو عند المقدرة والتعايش فى سلام وهذه السمات لا تقل أهمية فى شريعة الإسلام عن الصلاة والصوم والزكاة والحج فضلا عن الاهتمام بإعمال الفكر والعلم والإيمان والعمل فذلك ثمرة كل تقدم ورقى وهو طريق أسلافهم الذى دفعهم فى مقدمة الأمم بل واستفادت منهم حضارات الغرب وساعدتهم على تحقيق المسيرة الإنسانية .
إن الإسلام دين مرن يرفض الجمود والانغلاق يعترف بكل البشر على اختلاف دياناتهم ويتعايش معهم على مر العصور والحضارات والثقافات عبر 15 قرناً من الزمان وهو دين يسر وتخفيف عن الناس لا يقر التشديد أو التعصب أو الانحياز أو القسوة بل دين ودعوة للرحمة .
إن للصلاة فى الإسلام منزلة لا تساويها منزلة أية عبادة أخرى فهى عماد الدين الذى لا يقوم إلا به وهى أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة فإذا صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله .
إذا كانت( صلاة الجمعة ) من الصلوات الجامعة التى يجتمع حولها المسلمون وتمثل وحدتهم وتماسكهم وتعاطفهم وتعاونهم ولها فضل عظيم فى نشر الدعوة الإسلامية وتذكير المسلمين بشرائع الإسلام وحدوده لقوله تعالى : ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) وكذلك فى حديث رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام (الصلاة إلى الصلاة والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ) وقد اختص الله عز وجل ( صلاة الجمعة ) لما فيها من خير وبر وتصالح لعامة المسلمين فى العودة إلى الله والتوبة إليه وأنزل سورة من سور القرآن الكريم باسم ( الجمعـة ) وأمر المسلمين بالحرص على أدائها والمداومة عليها وعدم إهدارها بل حرم البيع والشراء فى وقتها يقول تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) وفى الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وأنزل إلى الأرض وهو اليوم السادس الذى خلق الله فيه السموات والأرض وفيه تقوم الساعة وفيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يسأل الله فيها خيراً إلا أعطاه إياه بل إن الأمم التى قبلنا أمروا به فضلوا عنه واختار اليهود يوم السبت واختار النصارى يوم الأحد .
إن الله اختار لهذه الأمة ( يوم الجمعـة ) ليجتمعوا فيه لعبادته فقال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) وقد أوجب رسول الله الغسل على كل مسلم فقال ( غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم ) وفضل صلاة الجمعة كبير وعظيم فعن الإمام أحمد عن أبى أيوب الأنصارى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب أهله إن كان عنده ولبس من أحسن ثيابه ثم خرج حتى يأتى المسجد فيركع إن بدا له ولم يؤذ أحداً ثم أنصت إذا تحدث الخطيب وحتى يصلى كانت كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى ) .
وإذا كان الحديث وارداً عن الصلاة فلابد هنا أن نذكر بأن الصلاة التى يريدها الله ويثاب عليها المسلم سواء الفريضة المكتوبة أو التطوع أو الجمعة هى التى تمنع عنه الوقوع فى الإثم وخاصة الكبائر فقد يستهين بعض الناس بالآثام مثل الذين يخوضون فى أعراض الناس بالنميمة والوشاية والاغتياب والذين لا يصدقون القول ويشهدون الزور والذين لا يشهدون الحق والذين يأكلون أموال الناس بالباطل والظالمين وغير ذلك من الآثام التى قد يعتقد البعض بأن الصلاة تغفر هذه الذنوب الكبيرة ويقولون إنها زلة لسان الذى حذر رسولنا الكريم منه .