منذ 30 عامًا اكتشف فريق من الباحثين بقيادة عالم الفلك الأمريكي الراحل، كارل ساجان، دليلًا يثبت وجود الحياة على الأرض وذلك باستخدام الأدوات الموجودة على متن المركبة الفضائية الروبوتية جاليليو والتي أطلقتها وكالة الفضاء الأمريكية ناساعام 1989 إلى المشترى. وقد اشتهر ساجان بقوله إن العلم ليس مجرد مجموعة من المعارف، بل هو طريقة في التفكير.
بعبارة أخرى، يمكننا التساؤل عما إذا كان يمكن لدراسة أو طريقة تحليل معينة اكتشاف أدلة على شيء نعرفه بالفعل.
مثلًا لو مر شخص قرب الأرض-وهو لا يعرف شيئًا عنها -بمركبة فضائية تحمل نفس أدوات المركبة جاليليو. فهل يمكنه اكتشاف الحياة هنا بشكل مؤكد.
يقول جاريث دوريان، زميل أبحاث علوم الفضاء بجامعة برمنجهام، في تحليل على موقع كونفرسيشن، إنه في بدايات القرن الحالي، أخذ العلماء عينات من أوساخ البيئة الشبيهة بالمريخ في صحراء أتاكاما بتشيلي، حيث تحتوي على حياة ميكروبية. وأجروا تجارب مماثلة لتجارب المركبة فايكنج، (التي هبطت على المريخ في السبعينيات لاكتشاف الحياة عليه) لمعرفة ما إذا كان يمكن العثور على الحياة في أتاكاما. لكنهم فشلوا.
هذا يعني أنه لو هبطت المركبة فايكنج في أتاكاما، وأجرت نفس التجارب التي أجرتها على المريخ، فربما تكون قد فاتتها علامات وجود الحياة على كوكبنا.
تم تجهيز جاليليو بأجهزة لدراسة الغلاف الجوي والبيئة الفضائية للمشتري وأقماره. واكتشفت هذه الأجهزة وجود بخار الماء في الغلاف الجوي للأرض بأكمله، وجليد عند القطبين، ومساحات كبيرة من محيطات المياه السائلة. وسجلت درجات حرارة بين -30 إلى +18 مئوية. كان اكتشاف الماء السائل ونظام الطقس حجة ضرورية على وجود الحياة ولكنها ليست كافية.
اكتشفت الأجهزة أيضًا تركيزات عالية من الأكسجين والميثان في الغلاف الجوي للأرض. وكلاهما يتفاعل بسرعة مع المواد الكيميائية الأخرى ويتبدد في فترة زمنية قصيرة. والطريقة الوحيدة للحفاظ على هذه التركيزات هي التجدد باستمرار مما يشير إلى وجود الحياة، ولكن التجدد وحده لا يثبت وجود الحياة.
وبقياس الطيف، تم اكتشاف امتصاص واضح للضوء الأحمر بمناطق الغابات، بسبب الحياة النباتية التي تقوم بعملية التمثيل الضوئي.
كانت تجربة جاليليو لموجات البلازما الراديوية ذات أهمية أكبر. الكون مليء بالانبعاثات الراديوية الطبيعية، ولكن معظمها عبارة عن نطاق عريض. وعلى النقيض من ذلك، يتم إنتاج مصادر الراديو الاصطناعية في النطاق الضيق.
اكتشفت جاليليو انبعاثًا راديويًا ثابتًا ضيق النطاق من الأرض بترددات ثابتة. وهذا لا يأتي إلا من حضارة تكنولوجية، فلو حلقت المركبة الفضائية حول الأرض قبل القرن العشرين، فلن ترى أي دليل قاطع على وجود حضارة على الأرض.
لهذا ليس من المستغرب أنه حتى الآن لم يتم اكتشاف أي دليل على وجود حياة خارج كوكبنا.