يتعرض الفتيان والفتيات الذين حُرموا من حماية والديهم وأقاربهم للخطر. وقد يكون هذا أيضا مصير الأطفال الذين جندتهم القوات المسلحة أو المجموعات المسلحة أو الأطفال المحتجزين. ولا يتأثر الأطفال بالعواقب المباشرة للنزاع فقط بل كذلك بالعواقب غير المباشرة، مثل انقطاع إمدادات السلع والخدمات الأساسية وتعذّر الوصول إليها. وقد يكون هذا الوضع كارثيا خصوصا للأطفال دون سن الخامسة.
ولحسن الحظ، نادرا ما يفقد الأطفال إحساسهم بالأمل ولا ينبغي الاستهانة بقدرتهم على الصمود. ويمكن أن تساعد الرعاية الموجهة بشكل جيد الأطفال على التعافي وإعادة الإدماج في بيئة يمكنهم فيها استعادة صحتهم واحترامهم لذاتهم وكرامتهم. ويُمثل احترام القوانين القائمة أمرا أساسيا لمنع حدوث انتهاكات وإلحاق المزيد من الأذى بالأطفال.
تجعل النزاعات العسكرية السكان المدنيين في حالة من الاستضعاف. لكنها تشكل ضغطًا متزايدًا وخطرًا مضاعفًا على الأطفال نظرًا لصغر أعمارهم وضعف بنيتهم الجسدية. ومن بين أبرز المخاطر التي تواجه الأطفال في الحروب الموت والتيتم والإصابة بالجروح والنزوح والانفصال عن الأسرة، كل هذا علاوة على صعوبة الحصول على الرعاية الصحية، ما قد يؤدي إلى الموت أو ربما يترك آثاراً طويلة المدى.
يُمثل الأطفال نسبة غير مقبولة من الضحايا المدنيين خلال الحرب. ووفقا لمنظمة إنقاذ الطفولة، ارتفع عدد الأطفال الذين أصيبوا أو قُتلوا في النزاعات بنسبة 300 في المائة على مدى العقد الماضي. ويدفع الأطفال ثمنا باهظا جدا خلال الحرب ويتعرضون للسجن والتشويه والقتل.
ويؤدي النزاع المسلح إلى تمزيق الأسر، وإجبار الآلاف من الأطفال على إعالة أنفسهم ورعاية معالين آخرين. ويتخذ استغلال الأطفال، الذي غالباً ما ترتفع نسبته أثناء الحرب، أشكالا متعددة مثل العمل القسري أو العبودية في الحالات القصوى.
إن مسألة حماية الأطفال في زمن الحرب مسألة مكرسة في القانون الدولي الإنساني. ويوفر القانون الدولي الإنساني حماية عامة لجميع المتضررين من النزاعات المسلحة ويتضمن أحكاما تتعلق خصوصا بالأطفال.
ويحظى الأطفال، بوصفهم مدنيين، بالحماية بموجب القانون الدولي الإنساني: ففي حال وقوعهم في قبضة قوات العدو، يجب أن يعاملوا معاملة إنسانية. ويُحمى جميع الأطفال من الانتهاكات، بما فيها التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة والعنف الجنسي والاحتجاز التعسفي والاحتجاز كرهائن والنزوح القسري.
ويجب ألا يكون الأطفال هدفا للهجمات بأي حال من الأحوال، ما لم يشاركوا بشكل مباشر في الأعمال العدائية. ويجب أن يعاملوا باحترام وحماية خاصين. ويشمل ذلك الحصول على التعليم والغذاء والرعاية الصحية واتخاذ تدابير محددة لحماية الأطفال المحرومين من حريتهم والمنفصلين عن أسرهم. وينصّ قانون حقوق الإنسان – بما في ذلك اتفاقية حقوق الطفل (1989) وبروتوكولها الاختياري بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة (2000) – على وجه التحديد على الحاجة إلى حماية الأطفال من آثار النزاعات المسلحة.
قد تؤدي الحرب إلى إصابة العديد من الأطفال بالإعاقة أو، في حالة الأطفال ذوي الإعاقة، إلى عدم القدرة على الحصول على الرعاية التي يحتاجون إليها. وغالبا ما تتدنى إمكانية الوصول إلى الخدمات الصحية والأدوية إما لعدم قدرة الأسر الفقيرة على تحمل تكاليف الرعاية الصحية، وبسبب فرار الأطباء والممرضات من العنف والفوضى، أو بسبب انهيار أنظمة الرعاية الصحية بأكملها أحيانا. وقد تؤدي العواقب – مثل تفشي الحصبة أو التهاب السحايا – إلى ارتفاع الوفيات، خاصة في الأماكن المكتظة.
ويتعرض المواليد الجدد والنساء الحوامل بوجه خاص للخطر عندما يتعذّر الوصول إلى المرافق الصحية أو حين تفتقر هذه المرافق إلى المواد الأساسية. ويُمثل الحمل والولادة سببين رئيسيين من أسباب الوفاة في البلدان النامية في ظل الظروف العادية، ويزداد هذا الوضع سوءا خلال فترات النزاع.
