“الله أكبر.. الله أكبر.. عاشت مصر، وعاش السيسي.. تحيا مصر، والسيسي فيها، قائدها وبانيها وحاميها”.. هتافات من القلوب، قبل الحناجر.. اختلطت فيها أصوات شباب وشيوخ وأطفال.. أشقاء ليبيين “حسوا إن لهم ضهر وسند”.. اصطفوا بطول أحد الطرق المؤدية إلى “درنة”.. وسرعان ما أخذ عددهم في التزايد الملحوظ بعد أن تناقلوا فيما بينهم نبأ مرور إحدى القوافل الكبيرة للقوات المسلحة المصرية بمدينتهم، متجهة بكل ما تحمله من مساعدات إنسانية، ومحبة مصرية، إلى “أهلهم وناسهم” في عز محنتهم.. تمد إليهم “يد العون”، وتقف معهم في مصيبتهم.. تشد أزرهم، وتربط على قلوبهم، و”ترفع من روحهم المعنوية”.
فيديو واحد من كثير.. ساقتني إليه الصدفة على “يوتيوب”، وأنا أتابع آخر أحوال أشقائنا في ليبيا، بعدما تلقوا ضربة “دانيال” المفاجئة، التي زادتهم وجعًا فوق أوجاعهم.
أسهل من السهل نفسه أن تقرأ محبة مصر في ملامح كل الوجوه.. مشاعر طبيعية صادقة، تغلب عليها الفطرة العربية السليمة، وتقطر عفوية وتلقائية وود، وإحساس حقيقي بالامتنان والتقدير المبنيان على وعي كامل بمكانة “الشقيقة الكبرى”.. ومعنى “الشقيقة الكبرى”.. وأهمية “الشقيقة الكبرى”.. وكيف أن الملاذ الأول دائمًا عند الشدائ، يظل نفس “الشقيقة الكبرى”.
بكلتا يديه يحرك عجلتي كرسيه المتحرك، أقبل من بعيد رجل “خمسيني”.. توقف للحظات كلما مرت به سيارة لقواتنا المسلحة يتقدمها علم مصر.. يُلوِّح بإحدى يديه لمن بداخلها، علَّهم يرونه ويسمعونه، ويده الأخرى تلامس صدره جهة قلبه، مرددًا بأعلى صوته: ” حياكم الله.. عاشت مصر حرة أبيَّة”.
مبتسمًا اقترب الشيخ – الذي غزا الشيب أغلب شعر رأسه ولحيته- من حامل الكاميرا الذي بدا تمامًا أنه كان يبث تفاصيل المشهد “لايف بالموبايل”، ووجه رسالته: “تحياتي للرئيس عبد الفتاح السيسي، قائد مصر، ومُوحِّد الأمة العربية.. منصور إن شاء الله يا رئيس السيسي”.
ليبي آخر لم يظهر وجهه أمام الكاميرا.. تستطيع أن تميز من نبرة صوته أنه في عمر الشباب.. عَمِد إلى استقبال كل سيارة نقل عسكرية مصرية محملة بالمساعدات، بالترحاب الشديد، وباللهجة المصرية الواضحة في طريقة نطقه لحرف الجيم: “حمدًا لله على السلامة يا رجالة.. حمدًا لله على السلامة يا خير أجناد الأرض”.
ثالث ابتهج بقدوم كل سيارة نقل تابعة للجيش المصري، وبذات لهجتنا، وبخفة دم ظل يردد: “خُش خُش خُش.. زمَّر زمَّر زمَّر يا اسطى.. يا مرحبا يا مرحبا”.. بينما رابع التقط طرف الحديث من الجميع داعيًا بصوت عالٍ: “جعلك الله من المنصورين يا سيسي.. جعلك الله من الواصلين يا سيسي.. وصلت الأمة وزرعت فينا الأمل.. حفظكِ الله، قيادة وشعبًا يا مصر، باركك الله”.. ثم ختم كلامه: “ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين.. ومصر تدخل علينا إن شاء الله نكون آمنين”.
قصدت ألا أتدخل في صياغة الكلمات.. أعدتها أكثر من مرة كي أسجلها على الورق.. وكما سمعتها كتبتها.. كل حرف كان يترجم ما بداخل صاحبه.. وينطق بمشاعر غاية في الصدق.. وأثق في أن كل مصري يشاهد “الفيديو”، ويرى ما رأيت، ويسمع ما سمعت، لا بد وأنه سيمتلئ فخرًا وعِزة بأن بلده مصر.. ورئيسه عبد الفتاح السيسي.
عصر الجمعة الماضية، وفي اليوم التالي لمشاهدتي هذا المقطع على “يوتيوب”، كنا قد تلقينا – ونحن نستعد لإصدار الجريدة – خبرًا جديدًا صادرًا عن قواتنا المسلحة، كان نصُّه: ” تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة باستمرار تقديم الدعم الفوري، والإغاثة الإنسانية، لدولة ليبيا.. أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة أوامرها بتحرك قوافل محملة بأطنان من المساعدات الإنسانية، ومواد الإعاشة، وأطقم الإغاثة، وكذا عربات الإسعاف، وأعداد كبيرة من المعدات الهندسية، عبر الطرق والمحاور المختلفة، والمدفوعة من القوات المسلحة بالتنسيق مع كافة أجهزة الدولة ، لتحميلها عبر حاملة المروحيات من طراز “ميسترال”، لإرسالها بحراً.. وفي سياق متصل بنطاق المنطقة الغربية العسكرية، تم دفع قافلة محملة بمساعدات إنسانية، ومستلزمات طبية، وفرق البحث والإنقاذ.. بالإضافة إلى معدات هندسية لتحركها براً عبر منفذ السلوم، للمعاونة فى إزالة الآثار الناتجة عن الإعصار المدمر، فضلاً عن عدد من طائرات البحث والإنقاذ والإخلاء للعمل بالمناطق المنكوبة”.
كاد واللهِ عنقي يطاول السماء، ولسان حالي: “ارفع راسك فوق أنت مصري”، وأنا أقرأ هذا الخبر بعد أقل من ٢٤ ساعة مما رأيته في عيون أشقائنا الليبيين عبر “الإنترنت”، وما سمعته على ألسنتهم من كلام “يلف الدنيا”، ويؤكد للقاصي والداني عظمة مصر “أم الدنيا”.
وبعيدًا عن عشرات الأسباب التي تجعلنا “قولًا واحدًا” نتمسك بالسيسي، ونطالبه باستكمال “المشوار” معنا وبنا ومن أجلنا، من خلال الترشح لفترة رئاسية قادمة.. ألا “يكفي وزيادة” ما سبق كي نصبح أكثر حرصًا وإصرارًا على بقاء السيسي رئيسًا لمصر.
يا سادة، بلادنا بقدرها ومقدارها لا بد لها من رئيس يليق بها.. له “كاريزما”.. يستطيع أن “يملأ مكانه” كزعيم عربي، قبل أن يكون فقط زعيمًا مصريًا.. له اسمه وحضوره وتأثيره وكلمته ومكانته.. أقل من القليل، في صفحات التاريخ، مَن امتلكوا هذه الصفات.. وبلد بحجم مصر، وريادة مصر، ودور مصر.. ووزن مصر الإقليمي والدولي.. لا يناسبها إلا السيسي.
mhamid.gom@gmail.com