الإبداع والابتكار وتقبل التغيير:
أحضر دورة تدريبية حاليًا عن استراتيجيات استشراف المستقبل؛ وعن كيفية تشجيع وتفعيل الإبداع والابتكار لمواجهة تحديات المستقبل في كافة المجالات.
الابتكار يُحدث التغيير، ولكن قد لا يكون التغيير واضحًا وملموسًا في حياتنا اليومية في جميع حالات الابتكار. فعالمنا قائمٌ على الحواجز التي تعيق تبنّي الابتكار وتطبيقه. لنكتشف السبب.
ويؤكد الخبراء على أن القدرة على الإبداع أو الابتكار وإيجاد الحلول الجديدة ليست هي المشكلة ؛ ولكن من أهم المعوقات لتطبيق الابتكارات الجديدة هو عدم قدرة الناس أو بطأهم في تقبل التغيير؛ أو في ارتفاع كُلفة التغيير للأفضل.
وأنه لتطبيق الحلول الجديدة يجب إشراك كافة طوائف ومنظمات المجتمع في مناقشة تلك الحلول من خلال وجهات نظر ومجالات وتخصصات من خارج مجال الابتكار ذاته؛ وذلك لتمهيد العقول لتقبل التغيير من خارج مجال الابتكار.
الإشارات الضعيفة:
مع ازدياد تعقد المجتمعات؛ تحدث إرهاصات إو إشارات ضعيفة لحدوث أزمات أو تعيرات في المستقبل؛ ولكن لا يتم إلتقاطها إلا من خلال بعض خبراء المجال الذين يراقبون تلك الإشارات الضعيفة باستمرار؛ والتي قد يؤدي بعضها للتغيير وقد يتلاشى بعضها دون حدوث أي أزمات.
وعندما يحذر الخبراء الناس من وجود إشارات لحدوث أزمات مستقبلية فإن غالبًا لا يتم الاهتمام بتلك التحذيرات أو التفكير فيها أو الاستعداد لها من قِبل منظمات المجتمع المختلفة. ومثال على ذلك الأزمة القتصادية في العالم والتي بدأت منذ عام 2007/2008؛ وكذلك جائحة كورونا (كوفيد ١٩)؛ فقد حذر الخبراء من إمكانية حدوث تلك الأزمات قبل وقوعها بفترة ولكن لم تكن الأنظمة الاجتماعية جاهزة لمواجهة تلك الأزمات حتى يوم حدوثها.
ولكي نُصبح خبراء في استشراف المستقبل والاستعداد لتحدياته فيجب أن نكون منفتحين عقليًا ومدركين جيدًا لاستكشاف تلك الإشارات الضعيفة التي تشير لتغير عالمنا.
ولكي ينجح الإنسان في مواجهة تلك التحديات فيجب أن يتعلم مشاركة اكتشافاته الصغيرة جدًا مع الآخرين في المجتمع وتلقي اكتشافاتهم كذلك باهتمام إذا أردنا التأثير في العالم والتجكم في تغيراته بشكل إيجابي.
فلا وجود للمستقبل قبل ابتكاره؛ وما ننتظره فعليًا في المستقبل هو ذاتنا؛ فالتكنولوجيا لا تحدث لنا؛ بل نحن من نبتكرها ونمنحها وجهتها ونعطيها معناها وقيمتها؛ وقد حان الوقت ليسيطر الإنسان على التكنولوجيا بدلًا من أن تسيطر عليه بمنتجاتها.
طبيعة التغيير:
عندما تبدأ الإشارات الضعيفة؛ أو التفكير في تقنية جديدة لا يعني ذلك اختراعها وتطبيقها؛ ولكن قد يتأخر ذلك كثيرًا؛ ولكن عندما يبدأ التغيير فإنَّه يحدث أُسِّيًّا وليس خطِّيًّا؛ بمعنى أنه عندما يبدأ الابتكار فإنه قد لا يؤدي إلى التغيير لمدة طويلة جدًا قد تستمر لعقود؛ ثم وفي مدة قصيرة من عام أو عامين قد يتسارع التغير بشكل هائل ويتضاعف بشدة.
موجات التغيير:
إن التغيير لا يحدث كذلك بشكل تلقائي أو سهل مهما كان بطيئًا؛ بل يمر بفترة من الاضطراب تتصارع فيه الأفكار والتقنيات القديمة مع الأفكار والتقنيات الحديثة على البقاء. وعندما تثبت التقنية الحديثة أو موجة التغيير وتقنع المجتمع بجدواها وأهميتها فإنها تُحدث طفرة وتغيُّرًا كبيرا في النمو الاقتصادي قبل أن تُصبح نموذجًا قديمًا وتبدأ في الصراع مع تقنية أو موجة جديدة كذلك.
ويمر العالم حاليًا عبر تاريخ البشرية بالموجة السادسَة؛ ( 2020-2050)؛ وتتلخص في وجود مواد ذات كفاءة في استخدام الموارد الذكيَّة؛ وإنتاج وتوزيع الطاقة؛ ودمج الطبيعة البشرية مع التكنولوجيا. فيا تُرى ماذا ستحمل الموجة السابعة للبشرية؟