أما بعد..
وأكره جدا تلك الأشواق البائسة..
التي تعود بالإحباط..
من أول عبور الروح..
إلى منتهى الغرق..
أكره أن أضع قلبي على كفي..
كما أكره أن أقيم انكساره بالاتكاء على وعودك الكثر..
لأنها تذوب، كما يذوب السراب ويختفي، كلما ظننت أنني بلغت منبع الماء..
حتى إذا جئته لم أجده شيئا، وقد مزقني العطش..
حين أقف في محرابك، حتى يضنيني التوسل..
ثم يخبرني الغياب، أن الغائبين عميان القلوب..
لا يرون مطر الدموع، حين يتساقط بلا فصول..
ولا يلام الأعمى..
لكن الموجع في الأمر، لماذا صموا آذانهم اختيارا؟!..
ألئلا يسمعوا النداءات؟!..
وكيف سيتنصلون من ذنب الإعراض إذن، وقد بلغ الصوت المدى؟!..
وتجاوزت الآهات..
مغبون ذلك القلب الذي يجعل من جثمان صاحبه قربانا..
يصلبه على مشنقة الانتظار..
ثم يعود به خائبا، متعبا، منهكا..
يحمل ألم عدم الإجابة..
وألم طول الوقوف على باب لا يفتح..
فلا يُعرف حينها، أيهما محمول شططه على سفه صاحبه..
وقد جبل الأول على الانهيار..
وأجبر الآخر على أن ينصاع..
لا أعرف كيف كان علي أن أفسد على الموت مهمته؟!..
أو أن أعبث بمكنون الحزن فأهبه لرياح النسيان..
تذروه إلى حيث لا يعود..
وأنا ابن التراب..
يكسو الضباب ملامحي..
وتجري سحب الدموع في أعيني، كلما هزها ريحك اللاهي..
فأهطل، كلما مرت الغداة أو جاء العشي..
فتصير أحلامي طينا يؤذيني، كلما لامست هشاشتها حطامي..
كيف أستطيع إلى الخروج منك سبيلا؟!..
وكل الطرق تقتادني عنوة إلى فاجعة العبور إليك..
وتؤزني الأمنيات إلى السقوط في قاعك الذي لا ينتهي..
فلا أعرف، هل أنا الذي استعجلت الضنى..
أم أنك الغارق في إثم التسويف..
وقد خانتني الدروب..
وخذلني الهرب..
وكيف أفر من خطايا صوتك..
وأنا على شفا هاوية..
يدفعني إليها مرور همهمة بلا معنى بخاطري، أو صدى ضحكة عابرة تقض مضاجع الوجع..
كيف لي أن أتجنبك؟!..
وأنا المصاب بلعنة الذكريات..
أينما وليت، فثم وجهك الشيطان يلاحقني..
أكره أن أقدم إليك محملا بكل ما بي من مس..
فأعود وبين ضلوعي لظى وجحيم..
أكره، وأكره، وأكره..
لكنني، بكل ما بي من كره وحقد..
أسقط بك رغما عني..
ولا أعرف كيف الخلاص؟!..
وكأنني أحببت كل هذا السقوط..
انتهى..
النص تحت مقصلة النقد..
بقلمي العابث..