سألوني عن ابرز مميزات المدرسة المصرية في دولة التلاوة القرانية وتاثير ائمة التراويح في الجامع الازهر خلال شهرمضان المبارك ؟
فاجبت على الفور: شباب الازهر قوة حيوية جديدة دافعة لمدرسة التلاوة والحالة التى احدثها شباب الائمة بما قدموه من نماذج رائعة في التلاوة باتقان عال وابهار في قوة الصوت وجمال الاداء وروعته التى تاسر القلوب والعقول هي قوة مضافة حقيقية للمدرسة المصرية وقد شاهدنا تاثيرها الفوري ليس في مصر فقط بل في العالم اجمع واسألوا وسائل التواصل الاجتماعي التى لا تفتا تعيد وتزيد ما يصل اليهم من مقاطع باصوات ندية للشباب الرائع والمبهر وجمعيهم لا يزالون في مرحلة التعليم قبل الجامعي..
انهم لا يمثلون مرحلة تجديد دماء المدرسة المصرية لعمالقة دولة التلاوة فقط ولكنهم يؤسسون لمرحلة بالغة الاهمية في قوة وشدة تميز المدرسة المصرية خاصة لو لاحظنا ان القوة قديما كانت عفوية وقائمة بجهود فردية وعلى اكتاف الاعلام الكبار من مشاهير القراء الذين ملأوا الساحة العالمية من امثال الشيخ محمد رفعت ومحمد عمران ومن بعدهم الشيخ محمود خليل الحصري وابناء المنشاوي العظام ومصطفي اسماعيل وعبد الباسط عبد الصمد ومحمد على البنا وغيرهم وغيرهم..
نحن الان امام قوة منهجية جديدة واضحة مبنية على قواعد علمية واصولية تربوية يزيدها قوة وصلابة انها في الحضن والحصن القوي الازهر الشريف ومدرسة التلاوة الحديثة علامة فارقة ومميزة في ظلال المنهج العلمي لاعداد وتقويم الحفظة المهرة من الموهوبين وممن نذروا انفسهم لدولة التلاوة ليكونوا ضمن حلقات الوعد الالهي ” انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون “..
المنهج الجديد سيكون مفيدا ايضا في المتابعة الدقيقة لما يحدث في اروقة دولة التلاوة باسلوب علمي بعيدا عن التصنيفات والنظرات لاعلام القراء بناء على اصولهم ومسقط راسهم فكانوا يميزون بين قراء بحري وقراء قبلي ويقولون ان لكل اسلوب يفرضه التنوع والإبداع الشخصى لدى كل واحد من قراء القرآن رغم اعتراف هؤلاء بأن سمات التلاوة المصرية متكاملة وتبدو أنها مدرسة واحدة توجد بداخلها أساليب مختلفة فمثلا يعد أسلوب الشيخ صديق المنشاوى وابنيه محمد ومحمود مختلفا عن مدرسة الشيخ محمد رفعت وعلى محمود ومحمد سلامة الذين كانت أصواتهم من نتاج حوارى القاهرة.
بينما كان يعبر صوت الشيخ مصطفى إسماعيل من طنطا وعبدالفتاح الشعشاعى من المنوفية عن صوت فلاح الدلتا المصرية ومن شمالها الشيخ أبوالعينين شعيشع من كفر الشيخ وأمدنا الصعيد بصوت الشيخ عبدالباسط عبدالصمد وأصوات عائلة صديق المنشاوى.
الترحيب الشديد بالائمة الجدد والاصداء الرائعة لمنهج الكشف عن المواهب ورعايتها وصقلها هو في الحقيقة ابلغ واقوى رد على الاصوات التى تتحدث وتهزي وتتدعي اندثار المدرسة المصرية للتلاوة وان محاولات سحب البساط من اعلامها قد حققت تقدما واشياء من هذا القبيل .. اليوم يمكن التاكيد وبكل ثقة انه لاخوف على المدرسة المصرية وان محاولات الهدم لها لن تؤتي اكلها فالدماء تتجدد كل يوم وباصوات اشبه بالمعجزات الخارقة وبنجوم تتلألأ في سماء التلاوة من كل حدب وصوب..
قضية مهمة جدا يغفل عنها من يتحدثون عن سمات ومميزات المدرسة المصرية في التلاوة واعتقد انها عنصر حاسم وضامن للتفوق والتميز فهي تتمتع بميزة قدرية وهبها الله للحناجر المصرية دون غيرها من الحناجر التى خلقها الله وربما يكمن هنا السبب الرئيسي وراء فخامة وقوة الصوت المصري ترتيلا وتجويدا..
هذا الجانب له ما يؤيده من الدراسات العلمية عن اصوات المصريين وحناجرهم سواء في قراء القران الكريم او في الاداء الغنائي وهناك دراسات على صوت الشيخ محمد رفعت والذي لقب بقيثارة السماء وصوت السيدة ام كلثوم كوكب الشرق وسيدة الغناء العربي والتى كشفت عن خصائص مميزة للحنجرة المصرية وقوة الاحبال الصوتية عن غيرهم من خلق الله..
لهذا لم يفاجئني ما قاله القارئ المشهور الشيخ عبد الرشيد صوفي وهو قارئ متقن وعالم بالقراءات وفنونها في لقاء على احدى الفضائيات العربية بان ابداع القراء المصريين شيئ عجيب لا يقدر عليه احد غيرهم وانه لم يستطع احد حتى من خريجى المدرسة المصرية ان يجاريهم على صعيد قراءة القران رغم محاولات التقليد المستمرة من قراء من كل مكان.. وضرب امثلة على ذلك من البلاد العربية سواء في الخليج او المغرب العربي بل حتى دول الجوار المصري مثل السودان وليبيا او غيرها مشيرا الى ان المسالة لها علاقة بالخلقة الالهية ونركيبة الحنجرة المصرية..
ميزة ومعلم مهم في المرحلة الجديدة مع شباب الازهر من القراء وهي اعتماد القراءات العشر المعروفة واتقانها بصورة ادهشت الجميع حتى بدا الامر عند البعض كانه فطرة او سليقة في قراءة بعض الروايات غير المنتشرة.. والامر في القراءات ليس خيارا ولكنه منهج معتمد..
فمن معالم المدرسة المصرية ومميزاتها استخدام القراءات المختلفة لاسيما في تلاوات المحافل والسرادقات وفي هذا الاستخدام إحياء لقراءات متواترة ثابتة، دون الاقتصار على رواية حفص عن عاصم المنتشرة في أغلب بلاد العالم الإسلامي، أو قراءة نافع بروايتيه قالون وورش كما هو الحال في بلاد المغرب العربي.
وتذخر تسجيلات القراء المصريين بروايات متعددة من أهمها ورش عن نافع وحمزة الكوفي والسوسي عن أبي عمرو والبزي عن ابن كثير والكسائي الكوفي. والمعروف أن التلاوة بالقراءات المختلفة تجذب انتباه السامع وتحفظ عمليا هذا العلم الكبير من خلال ممارسته وإحيائه وإلقائه على مسامع الجماهير حتى لا يكون حبيس المعاهد العلمية وحكرا على المتخصصين.
لن نضيف جديدا بالقول ان التلاوة المصرية تميزت بالدقة الشديدة في تطبيق أحكام التجويد ومراعاة مقادير المد والغن والمساواة بين النظائر وإحكام مخارج الحروف واستيفاء ما لكل حرف من صفات كالجهر والهمس والشدة والرخاوة والاستعلاء والاستفال والانفتاح والانطباق والقلقلة والصفير والتفشي وغيرها.
والله المستعان ..
megahedkh@hotmail.com