وغالبا ما يؤدي النزاع إلى سوء تغذية حاد، سواء كان معتدلا أو شديدا، لدى الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل والمرضعات. ويعرقل سوء التغذية النمو ويُضعف جهاز المناعة، مما يجعل المصابين أكثر عرضة للمرض ويزيد بشكل كبير من خطري الاعتلال والوفاة.
وتعد الطفولة والمراهقة من المراحل الدقيقة في تطور الأشخاص النفسي والاجتماعي، وقد يترك المرور بظروف عصيبة خلال هاتين الفترتين بالتالي عواقب دائمة. ويظهر الاضطراب النفسي لدى الأطفال عادة بشكل أعراض نفسية بدنية. وقد يعاني الأطفال أيضا من الاكتئاب والقلق والخوف والغضب ومشاكل في النوم. ويمكن أن تعود الاضطرابات النفسية الموجودة أصلا وتظهر من جديد أو تتدهور. ويتعرض الأطفال ضحايا العنف للخطر بشكل خاص، ولا سيما أولئك الذين انفصلوا عن أُسرهم و/أو المرتبطين بالقوات أو المجموعات المسلحة.
لا تميز الحرب في غزة بين إمراه ورجل، لا بين كبير في السن أو صغير، فقد قلبت حياة الغزيين رأسا على عقب ويبقى الأطفال الحلقة الأضعف في كل الصراعات. تكتظ بهم خيام النازحين ومراكز الإيواء من الحرب الإسرائيلية في غزة، هم أطفالٌ تغيرت حياتهم بعد أن قلبت الحرب أحوالهم، فهذا يحيى مع أقرانه أصبح بائعاً لأمشاط الشعر، ومحمود الذي اختار بيع الحلوى للصغار، إذ لم تدع الحرب لهم خيارات أخرى بعد أن أجبرتهم على ترك مقاعد الدراسة وأخضعتهم لصراعٍ مع البقاء. استهداف المستشفيات في مدينة غزة وخروجها عن الخدمة بعد أن حاصرتها الدبابات الإسرائيلية خلفت مضاعفات صحية خطيرة على حياة آلاف المرضى والمصابين الذين أخرجوا منها قسراً وباتوا بين أوساط النازحين في ظروف إنسانية صعبة يفتقدون فيها للعلاج لأبسط حقوق الرعاية الصحية.
لقد تأذى أطفال غزة كثيراً بسبب التصعيد العنيف الأخير في أيار / مايو 2021. فقد أزهقت الأرواح وتمزقت الأسر، ولحقت آثار مدمرة بالأطفال. وفي غزة، لحقت أضرار بالمدارس والمرافق الصحية، وسويت المنازل والمكاتب بالأرض، وهجّرت أسر بأكملها. أما في إسرائيل، فقد لحقت أضرار بالمدارس والمنازل والمباني. وقبيل تصاعد العنف، كان ثلث أطفال غزة بحاجة بالفعل إلى الدعم في مجال الصدمة المتصلة بالنزاع. وبدون شك، فقد ازدادت كثيراً حاجة الأطفال إلى خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي-الاجتماعي. وفي الوقت نفسه، فإن تدهور القدرة الإنتاجية للمياه في غزة بسبب نقص الكهرباء يعني أن عشرات الآلاف من الأطفال سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية للحصول على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي الأساسي. إن اليونيسف حاضرة على الأرض، وتدعم الاحتياجات الإنسانية للأسر، وتزودها بالمياه، ولوازم نقلها وتنقيتها، والإمدادات الطبية، وتقدم الدعم النفسي-الاجتماعي للأطفال والأسر. لطالما كانت حياة الأطفال في قطاع غزة صعبة جداً، حتى قبل التصعيد الأخير. وبالنسبة لبعض الأطفال، فهذه رابع حرب يعيشونها. لا يوجد أي مكان آمن للأطفال في أي من أنحاء قطاع غزة.
أن “مشاهد قتل الأطفال وطلبة المدارس في قطاع غزة تجاوزت كل الأعراف والمواثيق، إذ تكشف هذه المشاهد المروعة، التي تتناقلها شاشات التلفزة ووسائل الإعلام عن عقلية الاحتلال، واستهدافه المتواصل للتعليم في كل محافظات البلاد، أن هناك مشاهد أخرى تشهدها محافظات الضفة الغربية والقدس من قتل بدم بادر واقتحامات للمدارس وعرقلة وصول الطلبة والكوادر التربوية”.
وتشير الإحصائيات الي أن الجيش الإسرائيلي قتل 43 طفلا فلسطينيا منذ مطلع العام الحالي، ووصل عدد القتلى الأطفال منذ عام 2000 إلى 2259 طفلا، ووصل عدد الأطفال الفلسطينيين الذين تعرضوا للاعتقال خلال الفترة نفسها أكثر من 20 ألف طفل، وبحسب هيئة شؤون الأسرى فإن أكثر من 170 طفلا لا يزالون يقبعون في السجون الإسرائيلية، ما يجعلهم عرضة لأساليب التعذيب النفسي والجسدي، كما أن هدم المدارس ومضايقات المستوطنين أثر على نحو 50 ألف طفل فلسطيني.