ان تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة التي طالب فيها بمرور السفن الامريكية العسكرية والتجارية عبر قناة السويس دون دفع ثمة رسوم تمثل انتهاكا صارخا للسيادة المصرية وقواعد القانون الدولي وخاصة السيادة المتساوية بين الدول الذي اقره ميثاق الأمم المتحدة ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول , ومبدأ احترام التعاقدات الدولية. وان هذه التصريحات تشكل سابقة خطيرة قد تدفع دولا أخرى للمطالبة بامتيازات مماثلة مما قد يهدد النظام القانوني المستقر الذي يحكم الممرات المائية الدولية ويؤدى الى فوضى في العلاقات الدولية. ان قناة السويس جزء لا يتجزأ من الأراضي المصرية وتخضع للسيادة المصرية الكاملة وفق مبادئ القانون الدولي المستقرة وأي محاولة للمساس بهذه السيادة أو فرض استثناءات تمييزية لصالح دولة معينة يعد خرقا واضحا لمبدأ المساواة بين الدول وللنظام القانوني الدولي المعاصر.. ان قناة السويس تخضع للقواعد الدولية المتفق عليها فى معاهدة القسطنطينية لعام 1888 التي أقرت حرية الملاحة في القناة لجميع الدول في زمن السلم والحرب، مع احترام سيادة مصر الكاملة على القناة وحقها في فرض رسوم مقابل خدمات العبور التي تقدمها الهيئة المصرية لقناة السويس بما في ذلك صيانة القناة وتوسيعها وتعميقها وضمان سلامة الملاحة فيها فضلا عن خدمات الارشاد البحري والإنقاذ وغيرها حيث ان رسوم القناة عادلة يتم تحديدها وفق المعايير الدولية دون تمييز بين سفينة روسية او صينية او أمريكية.
ان النظام القانوني الذي يحكم قناة السويس يستند الى مبدأين أساسيين (الأول) هو السيادة المصرية الكاملة على القناة (الثانى) هو حق جميع السفن في المرور الحر عبر القناة مقابل رسوم متساوية تفرض على الجميع دون تمييز.. ان هذان المبدأن متوازنان ومتكاملان ولا يمكن قبول الانتقاص من أحدهما بحجة الحفاظ على الاخر.. القانون الدولي المعاصر يرفض تماما فكرة الامتيازات الأجنبية التي كانت سائدة في عصر الاستعمار والتي كانت تمنح للدول الكبرى حقوقا استثنائية على حساب سيادة الدول الأخرى. ان المجتمع الدولي قد تجاوز هذه المرحلة التاريخية وأصبح يقوم على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع الدول بصرف النظر عن حجمها أو قوتها. ان التصريحات غير المسئولة قد تؤدى الى توترات دبلوماسية وسياسية غير مبررة بين مصر والولايات المتحدة الامريكية وتضر بالعلاقات الاستراتيجية بين البلدين.. لن يستطيع ترامب او غيره إعادة مصر كدولة كبرى لها وزنها فى منطقة الشرق الاوسط بل والعالم اجمع .. اى زمن الامتيازات الأجنبية إبان الاستعمار حينما كان هذا الاستعمار من الدول الكبرى آنذاك عندما يقوم بنهب الدول المحتلة وفقا لإرادة المحتل وحده ضاربا عرض الحائط بكافة الاعراف والمواثيق الدولية الواردة فى القانون الدولى وميثاق منظمة الامم المتحدة .. وان أي مواطن حر لا يمكنه التفريط في ذرة من اراضى دولته . خاصة ان المصريين حفروا قناة السويس مرتين (الأولى) بالماء (الثانية) بالدماء عند استعادتها من قبضة الاستعمار عام 1956م .
المحامي – مدير أحد البنوك الوطنية بالمحلة الكبرى سابقا