أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (البقرة: 214)
لست بصدد كتابة تفسير جديد للقرآن الكريم ولست أهلًا لذلك لكن تلك الآية الكريمة يكون لها فى نفسى وقع جميل كلما قرأتها، فأنا مثلى مثل كثير من الضعفاء الذين كثيرًا ما يتساءلون ولو حتى بينهم وبين أنفسهم: لماذا يتأخر نصر الله لإخواننا فى غزة على سبيل المثال؟، ورغم أنى، وأعتقد أن كثيرين مثلى، لا نعتبر أن الأشقاء فى غزة مهزومين حتى الآن رغم اقتراب عدد الشهداء من العشرين ألف شهيد، إلا أننى سأفترض جدلًا صحة ما يردده المرجفون والمتشككون فى بعض العواصم العالمية من أن غزة زائلة لا محالة خاصة بعد الدعم الأمريكى غير العادى الذى يقدمه بايدن النعسان (كما كان يصفه ترامب دائمًا) لإسرائيل، فلماذا فشلت كل تلك القنابل الأمريكية وكل أسلحة الدمار الشامل حتى الآن فى إبادة غزة ومحو فلسطين وقضيتها من خريطة العالم وأجندته؟!. تلك الحرب تقترب من شهرها الثالث ولا يزال الصهاينة هم من يصرخون من الألم ويدفعون ثمنًا باهظًا لتعنتهم فى الاعتراف ولو بأقل القليل من الحقوق الفلسطينية.
أما عن تأخر النصر، فهذه مسألة وقت وصفها الله فى كتابه العظيم بأنها فترة وجيزة جدًا بقوله تعالى معقبًا على سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام رضى الله عنهم: متى نصر الله فأجابهم سبحانه وتعالي:«ألا إن نصر الله قريب».
لاحظت أن الآية التى جاءت بعد آية بشرى قرب النصر بآية يقول فيها سبحانه وتعالي:-
«كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» (البقرة: 216).
هذه رسالة واضحة بأن القتال مكتوب على كل من يدافع عن قضيته العادلة حتى وإن كان هذا القتال الذى تكرهه الطبيعة البشرية غير متكافئ من النواحى المادية، فمقابل الأسلحة الفتاكة هناك سلاح الحق فى الأرض وهو أمضى من أى سلاح آخر لو تعلمون؛ لذا يكون القتال فى هذه الحالة كما وصفه الله تعالى بأنه «خير»، أما المهرولون نحو التطبيع والمرجفون، فسأفترض فى بعضهم حسن النوايا، لكنى ألفت أنظارهم لقول الله سبحانه وتعالى فى ختام الآية الكريمة «وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم»، فالتجربة أثبتت أن ذلك العدو غير جدير بالثقة، بل إنه استغل ذلك التطبيع مع العرب ليخرج لسانه لأشقائنا الفلسطينيين ضاربًا عرض الحائط بأى نداءات تطالبه بوقف الاعتداء على أصحاب الحق ومنحهم ولو بعضًا من حقوقهم المسلوبة، فكان أجدر بمن ينتظر دوره فى طابور المطبّعين الموعودين بالدعم العالمى، أن يعلنوها صراحة: لا تطبيع مع إسرائيل قبل استرداد الأشقاء لحقوقهم. وعلى الجميع استخدام ذلك السلاح على الأقل لتخفيف الضغط على الأشقاء. فإسرائيل لديها عقدة تاريخية من رفض التطبيع الشعبى معها وربما يكون ذلك التطبيع وحسن استخدامه وإدارته هو إحدى الوسائل الناجعة لحل نهائى يحصل به الفلسطينيون ولو على جزء من حقوقهم المغتصبة.
أما نحن الأغلبية الصامتة من الشعوب العربية والتى لا تملك للأشقاء سوى الدعاء فنحن على يقين بأنه مهما تأخر النصر من وجهة نظرنا فهو كما وعد الله قريب، فوعد الله، بالتأكيد، أصدق من أنظارنا، وهو حسبنا ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير.