نشر الكاتب “هربرت جورج ويلز” في مجلة إنجليزية عام 1904م قصة اسمها “بلد العميان” وهي تحكي عن قرية معزولة عن العالم في جبال الأنديز على الساحل الغربي لأمريكا اللاتينية أصيب كل سكانها منذ فترة بالعمى وعاشوا في اكتفاء ذاتي دون أن يكون لهم صلة بالخارج ولم يغادر أحداً هذه القرية. وجيل بعد جيل عاشت الأجيال بوراثة هذا المرض حتى ظن الجميع أن عدم النظر هو طبيعي.
وذات يوم بينما كان رياضي متسلق الجبال اسمه “نيونز” يمارس رياضته حتى سقط على هذه القرية. ومنذ اللحظة الأولى لاحظ أن ما في هذه القرية ليس لديهم نظر فالألوان والبناء كله عشوائي، ولكنه تيقن من هذا حين كان يمر سكان القرية بجواره دون أن يلاحظوا وجوده حتى رفع صوته فاجتمعوا حوله وعرفوا أنه غريب فأخذوا يسألونه عن بلده وحياته، ولكنهم اندهشوا حين قال لهم أنه يرى، ولكنه شعر أنهم لم يفهموا معنى الإبصار فاتهموه بالجنون، بل خافوا من أنه مبصر فاتفقوا على أن يزيلوا عينيه حتى يعيش في وسطهم. وحين علم “نيونز” هذا هرب وترك عالم العميان.
وهذه القصة تشرح كيف استطاعت الماسونية طمس الرؤية الحقيقية لأغلب العالم حين استطاعوا نشر أفكارهم المدمرة وسط العالم سنوات كثيرة فاستخدموا كل الطرق الفكرية والمالية والثقافية والأفلام والمنظمات لطمس العيون حتى يستطيعوا أن يتحكموا في عالم عميان بلا فكر.
وقد اتحدت كل المنظمات والجماعات السرية تحت سيطرتها وخاصة جماعة المتنورين التي كما قلنا في مقالات سابقة قد صاغت دستوراً للسيطرة على العالم. وكانوا يخططون إلى تأسيس حكومة عالمية مبنية على وحدة الكون ووحدة الأديان. وروجوا لرموزهم التي هي عين حورس فوق الهرم التي ترمز للقوة الكونية المسيطرة والنجمة السداسية لليهود والبومة والزاوية والفرجار علامة البناؤون الأحرار وهي ترجمة الماسونية وهي كلمة فرنسية “Macon”.
ويقول الرئيس الأمريكي “توماس جيفرسون” الماسوني عام 1800م وهو المؤسس للمحافل الماسونية في أمريكا: “أن وايسهاوبت هو خيِر محب للإنسانية وأن مبادئه هي حب اللـه وحب الجار فقد أسس أفكاره على هذا واضح هو شخصاً ممثلاً للمسيح على الأرض”.
وبالطبع كان هذا الكلام غير صحيح لأن المتنورون والماسونيون لهم طقوس سرية فيها تمجيد للشيطان والعبادات الوثنية ومن ينضم إليهم لابد أن يتلو القسم أمام المحفل الماسوني للبناءين الأحرار ويقول: “أتعهد بأن أصون وأكتم الأسرار والرموز التي تُعلن لي وإن حنثت بتعهدي هذا أكون مستحقاً للقتل”.
وقد ظهرت الماسونية بصورة علنية في إنجلترا مركز نشاطهم حتى الآن وقد استطاعوا السيطرة على خمسة ملوك بداية من جورج الأول (1714-1727م)، وأعلنت أربع محافل ماسونية في ذلك الحين برئاسة “أنطوني ساير” بداية من عام 1717م. وفي عام 1887م جرى الاحتفال بالعيد الخمسين لجلوس الملكة فيكتوريا ملكة إنجلترا، فأرسل الماسونيين مندوبين لهم وحضروا الاحتفال في القاعة الكبرى، وحضر الماسونيين بملابسهم السوداء وجلسوا حسب درجاتهم الماسونية.
وقام ولى العهد وألقى كلمة قال فيها: “إنني افتخر بكوني من ذرية الملوك الذين ساعدوا الماسونية منذ عهد قديم وساندوها بما يعملوه وإن خفيت عن بعض الناس، ولكنها ستؤدي إلى خير الإنسانية”. ثم قام اللورد
كارنغون” وقال في كلمته: “إن الجمعية الماسونية ترأس عليها سبعة عشر أميراً من العائلة الملكية الإنجليزية وأن جلالة الملكة فيكتوريا ابنة الأمير الماسوني إدوارد ابن الملك جورج الثالث”.
وحين صدر مرسوم ملكي بريطاني عام 1798م بحذر كل الجماعات السرية استثنى منه الجمعية الماسونية. وبدأت الماسونية السيطرة على الاقتصاد العالمي عن طريق ثلاث عائلات ماسونية يهودية سيطروا على مصرف إنجلترا الحكومي في القرن الثامن عشر ثم في فرنسا وإيطاليا وبعدها أمريكا التي منذ صارت منطقة نفوذ لهم فسيطروا على اقتصاد أمريكا وعملت الصهيونية قاعدة فكرية كبيرة وسط المهاجرين الأمريكان. ويقول رئيس أمريكا روزفلت عام 1929م: “إن ثلاث عائلات فقط هي من تتحكم في الاقتصاد الأمريكي ويعاني ثلث الشعب من الفقر”.
وأول وأهم هذه العائلات هي عائلة “روتشيلد” والتي كانت بدايتها عن طريق يهودي ألماني اسمه “أمشيل موسى” افتتح محل للصيارفة في ألمانيا عام 1750م ووضع درعاً أحمر فوق هذا المحل. والدرع الأحمر في اللغة الألمانية “روت تشلد” ومن هنا سميت هذه العائلة “روتشلد”.
وبدأت في نشاطها الاقتصادي من ألمانيا ثم توسعت إلى إنجلترا وكونت ثروة كبيرة من الاقتراض والمرابية للأشخاص والحكومات. وفي عام 1773م جمع “روتشلد” الابن أغنياء اليهود في العالم ليندمجوا معاً في كيان كبير هو الماسونية لتمويل الحروب في أوروبا كلها لتغيير الأنظمة والحكومات للسيطرة على العالم وتحقيق الحلم الصهيوني الماسوني في العالم وقال لهم في هذا الاجتماع: “لقد أخطأنا حين ساعدنا حكومة إنجلترا على تخطي أزمتها دون الاستفادة من هذا الوضع. وكان يجب أن نترك الشعب يجوع حتى نستطيع التحكم في الحكومة ونفرض عليها سياستنا”. وهذا ما تعمله المنظمة المالية الماسونية التي تسمى البنك الدولي حتى اليوم.
وبدأت خيوط العالم الجديد الماسوني تتحقق على الأرض عام 1869م حين عقد اجتماع سري للصهيونية الماسونية عند قبر “سيمو بن يهوذا” وهو مؤسس “حكماء صهيون” المدفون في براغ، وقد نشرت وثائق هذا الاجتماع عام 1880م في مجلة اسمها “كاثيمبوريان” قال فيه روتشلد: “إننا نمهد الطريق للإعلان عن سيد العالم المسيا المنتظر الذي سيحكم العالم”.
وهكذا نستطيع أن نفهم ما حدث بالأمس وما يحدث اليوم تمهيداً لما سيحدث في الغد علنا نفهم وندرك قبل فوات الزمن.